التزام ابن أخيه بحفظ القرآن أثَّر سلباً على تحصيله الدراسي فكيف يصنع أهله ؟
السؤال: 132274
سؤالي يختص بحفظ القرآن ، حيث يبلغ ابن أخي من العمر 12 عاماً , وبدأ في الحفظ منذ حوالي 4 أشهر ، وهو يذهب للمدرسة ، ثم يذهب للمسجد لمدة ساعتين ونصف من يوم الاثنين إلى الجمعة ، والمشكلة التي نواجهها الآن أن مستواه بدأ يتأثر في المدرسة نتيجة لمقدار العمل ، والضغط الذي يتعرض له , وهو يحاول أن يقوم بأداء الفروض المدرسية ، وحفظ القرآن , وقد تدنت درجاته , وهو الآن تحت المستوى المطلوب الأمر الذي يقلقنا ؛ لأن أمامه اختبارات هامة في السنة المقبلة ستؤثر على تحديد الكلية التي سيلتحق بها ، فماذا نفعل في هذا الموقف ؟ وقد قيل لنا إنه من الخطأ أن نقوم بإيقاف حفظه للقرآن ، وعلى الجانب الآخر فإن تعليمه هام بالنسبة له حتى يحصل على درجات عالية ويلتحق بجامعة جيدة , ونحن نريد أن نتخذ أفضل القرارات ، لكننا في حيرة من أمرنا ، فهل بوسعكم – رجاء – تقديم النصح في هذا الشأن ، وتوضيح حكم الإسلام في هذه المواقف ؟ .
وشكراً ، ونتطلع لتلقى رد منكم ، والله الحافظ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
تربية الأبناء منذ صغرهم على الدِّين ، وتحفيظهم كتاب الله ، وتعليمهم سنَّة النبي
صلى الله عليه وسلم : من الواجبات التي افترضها الله على الوالدين ، وهو من محاسن
أفعال الأهل مع أولادهم ، ومما ينتفعون بها دنيا ، وأخرى ، إن شاء الله .
فنشكر أبوي هذا الطفل ، ومن يشجعه على حفظ كتاب الله ، وتعلمه ، ونسأل الله أن يكتب
لهم الأجر يوم القيامة ، فما أعظم أن يلقى الإنسان ربَّه وفي صحيفته أعمال خير دلَّ
عليها ، أو ساهم في وجودها .
ومما لا شك فيه : أن مقياس التفاضل عند الله هو بما يكتسبه المسلم من تقوى ، وإيمان
، وأعمال صالحة ، وقد
اختصَّ الله تعالى حافظ القرآن بخصائص عظيمة ، وميزات رفيعة ، في الدنيا ، والآخرة
، وللوقوف على بعضٍ من تلك الميزات : يُنظر جواب السؤال رقم : (
1403) .
ثانياً :
المطلوب من المسلم أن يوازن بين أمر الدنيا ، وأمر الآخرة ، قال تعالى : (وَابْتَغِ
فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)
القصص/77 .
قال
الحسن وقتادة : معناه : لا تضيع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال ، وطلبك إياه ،
ونظرك لعاقبة دنياك .
انظر “تفسير القرطبي” (13/314) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
(وَابْتَغِ
فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ) أي : استعمل ما وهبك الله من هذا المال
الجزيل ، والنعمة الطائلة ، في طاعة ربك ، والتقرب إليه بأنواع القرُبات ، التي
يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة .
(وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) أي : مما أباح الله فيها من المآكل ،
والمشارب ، والملابس ، والمساكن ، والمناكح ، فإن لربك عليك حقّاً ، ولنفسك عليك
حقّاً ، ولأهلك عليك حقّاً ، ولزَوْرك عليك حقّاً ، فآتِ كل ذي حقٍّ حقَّه .
“تفسير ابن كثير” (6/253 ، 254) .
فالمسلم يعمل لدنياه ، كما يعمل لآخرته , وإن كان العمل للآخرة مقدَّماً عند
التعارض ؛ لأن الحياة الأبدية ، والخلود ، ليس في الدنيا ، بل في الآخرة ، إما في
جنة ، وإما في نار .
ثالثاً :
جَمْعُ المسلمِ بين حفظ كتاب الله ، وبين مراجعة الدروس المدرسية : أمرٌ ليس صعب
المنال ، ولكن يحتاج إلى ترتيب الوقت ، وتنظيمه ؛ فيجعل وقتاً للحفظ ، ومراجعة
القرآن , ووقتاً لمراجعة الدروس المدرسية , ووقتاً للراحة , ووقتاً للترويح عن
النفس ، ويكون ذلك بعمل جدول للوقت ، وتنظيمٍ لساعات يومه ، مع مراعاة عدم الضغط ،
وعدم التشديد عليه .
كما
ينبغي مراعاة مستوى الحفظ ، والذكاء ، لدى الطفل ، والشاب ، فلا يُحمَّل أحدٌ فوق
طاقته ، وأكثر من وُسعه ؛ ولعل هذا يكون السبب في تقصير ذلك الشاب في جانب ، دون
الآخر ؛ فإذا كان في مقدوره حفظ صفحة من القرآن يوميّاً : فلا يحمَّل حفظ وجهين ،
وهكذا ؛ حتى يتسنَّى له وقت للواجبات المدرسية , وكذلك الأمر بالنسبة للواجبات
المدرسة ، فتحميله فوق طاقته يعرِّضه للضغط ، والتشويش .
والذي نراه أن هذا الطالب يقلل القدر الذي يحفظه من القرآن الكريم يومياً ، ويقلل
المدة التي يبقاها في المسجد بسبب ذلك ، حتى يحصل الجمع بين حفظ القرآن الكريم
ومراجعته ، وبين مذاكرة الدروس المدرسية .
ولا
يمكننا نصحكم بإلغاء حفظ القرآن الكريم من أجل الدروس المدرسية .
فالنصيحة لوالدي الطفل :
أن
يَعملوا على تنظيم وقت هذا الغلام الشاب ؛ وعليهم الجمع ، والموازنة ، بين حفظ
القرآن وتحسين أدائه المدرسي ، من غير إخلال بواحدٍ منهما .
والله هو الموفق ، والمعين , ومنه يستمد الحول ، والقوة .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟