عندي بعض الخواطر الإسلامية فهل يجوز لي أن أنشرها باسمي ؟ وهل هذا رياء ؟ وهل إذا لم أذكر اسمي عليها فيها أجر أكبر ؟
هل ينشر خواطره باسمه أم أن ذلك رياء؟
السؤال: 130338
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الخواطر التي تخطر بالنفس منها ما هو صحيح ، ومنها ما هو خطأ ، فينبغي لمن عرض له عارض ، من فكرة أو خاطرة ، أن يعرض ذلك على الكتاب والسنة ، وأن يستشير أهل العلم ، فإن ظهر له أن ما خطر له صوابٌ نشَره ، وإن ظهر له أنه خطأ تراجَع عنه .
وقد كان بعض العلماء يكتبون خواطرهم والفوائد التي يقفون عليها ، فعل ذلك ابن الجوزي رحمه الله ، وجمعها في كتابه “صيد الخاطر” .
وفعل ذلك ابن القيم في كتابيه “الفوائد” و “بدائع الفوائد” .
قال ابن القيم رحمه الله :
“ومن كيده – يعني الشيطان – : أنه يحسن إلى أرباب التخلي والزهد والرياضة العملَ بها جسهم وواقعهم دون تحكيم أمر الشارع ويقولون : القلب إذا كان محفوظاً مع الله كانت هواجسه وخواطره معصومة من الخطأ ، وهذا من أبلغ كيد العدو فيهم ؛ فإن الخواطر والهواجس ثلاثة أنواع : رحمانية وشيطانية ونفسانية ، كالرؤيا ، فلو بلغ العبد من الزهد والعبادة ما بلغ فمعه شيطانه ونفسه لا يفارقانه إلى الموت , والشيطان يجري منه مجرى الدم ، والعصمة إنما هي للرسل صلوات الله وسلامه عليهم الذين هم وسائط بين الله عز وجل وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه ووعده ووعيده , ومن عداهم يصيب ويخطئ وليس بحجة على الخلق .
وقد كان سيد المحدَّثين المُلهمين : عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول الشيء فيرده عليه
من هو دونه فيتبين له الخطأ فيرجع إليه ، وكان يعرض هواجسه وخواطره على الكتاب والسنة ولا يلتفت إليها ولا يحكم بها ولا يعمل بها . فما يلقى في القلوب لا عبرة به ولا التفات إليه إن لم يعرض على ما جاء به الرسول ويشهد له بالموافقة ، وإلا فهو من إلقاء النفس والشيطان” انتهى باختصار من “إغاثة اللهفان” (1/ 122-125)
وعلى هذا ، إذا كانت هذه الخواطر صحيحة وليست مخالفة للكتاب والسنة ، فلا مانع من نشرها ، وأنت مثاب على ذلك ، بإذن الله .
أما كتابة اسمك عليها فلا يلزم أن يكون ذلك رياءً .
فقد يقصد بعض الناس من كتابة اسمه الشهرة بين الناس ، ويطلب بذلك مدحهم ، فيكون قد وقع في الرياء .
وقد يقصد آخرون مقاصد أخرى صحيحة ، فلا يكون ذلك رياءً ، كما لو قصد التعريف بكاتب المقال ليكون ذلك أدعى لقبول قوله ، لا سيما إذا كان مشتهراً بالعلم وحسن الرأي .
أو يقصد بذلك أن يكون هناك تواصل بينه وبين من يريد نصحه أو مناقشته فيما كتب ، فتحصل له بذلك فائدة .
والحاصل : أن كتابة الاسم على المقال ، قد يكون ذلك رياء أو لا ، حسب مقصد الكاتب من كتابة اسمه .
ولا يقال :إن عدم كتابة الاسم أكثر أجراً ، لأن ذلك سيكون سبباً لعدم قبول الناس ما هو مكتوب ، لأن الناس ـ في الغالب ـ لا يقبلون كلاماً من شخص مجهول غير معروف .
فالأفضل كتابة الاسم على المقال ، وليجتهد الإنسان في أن يكون عمله خالصاً لله تعالى .
وقد تتابع العلماء على كتابة أسمائهم على كتبهم ومقالتهم ، لأن هذا هو الأحسن والأفضل ، حتى يقبل الناس كلامهم .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب