معنى قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض)
السؤال: 131782
سمعت من يقول في تفسير قول الله تعالى ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) قال : فما من أحد من العلماء المعتبرين قال إن المقصود هو الله تعالى ، إنما (مَنْ في السماء) ملائكته في السماء ، والموكل بالخسف هو سيدنا جبريل .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
أدلة علو الله تعالى على خلقه ، واستوائه على عرشه تبلغ المئات ، ولا يختلف أهل
السنة والجماعة وعلى رأسهم : أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان
أن الله تعالى فوق كل شيء ، مستوٍ على عرشه .
وقد
دل على ذلك : الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة ، وللوقوف على شيء من ذلك انظر
جواب السؤال رقم (992)
و (124469)
.
ثانياً :
أما
ما جاء في السؤال من أن قول الله تعالى : (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض)
: لم يقل أحد من العلماء المعتبرين إن المقصود هو الله تعالى ، وإنما المقصود
الملائكة ، فهذا كلام باطل كذب ، وبيان ذلك :
1.
أن الإمام الطبري شيخ وإمام المفسرين (توفي 310 هـ) قد قال بأن المقصود بقوله تعالى
(من في السماء) : إنه الله ، وهذا يكفي لتكذيب النفي الوارد في السؤال .
قال
الإمام الطبري رحمه الله :
“قول تعالى ذِكره : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) أيها الكافرون .
(أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) يقول : فإذا الأرض تذهب بكم ،
وتجيئ ، وتضطرب.
(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) وهو الله .
(أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا) وهو التراب فيه الحصباء الصغار” انتهى .
“تفسير الطبري” (23/513) .
وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :
“وأما قوله تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ)
الملك/16 فمعناه : مَن على السماء ، يعني : على العرش” انتهى .
“التمهيد” (7/130)
.
فهذان قولان لمفسِّر فقيه ، ومحدِّث فقيه ، وبهما يتبين بجلاء بطلان ذلك الزعم بأنه
لا أحد من العلماء المعتبرين يقول بأن معنى (من في السماء) إنه الله ، ولو شئنا
لسردنا عشرات النقولات عن الأئمة المعتبرين ، سلفاً ، وخلَفاً .
2.
جاءت آيات أخرى في القرآن الكريم ، تؤيد ما ذكرنا في تفسير هذه الآية ، وذلك أن
الله تعالى قد خسف بأهل معصيته الأرض ، أو يهددهم بأنه يخسف بهم الأرض ، وهو يؤكد
أن المقصود بـ “من في السماء” الله سبحانه وتعالى ، ومن هذه الآيات :
أ.
قوله تعالى عن قارون (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ) القصص/81 .
ب.
قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ
بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) النحل/
45 .
ج.
وقوله تعالى : (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ
إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ
الْأِنْسَانُ كَفُوراً . أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ
أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً . أَمْ
أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً
مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا
بِهِ تَبِيعاً) الإسراء/ 67 – 69 .
د.
وجاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحة في أن المراد بـ (من في السماء)
هو الله تعالى ، ولا تحتمل غير هذا المعنى :
أ.
قال صلى الله عليه وسلم : (أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِى السَّمَاءِ
، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً) رواه البخاري (4351) ومسلم
(1064) .
ب.
وقوله صلى الله عليه وسلم : (ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي
السَّمَاءِ) رواه الترمذي (1924) ، وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .
وبتأمل هذه الآيات والأحاديث يتبين خطأ ما زعمه ذلك الزاعم الذي جاء كلامه في
السؤال .
وكل
هذا يفعلونه ، ويتجرؤون عليه ، من أجل نفي صفة العلو لله تعالى ، والله المستعان .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة