0 / 0

أحاديث مكذوبة في فضائل المعلم

السؤال: 131304

هل هذا الحديث الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو :
(خير الناس ، وخير من يمشي على وجه الأرض ، المعلمون لكتاب الله ، فإنهم كلما خلق الدين جددوه ، أعطوهم ولا تشاحوهم ، فإن المعلم إذا قال للصبي قل : ” بسم الله الرحمن الرحيم ” فقالها كتب الله براءة للصبي ، وبراءة للمعلم ، وبراءة لأبويه من النار)
ومنه :
(ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر ، ولا ينالهم الحساب ، وهم على كثيب من مسك حتى يفرغ من حساب الخلائق : رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وأم به قوما هم به راضون ، وداع يدعو إلى الصلاة ابتغاء وجه الله ، وعبد أحسن فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين مواليه) وكذلك عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع :
(اللهم اغفر للمعلمين ، وأطل أعمارهم ، وبارك لهم في كسبهم ومعاشهم)
وقال : (اللهم اغفر للمعلمين ، وأطل أعمارهم ، وأظلهم تحت ظلك ، فإنهم يعلمون كتابك)

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لمعلم الخير والقرآن في ديننا مكانة عظيمة ، ومنزلة عالية لا تكاد تعدلها منزلة أخرى ، إذ التعليم وظيفة الأنبياء وعمل الرسل الكرام ، وأي فضيلة أعظم من حمل ميراث الأنبياء وتقسيمه بين الناس .

ويكفي لبيان فضله قول النبي صلى الله عليه وسلم : (خَيْرُكُمْمَنْتَعَلَّمَالْقُرْآنَوَعَلَّمَهُ) رواه البخاري (5027) .

وأما الأحاديث الواردة في السؤال : فهي غير صحيحة ، ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

أما الحديث الأول فيروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المعلمون خير الناس ، كلما خلق الذكر جدوده ، عظموهم ، ولا تستأجروهم فتحرجوهم ، فإن المعلم إذا قال للصبي قل : (بسم الله الرحمن الرحيم) ، وقال الصبي : (بسم الله الرحمن الرحيم) كتب الله براءة للصبي ، وبراءة لوالديه ، وبراءة للمعلم من النار)

رواه ابن مردويه – كما عزاه إليه غير واحد – ، ومن طريقه ابن الجوزي في ” التحقيق في أحاديث الخلاف ” (2/219) ثم قال :

“هذا الحديث لا يجوز الاحتجاج به لأنه من عمل أحمد بن عبد الله الهروي ، وهو الجويباري ، وكان كذابا يضع الحديث” انتهى .

وكذا حكم عليه بالوضع كل من المزي ، وابن عبد الهادي ، والذهبي كما في “تنقيح تحقيق التعليق” (3/67) ، والشوكاني في “الفوائد المجموعة” (276) .

وأما حديث : (ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر ….إلخ) فقد رواه الطبراني وضعفه الألباني في “ضعيف الجامع” (2578) . وظاهرٌ أن الحديث ليس في فضل معلم القرآن .

وأما حديث : (اللهم اغفر للمعلمين – ثلاثا – ، وأطل أعمارهم ، وبارك لهم في كسبهم)

فرواه الديلمي في “مسند الفردوس” (1/500) ، ورواه الخطيب البغدادي في “تاريخ بغداد” (3/63) ، ومن طريقه ابن الجوزي في “الموضوعات” (1/221) في “باب ثواب المعلمين” عن ابن عباس رضي الله عنهما ، من طريق أصرم بن حوشب عن نهشل بن سعيد ، وكلاهما كذاب أو متهم بالكذب ، انظر “تهذيب التهذيب” (10/479) ، “ميزان الاعتدال” (1/272) .

ولذلك تواردت كتب الموضوعات على ذكر هذا الحديث والحكم عليه بالوضع ، منهم الخطيب البغدادي ، وابن الجوزي ، والسيوطي في “اللآلئ المصنوعة” (1/253) ، وابن عراق في “تنزيه الشريعة” (287) ، والشوكاني في “الفوائد المجموعة” (276) ، وملا علي القاري في “الأسرار المرفوعة” (107) ، وغيرهم .

وأما حديث : (اللهم اغفر للمعلمين ، وأطل أعمارهم ، وأظلهم تحت ظلك ، فإنهم يعلمون كتابك)  .

فهذا يرويه الخطيب البغدادي أيضا في “تاريخ بغداد” (12/399) ، ومن طريقه ابن الجوزي في “الموضوعات” (1/221) من طريق محمد بن الفرخان : قال الخطيب البغدادي : غير ثقة .وقال الذهبي رحمه الله : “ومحمد بن الفرخان افتراه ، وألصقه بابن عرفة بسند الصحيحين ، وزاد فيه : (وأظلهم تحت عرشك)” انتهى . “تلخيص الموضوعات” (ص/57) .

وإتماما للفائدة فقد ذكر الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله مجموعة من الأحاديث الموضوعة في فضل المعلم ، فقال :

“ومنها حديث : ( اللهم اغفر للمعلمين لا يذهب القرآن وأعز العلماء لا يذهب الدين ) وهو موضوع

ومنها حديث : ( من علم عبدًا آية من الكتاب فهو له عبد ) قال الحافظ ابن تيمية : هو موضوع , وقد رواه الطبراني .

ومنها حديث : ( الأنبياء قادة , والفقهاء سادة , ومجالستهم زيادة ) قال الصغاني : موضوع , ونقول : إنه زاد في مدح الفقهاء على مدح الأنبياء , وظاهره أن الواضع يريد المشتغلين بعلم الأحكام الظاهرة , ولم يكن يسمى هذا فقهًا في العصر الأول كما أنه لم يكن يومئذ في المسلمين صنف يلقبون بالفقهاء .

ومنها حديث : ( سأل النبي صلى الله عليه وسلم سائل عن علم الباطن : ما هو؟ فقال : سألت جبريل عنه , فقال : يقول الله : هو بيني وبين أحبائي وأوليائي وأصفيائي أودعه في قلوبهم , لا يطلع عليه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ) . ذكره في الذيل عن حذيفة مرفوعا . قال الحافظ ابن حجر : هو موضوع . ونقول : إن فيه من الضلالة أن الله يهب لهؤلاء الأولياء المعارف التي لا يهبها للأنبياء والملائكة على الإطلاق , والظاهر أن واضعه من مشايخ الطريق الدجالين .

ومنها حديث : ( من خرج في طلب العلم ؛ حفته الملائكة بأجنحتها، وصلت عليه الطير في السماء والحيتان في البحار , ونزل في السماء منازل سبعين من الشهداء ) . قالوا : في إسناده كذاب .

ومنها حديث : ( من تعلم بابًا من العلم ليعلمه الناس ابتغاء وجه الله ؛ أعطاه الله أجر سبعين نبيًّا ) . قالوا : في إسناده متروك . ونقول : قاتل الله أمثال هذا الواضع، فإنهم لم يزاحموا إلا الأنبياء عليهم السلام .

ومنها حديث : ( إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء ) إلخ ما هو مذكور في الإحياء وغيره , قال الحافظ الذهبي في الميزان : إنه موضوع .

ومنها حديث : ( طلب العلم ساعة خير من قيام ليلة , وطلب العلم يومًا خير من عبادة ثلاثة أشهر ) . في إسناده كذاب , وكأنه أراد أن يعتذر عن عدم عبادته .

ومنها حديث : ( إذا جلس المتعلم بين يدي المعلم ؛ فتح الله عليه سبعين بابًا من الرحمة ) إلخ , وهو موضوع .

ومنها حديث : ( من زار العلماء فقد زارني ، ومن صافح العلماء فقد صافحني ، ومن جالس العلماء فكأنما جالسني ، ومن جالسني في الدنيا أجلس إليّ يوم القيامة ) في إسناده كذاب .

ومنها حديث : ( الشيخ في قومه كالنبي في أمته ) . جزم ابن حجر وغيره بأنه موضوع . ومنها الحديث المشهور الذي يعلقه كثير من العلماء فوق رؤوسهم بالخط العريض تنبيهًا للناس على علو مقامهم وهو : ( علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) . قال ابن بحر الزركشي : لا أصل له ” انتهى.

” مجلة المنار ” (3/657).

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android