اشتركت مع صهري في محل تجاري , وبعد مرور تقريباً سنة قال لي شفويا – بدون أية وثيقة – : إنه متنازل لي عن حقه , وكرر لي ذلك عدة مرات ، على أن أرد له ما دفع ، على شكل أقساط سنوية ، بعد ذلك قمت بشراء قطعة أرضية باسمي الشخصي ، دون أن أخبره , على أساس أننا لم نعد شركاء , وبعد مرور سنَة أعطيته قسطاً من المال ، كما اتفقنا عليه , في هذه اللحظة فاجئني , وتراجع عن تنازله .
سؤالي :
هل صهري مشترك معي في الأرض التي اشتريتها من مال الشركة بعد تنازله الشفوي ، أم ماذا أصنع ؟
تنازل عن حصته في الشركة ولم يوثَّق ذلك كتابة فهل له التراجع؟
السؤال: 133011
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
ما حصل من شريكك من تنازله عن حصته في الشركة بينك وبينه : لا حرج فيه ، ويجب تمضيته ، إلا أننا ننبه على أمر يتعلق بمطالبته برأس ماله فقط ، فنقول :
الأمر لا يخلو من حالين :
الأولى : أن يكون رأس مال الشركة موجوداً ، مع أرباح ، أو بدونها ، فهنا : يصح منه المطالبة برأس ماله ، ويكون قد تنازل عن أرباحه إن وُجدت . فمطالبته برأس ماله صحيحة ، وتنازله عن الأرباح صحيح أيضاً ، وهذا هو ما يفهم من سؤالك ، لأنه تنازل عن حقه مقابل رد رأس المال ، وهذا يعني أن له حقوقاً أخرى أكثر من رأس المال وهي الأرباح .
والثاني : أن لا يكون رأس مال الشركة موجوداً ، بل يوجد فيه نقص ، بسبب حصول خسارة في الشركة ، فهنا : ليس من حقه المطالبة برأس ماله ، لأنه شريك معك في الربح والخسارة ، إلا أن ترضى بإعطائه إياه عن طيب نفس منك ، ويكون هذا بيعاً لحصته في الشركة ، فيجب تمضيته إن وافقتَ على ذلك .
فعن عوف المزني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ صُلْحًا حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (1352) وحسنه الألباني في “إرواء الغليل” (1420) .
وقد تصالحت أنت وشريكيك على بيع نصيبه في الشركة بمقدار رأس ماله .
ثانياً :
ما دام أن شريكك قد تنازل عن حصته في الشركة بينك وبينه , وكرَّر ذلك عن طيب نفس ورضا ، بدون إحراج ، أو إكراه : وقد قبلت ذلك ، فقد انتهت الشركة بينكما , ولا يلزمك إلا أن تدفع له نصيبه من الشركة كما اتفقتم ، والاتفاق الشفوي يلزمه شرعاً .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (35/238) :
“قد يُلزم الإنسان نفسه بأمرٍ ، فيلزمه ذلك شرعاً ، إن لم يخالف الشّرع , بمعنى : أنّ الشّرع جعل التزامه سبباً للزوم , ومن ذلك :
أ. العقد , فإذا عقدا بينهما عقداً : لزمهما حكمه , كعقد البيع مثلاً ، يلزم به انتقال ملكيّة المبيع إلى المشتري , وملكيّة الثّمن إلى البائع” انتهى .
وقد سبق أن ما تم الاتفاق بينكما عليه هو في حقيقته بيع لنصيبه في الشركة .
وأما كتابة العقود فهو من باب التوثقة والتأكيد .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (14/135) :
“في التوثيق منفعة من أوجه :
أحدها : صيانة الأموال ، وقد أمرنا بصيانتها ، ونهينا عن إضاعتها .
والثاني : قطع المنازعة ؛ فإن الوثيقة تصير حكَماً بين المتعامليْن ، ويرجعان إليها عند المنازعة ، فتكون سبباً لتسكين الفتنة ، ولا يجحد أحدهما حق صاحبه ؛ مخافة أن تخرج الوثيقة ، وتشهد الشهود عليه بذلك ، فينفضح أمره بين الناس .
والثالث : التحرز عن العقود الفاسدة ؛ لأن المتعاملين ربما لا يهتديان إلى الأسباب المفسدة للعقد ليتحرزا عنها ، فيحملهما الكاتب على ذلك ، إذا رجعا إليه ليكتب .
والرابع : رفع الارتياب ، فقد يشتبه على المتعاملين إذا تطاول الزمان مقدار البدل ، ومقدار الأجل ، فإذا رجعا إلى الوثيقة : لا يبقى لواحد منهما ريبة .
وهذه فوائد التوثيق بالتسجيل” انتهى .
وبما سبق يتضح :
1. أن تنازل صهرك عن حقه في الشركة دون إحراج أو إكراه : يلزمه العمل بمقتضاه .
2. ما تم هو بيع لنصيبه في الشركة والثمن هو رأس المال الذي كان قد دفعه .
3. جمهور العلماء على استحباب كتابة العقود المتعلقة بالبيع ، والدَّين ، والنكاح ، وليس أحد من أهل العلم من يقول إن الكتابة شرط لصحة العقد .
4. الالتزام بالكتابة والإشهاد على المعاملات له منافع عظيمة ، وخاصة فيما يتعلق بالديون ، وأموال الشركات .
وعلى هذا فصهرك – بحسب قولك – ليس له الحق في مشاركتك في أي شيء اشتريته أو بعته بعد تنازله أول مرة ، لكن لو أقلته من تنازله السابق , وأشركته في الأرض التي اشتريتها : فهذا خير ، وبركة , وليس بواجب عليك ، ولعل الله أن يبارك لك في مالك , ويعوضك خيراً , وخصوصا أن بينكما مصاهرة ؛ فهو أدعى لتقوية أواصر المحبة ، والمودة ، والصلة بينكما .
وفقنا الله وإياكم لعمل الخير .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب