مسيرة المسيح الدجال وأتباعه فيها ؟
السؤال: 129164
عندما نطالع حديث ظهور الدجال نجد أن جزيرة العرب والشام والعراق هي الأماكن التي ستشهد قوات المسلمين الذين سيتصدون للدجال ، وأن الصالحين من أهل الشام والعراق سيستنصرون بالمهدي في أرض الحجاز .
لكن لم أجد ذكرا لبلدان إسلامية أخرى مثل مصر والمغرب وخراسان والهند ، فهل يمكن أن نعرف ماذا سيحدث للمسلمين في تلك البلدان ؟ هل ارتدوا في ذلك الوقت عن الإسلام قبل ظهور الدجال ؟ أم إن الدجال قد أهلكهم جميعا فلم يستطيعوا محاربته ولاقوا حتفهم على يديه؟ أم آمنوا واعتقدوا في الدجال وصاروا من جنده وأتباعه ؟
ولقد ذكر أن كثيرا من أتباع الدجال هم من الأعراب ومن النساء ومن أهل فارس والترك والأعاجم ، بسبب ضحالة معرفتهم .
ولقد أخبرني شخص ما أيضا بأن أتباعه ليسوا من متحدثي اللغة العربية ، لكني لا أجد دليلا على صحة قوله وثبوته ، فهل صحيح هذا الأمر ؟
وهل يعد هذا تحفيزا للآخرين لتعلم اللغة العربية ؟
وهل سيكون من أتباع الدجال مَن هم على الفطرة نتيجة لقلة معرفتهم ؟
يبدو أني أثقلت عليك بأسئلتي ، لكن أود تبين أمري ، وتصحيح رأيي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يمكن الجواب عن خروج الدجال وطريقه وأتباعه ضمن المسائل الواردة في السؤال في
النقاط الآتية :
أولا :
بينت الأدلة الصحيحة أن خروج المسيح الدجال يبدأ من المشرق ، وتحديدا من إقليم
خراسان، بل بالأخص من أصبهان في إقليم خراسان ، وهي من بلاد إيران اليوم :
عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(
الدَّجَّالُ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانُ ،
يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ )
رواه الترمذي (2237) وقال : حديث حسن غريب ، وحسنه الألباني .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :
(
يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ ، مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا
مِنْ الْيَهُودِ ، عَلَيْهِمْ السيجان )
رواه أحمد (21/55) وحسنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة.
وعن
عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(
وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ ) رواه أحمد (41/15) وحسنه
المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
”
يكون بدء ظهوره من أصبهان ، من حارة يقال لها : اليهودية ” انتهى.
”
النهاية ” (ص/59)
ثانيا
:
تنتقل هذه الفتنة – التي هي أكبر فتنة منذ خلق آدم إلى قيام الساعة – إلى أرجاء
الأرض ، والظاهر من الأحاديث أنها تعم الأرض ، فقد جاء أنه لا تبقى مدينة إلا
ويدخلها الدجال غير مكة والمدينة والمسجد الأقصى ومسجد الطور .
عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(
إِنَّ الأَعْوَرَ الدَّجَّالَ مَسِيحَ الضَّلاَلَةِ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ
الْمَشْرِقِ فِي زَمَانِ اخْتِلاَفٍ مِنَ النَّاسِ وَفُرْقَةٍ ، فَيَبْلُغُ مَا
شَاءَ اللَّهُ مِنَ الأَرْضِ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، اللَّهُ أَعْلَمُ مَا
مِقْدَارُهَا ، اللَّهُ أَعْلَمُ مَا مِقْدَارُهَا – مَرَّتَيْنِ – )
رواه ابن حبان في ” صحيحه ” (15/223) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير علي بن
المنذر وهو ثقة . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” أخرجه البزار بسند جيد ”
انتهى. ” فتح الباري “. وصححه الألباني في ” صحيح الموارد ” (1598)
قال
الحافظ ابن حجر رحمه الله :
”
وأما متى يهلك ومن يقتله ؟ فإنه يهلك بعد ظهوره على الأرض كلها إلا مكة والمدينة ،
ثم يقصد بيت المقدس فينزل عيسى فيقتله ، أخرجه مسلم أيضا ” انتهى.
”
فتح الباري ” (13/92)
وانظر جواب السؤال رقم :
(32665)
ثالثا
:
يقول الشيخ مشهور حسن سلمان :
”
دلت أحاديث وآثار كثيرة صحيحة على خروج الدجال من ( خُراسان ) و( أصبهان )، وهبوطه
( خوز ) و( كرمان ) – وهي جميعاً الآن في (إيران) – ، وينزل قرية ( كوثا ) -وهي في
نحو منتصف الطريق بين ( المحاويل ) و ( الصويرة ) ، وهي على (26) كيلو متراً من
الأولى ، وتعرف اليوم بـ ( تل إبراهيم ) و ( تل جبل إبراهيم ) ؛ لوجود مرقد عليه
قُبة في أعلى التل ينسب إلى إبراهيم – انظر: ” بلدان الخلافة الشرقية ” (ص 94-95) –
وسمي بـ ( خلة ) بين العراق والشام ، ويدخل الأردن ، ويبدأ هلاكه بـ ( عقبة أفيق )
وهي قرية من حوران في طريق ( الغور ) ، والعامة تقول : ( فيق ) ، تنزل هذه العقبة
إلى ( الغور ) وهو الأردن ، وهي عقبة طويلة نحو ميلين . أفاده ياقوت في ” معجم
البلدان ” (1/233)، ثم يتحول إلى فلسطين ، ويتم هلاكه في مدينة ( اللد ) . ويسبقها
– والله أعلم – إتيانه الحجاز ، ونزوله بسبخة في المدينة – هي (سبخة الجرف) غربي
جبل أحد -، وتفصيل ذلك حديثيّاً يطول، وأكتفي بالإحالة على المصادر …” انتهى.
”
العراق في أحاديث وآثار الفتن ”
رابعا
:
يتبع الدجال طوائف كثيرة من الناس يومئذ ، وهم على أصناف :
1-
الكفار عموما ، فهم أكثر الناس فتنة به وبما يظهره الله على يديه من الخوارق .
2-
اليهود خاصة ، حيث ورد أنه يتبعه سبعون ألفا من يهود أصبهان .
3-
كثير من المسلمين الذين يفتنهم بالخوارق التي تظهر على يديه ، وخاصة عوام المسلمين
وجهلتهم من الأعراب والنساء والصغار .
يقول الدكتور يوسف الوابل :
”
أكثر أتباع الدجال من اليهود والعجم والترك ، وأخلاط من الناس ، غالبهم الأعراب
والنساء. روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ( يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة ) وفي رواية
للإمام أحمد : ( سبعون ألفا عليهم التيجان )، وجاء في حديث أبي بكر: ( يتبعه أقوام
كأن وجوههم المجان المطرقة ) رواه الترمذي . قال ابن كثير : والظاهر والله أعلم أن
المراد هؤلاء الترك أنصار الدجال . قلت – أي يوسف الوابل –
:
وكذلك بعض الأعاجم كما جاء وصفهم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( لا تقوم الساعة
حتى تقاتلوا خوزا وكرمان من الأعاجم ، حمر الوجوه ، فطس الأنوف ، صغار الأعين ، كأن
وجوههم المجان المطرقة ، نعالهم الشعر ). وأما كون أكثر أتباعه من الأعراب ، فلأن
الجهل غالب عليهم ، ولما جاء في حديث أبي أمامة الطويل قوله صلى الله عليه وسلم : (
وإن من فتنته – أي الدجال – أن يقول للأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد
أني ربك ؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان : يا بني !
اتبعه فإنه ربك )
وأما النساء فحالهن أشد من حال الأعراب ، لسرعة تأثرهن ، وغلبة الجهل عليهن ، ففي
الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ينزل
الدجال في هذه السبخة
بمرِّ قناة – واد في المدينة – ، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء ، حتى إن الرجل
يرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطا مخافة أن تخرج إليه )
مسند أحمد (7/190) ” انتهى.
”
أشراط الساعة ” (311-312)
والذي يظهر من الأحاديث أن القلة هي التي تثبت على الإيمان ، وأن أكثر أهل الأرض
يومئذ هم من أتباع الدجال .
قال
الحافظ ابن حجر رحمه الله :
”
وأخرج أبو نعيم في ترجمة حسان بن عطية أحد ثقات التابعين من ” الحلية ” بسند حسن
صحيح إليه قال : ( لا ينجو من فتنة الدجال إلا اثنا عشر ألف رجل ، وسبعة آلاف امرأة
) وهذا لا يقال من قبل الرأي ، فيحتمل أن يكون مرفوعا أرسله ، ويحتمل أن يكون أخذه
عن بعض أهل الكتاب ” انتهى.
”
فتح الباري ” (13/92)
خامسا :
وقد
لخص الحافظ ابن كثير قصة المسيح الدجال بعبارات جامعة يقول فيها :
”
بدء ظهوره من أصبهان ، من حارة منها يقال لها اليهودية ، وينصره من أهلها سبعون ألف
يهودي ، عليهم الأسلحة والتيجان ، وهي الطيالسة الخضراء ، وكذلك ينصره سبعون ألفاً
من التتار ، وخلق من أهل خراسان .
فيظهر أولاً في صورة ملك من الملوك الجبابرة ، ثم يدعي النبوة ، ثم يدعي الربوبية .
فيتبعه على ذلك الجهلة من بني آدم ، والطغام من الرعاعٍ والعوام ، ويخالفه ويَرُدُّ
عليه مَن هَدَى الله مِن عباده الصالحين وحزب الله المتقين .
يأخذ البلاد بلداً بلداً ، وحصناً حصناً ، وإقليماً إقليماً ، وكورة كورة ، ولا
يبقى بلد من البلاد إلا وطئه بخيله ورجله غير مكة والمدينة ، ومدة مقامه في الأرض
أربعون يوماً يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيام الناس هذه ،
ومعدل ذلك سنة وشهران ونصف شهر .
وقد
خلق الله تعالى على يديه خوارق كثيرة يضل بها من يشاء من خلقه ، ويثبت معها
المؤمنون فيزدادون بها إيماناً مع إيمانهم ، وهدى إلى هداهم .
ويكون نزول عيسى بن مريم مسيح الهدى في أيام المسيح الدجال مسيح الضلالة ، على
المنارة الشرقية بدمشق ، فيجتمع عليه المؤمنون ويلتف به عباد الله المتقون ، فيسير
بهم المسيح عيسى بن مريم قاصداً نحو الدجال ، وقد توجه نحو بيت المقدس ، فيدركهم
عند عقبة أفيق ، فينهزم منه الدجال ، فيلحقه عند مدينة باب لد ، فيقتله بحربته وهو
داخل إليها ، ويقول إن لي فيك ضربة لن تفوتني ، وإذا واجهه الدجال ينماع كما يذوب
الملح في الماء ، فيتداركه فيقتله بالحربة بباب لدّ ، فتكون وفاته هناك لعنه الله ،
كما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح من غير وجه ” انتهى.
”
النهاية ” (ص/59)
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة