عمري 15 سنة ، وقد تبنتني عائلة أفغانية عندما كان عمري ستة أشهر ، وذلك بسبب أن والداي كانا فاسدين ، ولم يكونا يصلحان لتربيتي ، وتم تغيير اسمي ، ولكنني لم أرضع من والدتي التي تبنَّتني ، فهل يعني هذا أنها ليست محرَماً لي ، وأنه يجب أن لا تظهر عليّ ؟ وما هي الأحكام المتعلقة بحالتي ؟
تبنَّته أسرة بسبب فساد أهله ، ونسبوه لهم ، فماذا يترتب على ذلك التصرف؟
السؤال: 129988
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
كان التبني أول أمر الإسلام جائزاً ، وكان يُنسب المتبنَّى إلى من تبنَّاه ، ثم حرَّمه الله تعالى ، وأمر بأن يُنسب كل أحدٍ لأبيه .
قال الله تعالى : (… وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ . ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/ 4 ، 5 .
ولا يُعرف خلاف بين العلماء في هذا الحكم .
وفي “الموسوعة الفقهية” (10/121 ، 122) :
“حرَّم الإسلام التبنِّي ، وأبطل كل آثاره ، وذلك بقوله تعالى : (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) ، وقوله تعالى : (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ) .
وقد كان التبنِّي معروفاً عند العرب في الجاهلية ، وبعد الإسلام ، فكان الرجل في الجاهلية إذا أعجبه من الرجل جَلَده ، وظَرْفَه ضمَّه إلى نفسه ، وجعل له نصيب ابنٍ مِن أولاده في الميراث ، وكان يُنسب إليه فيقال : فلان بن فلان ، وقد تبنَّى الرسولُ صلى الله عليه وسلم زيدَ بن حارثة قبل أن يشرِّفه الله بالرسالة ، وكان يُدْعى ” زيد بن محمد ” ، واستمر الأمر على ذلك إلى أن نزل قول الله تعالى : (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ) إلى قوله : (وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) ، وبذلك أبطلَ الله نظام التبنِّي ، وأمرَ مَن تبنَّى أحداً ألا يَنسبه إلى نفسه ، وإنما يَنسبه إلى أبيه إن كان له أب معروف ، فإن جُهل أبوه : دُعيَ ” مولى ” ، ” وأخا في الدين ” ، وبذلك مُنع الناس من تغيير الحقائق ، وصِينت حقوق الورثة من الضياع ، أو الانتقاص” انتهى .
وعليه : فيجب على تلك الأسرة المبادرة لإصلاح ما أفسدوه ، وعليهم إبطال نسبك إليهم في الأوراق ، والوثائق الرسمية ، وعليهم إرجاع الأمور لنصابها الشرعي ، وذلك بالشهادة على نسبك الحقيقي ، وتثبيت ذلك في الوثائق ، وفساد الأسرة ليس عذراً في نفي النسبة إليهم .
وبهذا يُعلم الجواب عن أصل السؤال ، وهو أن الأسرة التي تتبنى ذكراً ، أو أنثى : فإنه لا يكون بينهم علاقة نسب بذلك التبني ، وعليه : فهم أجانب ، لا يحل معاملتهم كما تُعامل الأسرة في الأحكام ، فالمرأة التي تبنتْك : أجنبية عنك ، ولا يحل لك رؤيتها ، فضلاً عن مسِّها ، وتقبيلها ، ولا تكون محرَماً لها ، ولا لبناتها .
والنبي صلى الله عليه وسلم تزوج بزوجة ابنه المتبنَّى “زيد” – وهي زينب بنت جحش رضي الله عنها – بعد تطليق زوجها له ، وهذا تطبيق عملي من الرسول صلى الله عليه وسلم لإبطال آثار التبني .
نعم ، لو أن تلك المرأة المتبنية قد أرضعت الطفل المتبنى وهو دون السنتين ، خمس رضعات : لصار ابناً لها في الرضاعة ، ولصار زوجها أباً له في الرضاعة ، ولصار أولادهم جميعاً إخوة له وأخوات في الرضاعة ، وبما أن ذلك لم يكن – بحسب قولك – : فتكون تلك المرأة أجنبية عنك ، وعليها الاحتجاب عنك ، وتعامل كما تعامل المرأة الأجنبية في الأحكام .
وينبغي لك أن تبرَّ تلك الأسرة ، وتعتني بأحوالهم ، وتتفقد أمورهم ؛ لما لهم من فضل عليك .
وانظر – لمزيد فائدة – أجوبة الأسئلة : (4696 ) و (6102 ) و ( 95216 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة