أود المكوث في مجلسي لأداء الأذكار بعد صلاة الفجر ولكن ما يضطرني للمغادرة هو أن القائمين على المسجد من المتصوفة الذين يؤدون الذكر بشكل جماعي، فهل أغادر أم أجلس وأتجاهل ما يفعلون؟
الاجتماع على رفع الصوت بالذكر في المساجد من البدع المحدثات
السؤال: 129900
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
قد وردت السنة بالترغيب في المكث في المسجد عقيب الصلوات المكتوبات ، والانشغال بذكر الله ؛ فروى البخاري (659) ومسلم (649) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ ، تقول : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ . لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ ، لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ ) .
ويتأكد ذلك بعد صلاتي الفجر والعصر ؛ للانشغال بأذكار الصباح والمساء .
فروى أبو داود (3667) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ ، وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً )
حسنه الألباني في “الصحيحة” (2916) .
ثانيا :
السنة في حق من جلس في المسجد لذكر الله ، أو تلاوة القرآن ، أو الصلاة : أن يخفض صوته بذلك كله ، ما دام هناك غيره ؛ لئلا يصل صوته إلى الآخرين فيشوش عليهم أمرهم ، ويلبس عليهم عبادتهم . وكما أن ذلك هو الذي مضت به السنة ، فهو أجمع للقلب على الله ، , وأدنى إلى الإخلاص ، إن شاء الله .
روى الإمام أحمد رحمه الله (18543) عَنِ فروة بن عمرو رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَنْظُرْ مَا يُنَاجِيهِ ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ ) .
ورواه ابن الجعد في “مسنده” (1575) وزاد : ( فتؤذوا المؤمنين ) .
وصححه الألباني في “الصحيحة” (1597)
قال علماء اللجنة الدائمة :
” ذكر الله جماعة بصوت واحد على طريقة الصوفية بدعة ، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (1 / 138) .
ثالثا :
إذا أمكنك الجلوس في مصلاك ، بعيدا عن التشويش ، لتقرأ أذكارك وأورادك في نفسك : فهو طيب ؛ فتكون حصلت الخير الذي قصدته ، وتركت ما هم عليه من بدعتهم ، من غير أذى ولا ضرر .
اللهم إلا أن يكون في جلوسك منفردا عنهم : إيغار للصدور ، وفتح لباب العداوات والشحناء ، وربما تطور إلى مفاسد أخرى : فهنا يكون خروجك من المسجد ، وقراءتك لأذكارك في بيتك أفضل .
وهكذا الحال : إذا كان صوتهم مرتفعا ، بحيث لو جلست شوشوا عليك أمرك ، فلا تجلس معهم ، وأكمل أذكارك في بيتك .
لكن إن أمكنك أن تنصح لهم بالحسنى ، وغلب على ظنك أنهم سيستمعون لك من غير مفسدة ولا تحريك عداوة : فالواجب عليك ألا تعتزلهم حتى تنصح لهم ، حتى ولو لم يتركوا ما هم فيه ؛ فتكون أنت قد فعلت الواجب عليك .
وإن وجدت مسجدا آخر ، أقرب إلى السنة ، وأبعد من البدعة ، فاجعل صلاتك وجلوسك للذكر فيه ، فهو أنفع لك ، وأسلم لقلبك ، بعد أن تكون قد نصحت لهم بما عندك ، كما سبق .
والله أعلم .
راجع إجابة السؤال رقم : (10491)
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة