حكم الاقتراض مع الفائدة ، والنّظام الإسلاميّ للتخلّص من التضخّم
السؤال: 132337
في أغلب الدول توجد مؤسسات يطلق عليها البنوك المركزية . ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال يوجد البنك الاحتياطي الفدرالي ، وهو مؤسسة عامة تمتلكها الحكومة الأمريكية ، وتقوم بإقراض وزارة المالية بالعملة الأمريكية ، والتي تسدد مرة أخرى للبنك الاحتياطي الفدرالي ، ويمكنك مراقبة الاقتصاد من خلاله . فعلى سبيل المثال : إذا قمت بزيادة التمويل النقدي فإن الأسعار سترتفع (لكن الأجور لن ترتفع) ، كما أن البنوك تقوم بعملية يطلق عليها أعمال الاحتياطي المصرفية الجزئيةِ ، وهذه العملية تعني أن البنوك تقوم بالاحتفاظ بجزء من الأموال التي تم إيداعها ، ويقومون بإقراض الباقي ، وبالتالي ما فعلته البنوك هو استدعاء الإيداعات الجزئية التي ينبغي عليهم الاحتفاظ بها ، ويدخلون البقية كبيانات في سجلات الحفظ . فما هو النظام الإسلامي إذا كانوا يقرضون أموالا لا يمتلكونها ، ويقرضونها بفائدة ليعاد دفعها لهم . وكيف تتمّ هيكلة الأموال في الإسلام ، حتى لا نصاب بالتضخم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أخي
الكريم إنّ النّظام المذكور – كما تفضّلت – للكفّار ، ومع الأسف أنّ كثيراً من
المسلمين ابتلوا به إلاّ من رحم الله ، وهو مبنيّ على الرّبا الصّريح ، وقد ثبت عن
ابن عبّاس – رضي الله عنهما – أنّه قال : ” كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةٍ فَهُوَ
رِبًا ” . أخرجه البيهقيّ في السنن الكبرى للبيهقي (5 / 349) . وصحّحه الألبانيّ في
إرواء الغليل برقم (1397) .
قال
ابن قدامة في المغني (6/436) : ( وكلّ قرض شرط فيه أن يزيده ، فهو حرام بغير خلاف .
قال ابن المنذر : أجمعوا على أنّ المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية ،
فأسلف على ذلك ، أنّ أخذ الزيادة على ذلك ربا . وقد روي عن أبيّ بن كعب ، وابن
عبّاس ، وابن مسعود أنّهم نهوا عن قرض جرّ منفعة ، ولأنّه عقد إرفاق وقربة ، فإذا
شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه ، ولا فرق بين الزيادة في القدر أو في الصفة ) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13 / 386) ما يأتي : الفتوى رقم ( 4047 ) .
س2
: هل يجوز لي شرعا أن آخذ قرضا من البنك بفوائد ربوية ؛ لكي أفتح به محلا أستغني به
عن الخدمة في مثل هذه الأعمال التي يقوم عليها شخص كافر ؟
ج2
: لا يجوز لك أن تأخذ قرضا بفائدة من بنك أو غيره ، لا للغرض الذي ذكرت ، ولا لغيره
؛ لأنّ القرض بفائدة من الرّبا المحرّم بالكتاب والسنة والإجماع .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
… عضو … نائب رئيس اللجنة … الرئيس
عبد
الله بن قعود … عبد الله بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد
الله بن باز .
وينظر : جواب السؤال رقم (39829)
.
أمّا كيفيّة الخروج من التضخّم ، فاعلم أنّ البنوك الربويّة ليست الحلّ الوحيد
للخروج منه ، فالشّريعة الإسلاميّة فتحت لنا أبواباً عدّة لاستثمار الأموال ،
كالتّجارة ، والصناعة وغيرهما من طرق الكسب الحلال .
جاء
في فتاوى اللجنة الدائمة (13 / 274) : ( ثانيا : لم يضطرنا الله تعالى في تنمية
الأموال وحفظها من النقصان إلى إيداعها في البنوك مثلا بفائدة ربويّة ، ولم يضيّق
علينا في طرق الكسب الحلال ، حتى نلجأ إلى التعامل الربويّ ، بل شرع لنا الاستثمار
عن طريق التجارة والزراعة والصناعة ، وغيرها من وجوه الإنتاج والاستثمار ؛ لتنمية
الأموال ، وبيّن لنا الحلال من الحرام ، فمن استطاع أن يباشر بنفسه طريقا من طرق
الكسب الحلال فليفعل ، ومن لم يستطع أعطى ماله أمينًا موثوقًا خبيرًا بطرق
الاستثمار ؛ ليعمل له فيه بنسبة معلومة من الربح ، ويسمى ذلك : شركة مضاربة أو
مزارعة أو مساقاة ، تبعًا لاختلاف أنواع الأعمال ، وهذه الطرق ونحوها من أسباب
الكسب الحلال ، وحفظ الأموال من النقصان بحول الله وقوته مع التوزيع العادل للأرباح
والخسارة .
فدعوى الطرف الثاني أنه لا طريق لحفظ المال من النقصان إلا إيداعه في البنوك
الربوية بفائدة ربوية غير صحيحة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
… عضو … الرئيس
عبد
الله بن قعود … عبد الله بن غديان … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وللخروج من هذا الدّاء فكّر المسلمون في إنشاء البنوك الإسلاميّة التي تكون
معاملاتها وفق الضّوابط الشّرعيّة في الإقراض وغيره .
ويصعب الآن ذكر تفاصيل شاملة للأنظمة المعمول بها في هذه البنوك الإسلاميّة ، ويمكن
مراجعة موقع البنك الإسلاميّ للتنمية بجدّة ، أو اللّجان الشّرعيّة في البنوك
الإسلاميّة الأخرى للوقوف على حقائق معاملاتها . والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة