هل يكره الشرب في آخر الطعام؟
السؤال: 129300
قرأت في كتاب أنه يصح الشرب في بداية الطعام ووسطه ، ويكره في نهايته ؛ لأنه يسبب الأمراض ، فهل لذلك مستند من الكتاب أو السنة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ليس
في الكتاب والسنة ما يدل على كراهة شرب الماء أثناء الطعام أو عقبه ، وإنما هو أمر
يتناقله الفقهاء من جهة الطب القديم ، فقد كان متقرراً لدى الأطباء أن الشرب أثناء
الطعام أو بعد الفراغ منه مباشرة يفسد الهضم على المعدة ، ويسبب بعض الأدواء ، وهذه
بعض النقول عنهم :
قال
أبو حامد الغزالي رحمه الله :
”
لا يكثر الشرب في أثناء الطعام إلا إذا غص بلقمة ، أو صدق عطشه ، فقد قيل : إن ذلك
مستحب في الطب ، وإنه دباغ المعدة ” انتهى .
”
إحياء علوم الدين ” (2/5) .
وقال ابن الجوزي رحمه الله :
”
ولا يشرب الماء في أثناء الطعام ، فإنه أجود في الطب ، وينبغي أن يقال إلا أن يكون
ثَمَّ عادة” انتهى . يعني : إلا أن يكون من عادته الشرب أثناء الطعام فلا بأس .
نقلا عن ” الآداب الشرعية ” لابن مفلح (3/178) .
وقال ابن مفلح رحمه الله :
“وتفسد الفاكهة بشرب الماء عليها ، قال بعض الأطباء : مصابرة العطش بعد جميع
الفواكه نعم الدواء لها , ورأيت بعض الناس يشرب الماء بعد التوت الحلو غير الشامي
وبعد التين ويقول : إنه نافع يهضمه ويحكيه عن بعض الأطباء , والمعروف عن الأطباء
أنهم نهوا عن شرب الماء بعد الفواكه مطلقا ويقولون : إنه مضر , وذكر الأطباء أنه
يشرب بعد التوت والتين السكنجبين وأنه يدفع ضرره ” انتهى .
”
الآداب الشرعية ” (3/214) .
وقال المرداوي رحمه الله :
“ولا يشرب في أثناء الطعام . فإنه مضر , ما لم يكن عادة” انتهى .
”
الإنصاف ” (8/332) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
”
يكره الشرب في أثناء الطعام بلا عادة ، فإن كان الإنسان اعتاد هذا فلا بأس ، قال
بعضهم : ويكره أيضاً بعد الطعام مباشرة بلا عادة ، وقوله : ( بلا عادة ) يفهم منه
أن المسألة ترجع إلى ناحية طبية ، قالوا : لأن الشرب أثناء الطعام يفسده ، وتزول به
منفعته ، وكذلك إذا شرب مباشرة ، فإذا كان قد اعتاد هذا فإنه لا يضره . وقال بعضهم
أيضاً : إنه إذا شرب أثناء الطعام فإنه يشعر أن معدته كالسقاء ترجرج ، أما إذا كان
هناك عادة ، فالعادات لها طبائع ثابتة ، فكثير من الناس لا يهمه أن يشرب أثناء
الطعام أو بعده مباشرة فلا يضره ؛ لأنه معتاد .
ثم
إن الطعام إذا كان حاراً والماء بارداً صار هناك مضرة من جهة أخرى ، وهي ورود
البارد على الحار ، ومعلوم أن الحار يوجب تمدد العروق والجلد ، فإذا جاء البارد
تقلص بسرعة ، فيكون في ذلك خطر ” انتهى .
”
الشرح الممتع ” (12/366-367)
فهذه أقوال بعض العلماء الذين ذكروا هذه المسألة ، وواضح أنهم إنما ذكروا ذلك من
جهة الطب ، ولذلك لم يستدل أحدهم على هذا بدليل من الكتاب أو السنة .
أما
أبحاث الطب الحديث في هذا الشأن ففيها بعض الاختلاف ، فنترك مجال البحث فيها لأهل
الاختصاص ، ولا نجزم نحن فيها بشيء .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟