قرأت في فتوى رقم 105347 أن قول تبت لله والرسول لا يجوز ، وأشكل علي هذا الحديث في صحيح مسلم (عن عائشة أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت أو فعرفت في وجهه الكراهية فقالت يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله فماذا أذنبت …) أرجو توضيح هذا الإشكال وجزاكم الله خيرا.
معنى قول عائشة رضي الله عنها : أتوب إلى الله وإلى رسوله .
السؤال: 134304
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ما ذكرت من الفتوى صحيح ، ولا يخالف ما ورد في الحديث المشار إليه – وهو حديث صحيح متفق عليه – وذلك لاختلاف مخرجيهما :
فالتوبة عبادة من أجل العبادات وأعظمها شأنا ، ولا يجوز أن تبذل لغير الله – شأنها في ذلك شأن كل عبادة – سواء كان هذا الغير نبيا مرسلا ، أو ملكا مقربا ، أو عبدا صالحا ، وهي التوبة الشرعية التي في قوله تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [النور/31] .
وأما ما ورد في الحديث من قول عائشة رضي الله عنها : ( أتوب إلى الله وإلى رسوله )
فالتوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمولة على معناها اللغوي لا الشرعي الاصطلاحي ، ومعناها الرجوع عن الخطأ ، فهي رضي الله عنها أرادت أنها راجعة عن خطئها في حق الله وفي حق رسوله ، إن كانت أخطأت ، مستغفرة من ذنبها، إن كانت أذنبت.
قال الطيبي رحمه الله :
" فيه أدب حسن من عائشة رضي الله عنها ، حيث قدمت التوبة على اطلاعها على الذنب " .
"شرح مشكاة المصابيح" للطيبي (8/274) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
أن التوبة لا شك عبادة ، ولكن هذا من التوبة اللغوية ، والتوبة اللغوية تكون عبادة وغير عبادة ، ولهذا فصلتها رضي الله عنها وقالت : (وإلى رسوله) فأعادت حرف الجر لتكون توبة متميزة عن التوبة الأولى .
ويؤيد هذه المسلك أن التوبة في اللغة تعنى الرجوع ، قال ابن فارس رحمه الله :
" التاء والواو والباء كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على الرُّجوع . يقال تابَ مِنْ ذنبه ، أي رَجَعَ عنه "
انتهى . "مقاييس اللغة" (1/326) .
قال القاري :
" وفي إعادة "إلى" دلالة على استقلال الرجوع إلى كل منهما " انتهى .
"مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (13/ 234) .
وليعلم أن هذه التوبة إنما تصح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ، أما بعد مماته فلا يصح أن يقال : أتوب إلى رسول الله .
قال الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله :
" الرسول يتاب إليه في حياته ، مثل ما قالت عائشة رضي الله عنها ، لما دخل عليها في الصحيح ، ولما أراد أن يدخل وعلى الباب ستر فيه صورة فامتنع من الدخول فقالت عائشة : ماذا أذنبت ، أتوب إلى الله وإلى رسوله .
أتوب إلى الله – يعني- من معصية الله ، وأتوب إلى رسوله مما أخطأت في حقه ، هذا في حياته ، لكن بعد وفاته ما يقال : أتوب إلى رسول الله بل يقال : أتوب إلى الله " انتهى .
http://www.taimiah.com/Display.asp?t=book82&f=mso00069.htm&pid=2
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب