طُلقت منذ ما يقارب سنتين ولدي ثلاثة أولاد : الأول عمره 19 سنة والثانية عمرها 17 سنة والثالث عمره 16 سنة ، الحمد لله الاثنان الأولان مختلان عقلياً وقد أمضيت حياتي أعتني بهم طوال الوقت حتى اللحظة ، لديهم دعم مالي حكومي بما يعني أنهم مكفيون مالياً والحمد لله . الآن بعد أن تطلقت يجلسون عند أبيهم طوال الشهر ما عدا عشرة أيام يأتون ليجلسوا معي ، خلال بقية المدة أذهب إلى بيت أبيهم والذي يذهب إلى العمل فأقوم برعايتهم .
سؤالي هو : هل لي حق كفالة أو حضانة هؤلاء الأولاد وأن يبقوا معي طوال الوقت ؟ وما الحكم لو تزوجت ، فأنا أعلم أن الأم إذا تزوجت فإن الحضانة تنتقل إلى الأب لكن هؤلاء معاقون وأنا الوحيدة القادرة على رعايتهم كما ينبغي ، فهل لي الحق والحالة هذه أن يبقوا معي ؟ وهل يجوز لي أن أتصرف في بعض المال الذي يحصلون عليه ؟
الأم أحق بحضانة ابنها المعتوه ولو كان كبيرا ما لم تتزوج
السؤال: 128654
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
المقصود بالحضانة حفظ المحضون والقيام بمصالحه .
والمحضون : هو من لا يستقل بأمور نفسه عما يؤذيه لعدم تمييزه كطفل ، وكبير مجنون أو معتوه .
جاء في الموسوعة الفقهية (17/301) :
” تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ عَلَى الصَّغِيرِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ – الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ – بِالنِّسْبَةِ لِلْبَالِغِ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ ” انتهى .
وقال الحجاوي في “زاد المستقنع” (ص 206) في باب الحضانة :
” تجب لحفظ صغير ومعتوه ومجنون ” انتهى .
والأم أحق بحضانة ولدها الصغير والمجنون من الأب .
قال المرداوي في “الإنصاف” (9/416) :
” وأحق الناس بحضانة الطفل والمعتوه أمه بلا نزاع ” انتهى .
وقال ابن قدامة في “المغني” (8/192) :
” إِنَّمَا يُخَيَّرُ الْغُلَامُ [ يعني : يخير بين أبويه إذا بلغ سبع سنوات ] بِشَرْطَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ , فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَضَانَةِ , كَانَ كَالْمَعْدُومِ , وَيُعَيَّنُ الْآخَرُ .
الثَّانِي : أَنْ لَا يَكُونَ الْغُلَامُ مَعْتُوهًا , فَإِنْ كَانَ مَعْتُوهًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ , وَلَمْ يُخَيَّرْ ; لِأَنَّ الْمَعْتُوهَ بِمَنْزِلَةِ الطِّفْلِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا , وَلِذَلِكَ كَانَتْ الْأُمُّ أَحَقَّ بِكَفَالَةِ وَلَدِهَا الْمَعْتُوهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ ، وَلَوْ خُيِّرَ الصَّبِيُّ , فَاخْتَارَ أَبَاهُ , ثُمَّ زَالَ عَقْلُهُ , رُدَّ إلَى الْأُمِّ , وَبَطَلَ اخْتِيَارُهُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا خُيِّرَ حِينَ اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ , فَإِذَا زَالَ اسْتِقْلَالُهُ بِنَفْسِهِ , كَانَتْ الْأُمُّ أَوْلَى ; لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَيْهِ , وَأَقْوَمُ بِمَصَالِحِهِ , كَمَا فِي حَالِ طُفُولِيَّتِهِ ” انتهى .
فعلى هذا ، أنت أحق من زوجك بحضانة أولادك المرضى عقلياً ، ما لم تتزوجي ، أما إذا تزوجت ، فالأب أحق بحضانة أولاده .
قال ابن قدامة في “المغني” (8/194) :
” الأم إذا تزوجت سقطت حضانتها ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ … لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِلْمَرْأَةِ : (أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ , مَا لَمْ تَنْكِحِي) وَلِأَنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ , اشْتَغَلَتْ حُقُوقُ الزَّوْجِ عَنْ الْحَضَانَةِ ” انتهى .
فإذا سقط حق الأم في الحضانة بزواجها ، فإنه ينتقل لمن بعدها ، وفي تعيين الأحق بعد الأم خلاف بين الفقهاء ، والصحيح أن الأب هو الأحق بعد الأم ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ورجحه الشيخ ابن عثيمين .
انظر : “الشرح الممتع” (13/535) .
ولا بد قبل ذلك كله من مراعاة المقصود من الحضانة ، وهو القيام على شؤون المحضون ، وحفظه ورعايته ، فإذا كان الأب سيضيع أولاده وكان بقاؤهم مع الأم أصلح لهم بقوا مع الأم ، والذي يحكم في ذلك هو القاضي الشرعي ، وما دام لا وجود للمحاكم الشرعية في بلادكم ، فليس أمامك إلا الاتفاق مع أبيهم على ذلك ، أو رفع الأمر إلى المركز الإسلامي في مدينتكم وهم يقومون بما يستطيعون لحل هذه المشكلة .
ثانياً :
أما تصرفك في المال الذي يحصلون عليه .
فإن كنت محتاجة ، فلا حرج عليك في ذلك ، أما إذا كانت أموالك تكفيك ولست بحاجة إلى أموالهم ، فالأولى لك الاستعفاف عن أموالهم ، لقول الله تعالى في أكل ولي اليتيم من مال اليتيم : ( وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/6 .
ولأنك إذا كنت فقيرة فنفقتك واجبة عليهم في أموالهم .
ونسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير حيث كان .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب