توفيت أمي منذ شهر ، ولقد جاء إلى مسامعي أخبار – وهو ما لم يكن جيِّداً من ناحيتي ، لكنه حدث – عن عزم والدي على الزواج ، رغم أنه تجاوز الستين عاماً ، رغم أنني ما زلت أنا – ولده – عزباً ، في بادئ الأمر تأثرت من داخلي جدّاً بتلك الأخبار ، لكني قرأت مؤخراً عدة مقالات ، وتوصلت إلى أنه ليس هناك خطأ في فعل ذلك ؛ حيث إن في الإسلام سعة لزواجه لأسباب عديدة ، ومشكلتي هي أن والدي يريد رأيي في ذلك الأمر ، فكيف يكون ردة فعلي وإخباري له برأيي الحقيقي ؟ وهل يمكن أن لا أشارك في هذا الأمر ؟ حيث أفهم أن التعدد مباح في الإسلام إلا أني أشعر بالحزن نحو أمي ، وفضلاً على ذلك أجد من الصعوبة المشاركة في قرار زواجه .
والده يرغب بالزواج بعد وفاة أمه فهل يؤيده مع أنه شاب يريد الزواج أيضا؟
السؤال: 129352
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الواجب على الآباء الالتفات لحاجة أولادهم – ذكوراً وإناثاً – للزواج ، وعدم التفريط في تمكينهم منه ، والإعانة عليه ، وإنه لمن المؤسف أن نرى اهتمام الآباء منصبّاً على توفير الطعام ، والشراب ، واللباس ، والتعليم ، ويغفلون عن حاجتهم للزواج .
لذا نوصي الآباء بأن يتنبهوا لهذا الأمر ، وأن يولوه عنايتهم ، ولا يستهينوا بحاجة أولادهم للزواج .
ولا ينبغي للآباء انتظار طلب الزواج من أولادهم ؛ فإن هذا قد يكون محرجاً لهم ، وخاصة الإناث ، بل عليهم أن يبادروا هم بعرض الأمر عليهم ، بل وحثهم عليه ، على أن تتولى الأم ذلك مع بناتها .
وقد بينا في جواب السؤال رقم (83191 ) أنه يجب على الآباء أن يزوجوا أولادهم ، فلينظر.
ثانياً :
كما أن الحاجة للزواج تكون من الشباب : فإنها تكون كذلك من الكبار ، فليس هناك ما يمنع الآباء ولو كانوا كباراً في السن من التزوج ، ولا يشترط أن تكون الحاجة للزواج من أجل الشهوة فقط ، بل قد يحتاج الكبير للرعاية ، والعناية ، والخدمة ، ما لا يقوم به إلا زوجته .
فتنبه لذلك أخي السائل ، واعلم أنه ليس هناك ما يعيب والدك إن طلب التزوج ، بل إن هذا مما يُمدح عليه ، ولولا حاجته للتزوج لم يطلبه ، وغالب الآباء يتفرق عنهم أولادهم بعد حين ، وكل واحد منهم يعيش حياته مع أسرته ، ويبقى ذلك الأب المسكين وحده يتجرع مرارة الوحدة ، ويذوق مرَّ العزلة ، مع كبر سنه ، وعجزه عن خدمة نفسه بنفسه ، فيحتاج في هذه السن المتقدمة إلى من يخدمه ويؤنسه ، وقد أباح الله ما يرفع ذلك عنه ، ويُبقي له كرامته التي تضيع في كثير من الأحيان ، بتركه من غير طعام ، ولا عناية ، ولا أنس .
وكما يجب على الآباء تزويج أولادهم ، وعدم انتظار طلبهم ذلك : فكذلك على الأولاد تزويج والديهم ، وعدم انتظار طلب ذلك ، وقد يكون الإحراج من الوالدين أعظم منه من الأبناء ، فليكن الأبناء على دراية بهذا ، وليحسبوا حسابه ، وموت أحد الوالدين من مدة قريبة لا ينبغي أن يكون سبباً للمنع من التزوج ، أو التهوين من شأنه ، فعجلة الحياة دائرة ، ولن يوقفها موت أحد .
وفي الجواب المحال عليه ،رقم (83191) تجد بيان وجوب تزويج الأبناء لآبائهم إن احتاجوا ذلك ، فلينظر .
والذي عليك فعله مع والدك :
1. الثناء عليه وتصويب فعله في عزمه على الزواج ، لأن كثيرا من الآباء يتخوفون من رفض أولادهم هذا الزواج مما يتسبب في فساد العلاقة بينهم . ولهذا السبب طلب والدك رأيك في هذا الأمر ، فلابد أن تظهر له الموافقة حتى يتشجع على هذا .
2. الوصية له باختيار ذات الدين ، والعقل ؛ لتتناسب مع سنِّه ، وحاله .
3. أن تعينَه بما تستطيع ماديّاً ، ومعنويّاً .
4. أن تُخبره حاجتك للزواج دون تردد ، ولا خوف ، وتختار الوقت المناسب ، وقد يكون من المناسب تأخير ذلك حتى يتزوج هو .
وانظر – للأهمية – جواب السؤال رقم : (102030 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة