0 / 0
22,12518/10/2009

التحذير من فرقة تسمَّى ” المهدية ” يدعي مؤسسها أنه المهدي ولهم عقائد أخرى منحرفة

السؤال: 136388

إنني أرغب في تعريف فضيلتكم بجماعة ، أو فرقة تدعى ” المهدية ” نسبة إلى الإمام المهدي ، الذي ولد في ” جانبور ” بالهند في القرن التاسع الهجري , وتوفي في فرح بأفغانستان عن عمر يناهز الثالثة والستين , ودفن هناك ، فهل هو المهدي الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ .
إن المهديين يزعمون بأنهم هم فقط المسلمون الحق في هذا العالم بأسره , وأن من ينكر إمامهم المزعوم المهدي : يكون كافراً ، إن هذه الجماعة تزعم أن الإسلام قد اكتمل بالإمام المهدي ، كما أن ليلة القدر كانت للإمام المهدي , وقد أوضح لهم أنها في السابع والعشرين من رمضان ، كما أنهم يزعمون أن إمامهم المهدي عَرف الطريق لرؤية الله سبحانه وتعالى . ومن زعمهم أيضاً : أن حروف القرآن مثل أ ل م ( الم ) ، أ ل ر ( الر ) ، ومعاني الحروف الأخرى التي لم تكن معروفة للرسول صلى الله عليه وسلم قد عرفها الإمام المهدي وأخبر بها أصحابه .
وفيما يلي قائمة بمبادئ الاعتقاد الأساسية لهذه الجماعة ، كما أوضحها إمامهم المزعوم المهدي :
الرغبة في رؤية الله .
صلاة ليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان .
كمال الإسلام بالإمام المهدي .
يزعم بعض أتباع المهدي أن الرسول صلى الله عليه وسلم والإمام المهدي متساويان .
ترك الدنيا يشبه التصوف .
الاختلاء .
وكلما حاولت محاورة هذه الجماعة وإخبارهم أن المهدي سيأتي عند نزول سيدنا عيسى عليه السلام يستشهدون بالحديث الآتي:
( كيف تهلك أمة أنا في أولها ، وعيسى بن مريم في آخرها ، والمهدي في وسطها ) .
لقد تم تدوين هذا الحديث مع بعض الاختلاف في النص في المصادر التالية :
مسند الإمام أحمد بن حنبل (164 – 221 هـ ) من حديث ابن عباس رضي الله عنه .
الحاكم النيسابوري ( 321 – 405 هـ ) في ” المستدرك على الصحيحين ” من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه .
” حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ” لأبي نعيم الأصفهاني ( 334 – 430 هـ ) وقد نقل هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه .
” مشكاة المصابيح ” للإمام ولي الدين التبريزي ( 421 – 502 هـ) وتفسيراته .
المرقاة واللمعات للإمام جعفر والرازين ؟!!
” تفسير المدارك ” للإمام عبد الله أحمد بن النسفي ( المتوفى 710 هـ ) .
” كنز العمال ” للحافظ علي المتقي الهندي ( المتوفى 975 هـ ) عن علي رضي الله عنه .
فهل يمكنكم إثبات صحة الحديث السابق ، حيث إنهم أيضاً ينكرون كل الأحاديث الأخرى الصحيحة المشهورة عن الإمام المهدي الحقيقي ، مثل : أنه سيحكم الأمة سبع سنوات ، وأنه سيملأ الأرض عدلاً ، وسيعطيه الله المدد في ليلة واحدة ، كما أنه سيفر من المدينة إلى مكة حيث يدين له الناس بالولاء .
وبالنسبة لكل هذه الأحاديث السابقة : فهم يرون أنه قد أساء فهمها العلماءُ , وأن علماءهم لهم فهمهم الخاص لهذه الأحاديث .
ولمزيد من المعلومات المفصلة عن هذه الجماعة – أو الفرقة – إليكم هذا الرابط :
http://khalifatullahmehdi.info/
هناك أكثر من مائة ألف من هذه الجماعة في جميع أنحاء العالم ، إنني أناشدكم أن تقوموا بعمل بحث عن هذه الجماعة ، ثم تصدروا فتوى في ضوء القرآن والسنَّة ، إننا يمكننا تغيير حياة وعقيدة الآلاف من الناس إذا استطعنا توضيح الطريق الصحيح ، ولمزيد من المعلومات أرجو الاتصال بي علي العنوان التالي : … .
وإذا كانت هذه الجماعة على خطأ : فهل بوسع فضيلتكم – أو هيئة إصدار الفتوى – أن تقوم بإصدار فتوى ضدهم ؟ وأنا في انتظار ردِّكم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

يعتقد أهل السنَّة والجماعة أنه سيخرج في آخر الزمان رجل من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً , وأنه يوافق اسمُه اسمَ النبي صلى الله عليه وسلم ، واسمَ أبيه اسمَ أبي النبي صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :

فالمهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم اسمه ” محمد بن عبد الله ” ، لا محمد بن الحسن , وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : هو من ولد الحسن بن على ، لا من ولد الحسين بن علي .

وأحاديث المهدي معروفة ، رواها الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وغيرهم ، كحديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي يواطيء اسمُه اسمي ، واسمَ أبيه اسمَ أبي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ) .

” منهاج السنَّة ” ( 4 / 95 ) .

وللوقوف على بعض أحاديث المهدي ، وعقيدة أهل السنة والجماعة فيه : انظر جوابي السؤالين : (1252 ) و (43840 ) .

ثانياً:  

لا يستغرب أن يظهر من يدَّعي المهدية ؛ فقد ادَّعاها أشخاص كثُر على مرِّ التاريخ ، بل وينتظِر خروجَه طوائف عدة ، وكل طائفة تنسب له من الصفات ما لم يقم عليه دليل من الوحي ، ونجَّى الله تعالى أهلَ السنَّة فلم يثبتوا له إلا ما صحَّ في الشرع ، ولم يدعوه في غير شخصه ، وكذَّبوا كل من زعم المهدية ليضل الناس .

قال ابن القيم – رحمه الله – :

وقد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال :

أحدها :  أنه المسيح بن مريم .

القول الثاني : أنه المهدي الذي ولي من بني العباس , وقد انتهى زمانه .

القول الثالث : أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، من ولد الحسن بن علي ، يخرج في آخر الزمان , وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً ، فيملؤها قسطاً وعدلاً , وأكثر الأحاديث على هذا تدل .

وفي كونه من ولد الحسن سرٌّ لطيف , وهو أن الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق ، المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض , وهذه سنَّة الله في عباده : أنه من ترك لأجله شيئاً أعطاه الله ، أو أعطى ذريته ، أفضل منه …

وأما الرافضة الإمامية : فلهم قول رابع ، وهو أن المهدي هو : محمد بن الحسن العسكري المنتظر ، من ولد الحسين بن علي لا من ولد الحسن ، الحاضر في الأمصار ، الغائب عن الأبصار ، الذي يورث العصا , ويختم الفضا ، دخل سرداب سامراء طفلاً صغيراً من أكثر من خمس مئة سنَة ، فلم تره بعد ذلك عينٌ , ولم يحسَّ فيه بخبر , ولا أثر ، وهم ينتظرونه كل يوم ! يقفون بالخيل على باب السرداب , ويصيحون به أن يخرج إليهم : ” اخرج يا مولانا  ” ، ثم يرجعون بالخيبة والحرمان ، فهذا دأبهم ، ودأبه .

أما مهدي المغاربة ” محمد بن تومرت ” : فإنه رجل كذَّاب ، ظالم ، متغلب بالباطل ، ملَكَ بالظلم ، والتغلب ، والتحيل ، فقتل النفوس , وأباح حريم المسلمين ، وسبى ذراريهم ، وأخذ أموالهم , وكان شرّاً على الملَّة من الحَجَّاج بن يوسف ، بكثير …

ثم خرج المهدي الملحد ” عبيد الله بن ميمون القدَّاح ” ، وكان جدُّه يهوديّاً من بيت مجوسي ، فانتسب بالكذب والزور إلى أهل البيت , وادَّعى أنه المهدي الذي بشَّر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وملَكَ , وتغلَّب ، واستفحل أمره إلى أن استولت ذريته الملاحدة المنافقون الذين كانوا أعظم الناس عداوة لله ولرسوله ، على بلاد المغرب ، ومصر ، والحجاز ، والشام , واشتدت غربة الإسلام ومحنته ومصيبته بهم , وكانوا يدَّعون الإلهية , ويدعون أن للشريعة باطناً يخالف ظاهرها .

وهم ملوك القرامطة الباطنية ، أعداء الدين ، فتستروا بالرفض والانتساب – كذباً – إلى أهل البيت ، ودانوا بدين أهل الإلحاد , وروَّجوه , ولم يزل أمرُهم ظاهراً إلى أن أنقذ الله الأمة منهم ، ونصر الإسلام بصلاح الدين يوسف بن أيوب ، فاستنقذ الملة الإسلامية منهم ، وأبادهم , وعادت مصر دار إسلام بعد أن كانت دار نفاق وإلحاد في زمنهم .

والمقصود : أن هؤلاء لهم مهدي ، وأتباع ابن تومرت لهم مهدي , والرافضة الاثنا عشرية لهم مهدي ، فكل هذه الفرق تدعي في مهديِّها الظلوم ، الغشوم ، والمستحيل المعدوم : أنه الإمام المعصوم , والمهدي المعلوم الذي بشَّر به النبي صلى الله عليه وسلم , وأخبر بخروجه , وهي تنتظره كما تنتظر اليهود القائم الذي يخرج في آخر الزمان فتعلو به كلمتهم , ويقوم به دينهم , ويُنصرون به على جميع الأمم .

والنصارى تنتظر المسيح يأتي قبل يوم القيامة ، فيقيم دين النصرانية, ويبطل سائر الأديان … فالملل الثلاث تنتظر إماماً قائماً يقوم في آخر الزمان , وينتظر اليهودُ الدجالَ الذي يتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفاً , وفي المسند مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أكثر أتباع الدجال اليهود والنساء ) .

” المنار المنيف في الصحيح والضعيف” ( ص 148 – 155 ) باختصار.

ثالثا :

كل طائفة من أولئك تدَّعي أن المهدي معها ، فمَن هو المحق ؟ وأي طائفة هي الصواب ؟ ولا نزال نسمع بين الحين والآخر أنه خرج في الجماعة الفلانية ، أو في البلد الفلاني : المهدي , فما هو الضابط في معرفة صدق الادعاءات من كذبها ؟

والجواب : أنه يمكن أن نلخص أهم النقاط التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن المهدي كالآتي :

أ. أنه مِن ولد فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومِن ذرية الحسن بن علي رضي الله عنه ، واسمه محمد بن عبد الله  .

ب. أنه يخرج في آخر الزمان ، مصاحباً لنزول عيسى عليه السلام ، ومقتل الدجال .

ت. أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملأت جوراً وظلماً .

ث. يمكث سبعاً ، أو ثمانياً من السنين ؛ وتكثر الخيرات في زمنه .

ج. ينصر الله به الإسلامَ ، والمسلمين ، وتكون العزة في الأرض لأهل الإسلام .

ح. وَصَفَه النبي صلى الله عليه وسلم بأنهأَجْلَى الْجَبْهَةِ ( انحسار الشَّعر عن مقدّمة الجبهة ) ، أَقْنَى الأَنْفِ ( أي : أنفه طويل رقيق في وسطه حدب ) .

خ . يعتصم بالبيت الحرام ، ويغزوه جيشٌ يُخسف به بين مكة والمدينة .

د. وهو لا يدَّعي المهدية لنفسه , وإنما الناس يبايعونه لدلائل يرونها فيه .

ذ. يصلي خلفه عيسى عليه السلام .

فلمعرفة هذا الشخص : لا بد أن ننظر إلى تحقق هذه الصفات التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، فإن تحققت به : فهو من أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا فهو كاذب في سلسلة الكذابين .

رابعا :

لا شك أن شأن ذلك الدعي الهندي المذكور هو شأن غيره من الكذابين الدجالين ، فقد توفي ولم يحقق شيئاً مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ! ولا انطبقت عليه شيء من الأوصاف التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، وأتباعه يتعلقون بالوهم والأماني ، يعِدُهم الشيطان ، ويمنِّيهم ، قال تعالى : (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا ) النساء/ 120 .

قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – :

أما إنكار المهدي المنتظر بالكلية – كما زعم ذلك بعض المتأخرين – : فهو قول باطل ; لأن أحاديث خروجه في آخر الزمان ، وأنه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً : قد تواترت تواتراً معنويّاً ، وكثرت جدّاً ، واستفاضت ، كما صرح بذلك جماعة من العلماء , منهم : أبو الحسن الآبري السجستاني من علماء القرن الرابع , والعلامة السفاريني ، والعلامة الشوكاني ، وغيرهم , وهو كالإجماع من أهل العلم ،ولكن لا يجوز الجزم بأن فلاناً هو المهدي إلا بعد توافر العلامات التي بيَّنها النبي في الأحاديث الصحيحة الثابتة , وأعظمها وأوضحها : كونه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلما ، كما سبق بيان ذلك .

” فتاوى الشيخ ابن باز ” ( 4 / 168 ) .

رابعاًً:

مما يدل على كذب هذا الشخص ، وأنه دعي دجال : تلك المعتقدات التي يعتقد بها أصحابه ، كما ورد في السؤال :

1. اعتقادهم أن من ينكر إمامهم المزعوم المهدي : يكون كافراً .

وهذا من أدلة ضلال هذه الجماعة ؛ فلا يجوز تكفير المسلم إلا بشروط وضوابط .

وانظر جواب السؤال رقم : ( 85102 ) .

2. اعتقادهم أن الإسلام قد اكتمل بالإمام المهدي .

وهذا من الكذب على الشرع ؛ لأن الله تعالى قد بيَّن في كتابه أنه أتمَّ الدين ، وأكمل النعمة ، ولم يبق الناس في حاجة من أمر دينهم بعد تمام نزول الوحي ، وبعثة الرسول إلى شيء غيره ، قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا ) المائدة/ 3 .

3. اعتقادهم أن ليلة القدر كانت للإمام المهدي , وأنها في السابع والعشرين من رمضان .

وهذا – أيضاً – من الكذب ، فقد ذكر الله تعالى ليلة القدر قبل خلق ذلك الدجال بقرون ، وأخبرنا بما فيها من فضل تعظيماً لليوم الذي ابتدأ الله به إنزال القرآن ؛ وكذلك لزيادة وتكثير أجور هذه الأمة ، بأن جعل عبادة تلك الليلة تعدل عبادة ألف شهر , وهي ليلة التقدير للسنة .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – :

يقول تعالى مبيِّنًا لفضل القرآن وعلو قدره : ( إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) كما قال تعالى : ( إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) وذلك أن الله تعالى ابتدأ بإنزاله في رمضان في ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة عامة ، لا يقدر العباد لها شكراً .

وسمِّيت ” ليلة القدر ” لعظَم قدَرِها ، وفضلها ، عند الله ، ولأنه يُقدَّر فيها ما يكون في العام من الأجل ، والأرزاق ، والمقادير القدرية .

ثم فخَّم شأنها ، وعظَّم مقدارها فقال : ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) أي : فإن شأنها جليل ، وخطرها عظيم .

( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) أي : تعادل في فضلها ألف شهر ، فالعمل الذي يقع فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها ، وهذا مما تتحير فيه الألباب ، وتندهش له العقول ، حيث مَنّ تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى ، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر ، عمر رجل معمَّرٍ عمراً طويلاً نيِّفًا وثمانين سنة .

( تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ) أي : يكثر نزولهم فيها ( مِنْ كُلِّ أَمْر سَلامٌ هِيَ ) أي : سالمة من كل آفة وشرٍّ ، وذلك لكثرة خيرها ، ( حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) أي : مبتداها من غروب الشمس ، ومنتهاها طلوع الفجر .

وقد تواترت الأحاديث في فضلها ، وأنها في رمضان ، وفي العشر الأواخر منه ، خصوصاً في أوتاره ، وهي باقية في كل سنَة إلى قيام الساعة .

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف ، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان ، رجاء ليلة القدر .

” تفسير السعدي ” ( ص 931 ) .

أما أنه تعالى شرع ليلة القدر للمهدي المزعوم – أو حتى الحقيقي – : فهو من الكذب الصريح ، ولو كان حقّاً أنها شرعت لأحدٍ : لكان شرعت لمن هو أولى منه ، وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أنزل عليه القرآن فيها , ولكان تعالى أخبر بذلك ، ولكن ما أرخص الكذب عند من لم يستنر قلبه بالهداية .

أما تحديد ليلة القدر بليلة السابع والعشرين : فهو قول مرجوح , والصواب أنها ليلة متنقلة في ليالي العشر الأخيرة , وانظر جواب السؤال رقم : ( 50693 ) .

4. اعتقادهم أن حروف القرآن مثل أ ل م ( الم ) ، أ ل ر ( الر ) ومعاني الحروف الأخرى التي لم تكن معروفة للرسول صلي الله عليه وسلم : قد عرفها مهديهم ! وأخبر بها أصحابه .

وهذا – أيضاً – من الكذب ؛ فقد  توقف في تفسير هذه الآية وغيرها من الحروف المقطعة جمع من العلماء ، كالخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم ، وغيرهم من الصحابة ، والتابعين ، وأتباعهم ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسرها .

وانظر جواب السؤال رقم : (21811 ) . 

وأرجح الأقوال في تفسيرها ما ذكره ابن كثير رحمه الله – وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – في قوله :

وقال آخرون : بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها ؛ بيانًا لإعجاز القرآن ، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله ، هذا مع أنه تركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها ، ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف : فلا بد أن يُذكر فيها الانتصار للقرآن ، وبيان إعجازه ، وعظمته ، وهذا معلوم بالاستقراء ، وهو الواقع في تسع وعشرين سورة ، ولهذا يقول تعالى : ( الم . ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ ) البقرة/ 1 ، 2 ، ( الم . اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ . نزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) آل عمران/ 1 – 3 ، ( المص . كِتَابٌ أُنزلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ ) الأعراف/ 1 ، 2 .

… .

وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن  النظر ، والله أعلم .

” تفسير القرآن العظيم ” ( 1 / 160 ) .

5. اعتقادهم في رؤية الله .

فإن قصدوا بذلك الرؤية يقظة في دار الدنيا : فهو كذب ، وافتراء , ويرده الأحاديث الصحيحة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه هو لم يره ، مع أنه كان في السماء .

وانظر جوابي السؤالين : (43176 ) و (14096 ) .

6. اعتقاد بعض أتباع المهدي المزعوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم والإمام المهدي متساويان .

وهذا أيضا من الكذب ، بل هو أبطل الباطل ؛ فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد بني آدم ؛  وقد خصه الله بالفضائل والمزايا التي لم يصل إليها الأنبياء ؛ فهو صاحب المقام المحمود ، والشفاعة العظمى .

وانظر جواب السؤال رقم (97384 ) للوقوف على أقوال العلماء في أفضليته على الخلق .

وهذا الدعي لا يصل إلى مرتبة صالحي آخر هذه الأمة ؛ فكيف بمتقدميها ، فكيف بالصحابة ، وكيف بالأنبياء ، وكيف بأولي العزم من الرسل ؟! بل إن هذا القول قد يصل به وبأصحابه إلى الكفر ، والردة ، والعياذ بالله .

7. وأما تأثر الفرقة بالتصوف ، كالاختلاء وغيره :

فهذا هو الأليق بهذه الجماعة ، فمثل هذه الترهات ، والضلالات ، تليق بمن تأثر بضلالات الصوفية ومن أشبههم .

وانظر جواب السؤال رقم : (118693 ) للوقوف على موقف المسلم من الصوفية .

8. وأما تكذيبهم لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي فيها ذكر لصفات المهدي المتقدمة : فهو يدل على ضلال هذه الجماعة ، وبُعدها عن الحق ، ويصدق عليهم ما قاله الله تعالى عن حال أهل الكتاب : ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة/ من الآية 85 .

وكما قال الإمام أحمد  رحمه الله :من ردَّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهو على شفا هلكة .

” طبقات الحنابلة ” لأبي يعلى ( 2 / 14 ) .

خامساً ً:

أما الحديث الذي يستدلون به وهو ( كيف تهلك أمةٌ أنا في أولها وعيسى ابن مريم في آخرها والمهدي في وسطها ) : فهذا الحديث جاء من طرق عن عدة من الصحابة  :

 أ. من حديث ابن عباس قال :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كيف تهلك أمة أنا أولها وعيسى بن مريم آخرها والمهدي من أهل بيتي في وسطها .

أخرجه ابن عساكر في ” تاريخ دمشق ” ( 47 / 522 )  وقد حكم عليه العلامة الألباني بالنكارة ، كما في ” السلسلة الضعيفة ” ( 2349 ) .

قال رحمه الله :

والحديث منكر عندي ؛ لأن ظاهره أن بيْن المهدي وعيسى سنين كثيرة ، مع أنه صح في غير ما حديث أنهما يلتقيان في دمشق ، ويأتم عيسى بالمهدي عليهما السلام ، فكيف يقال : إن المهدي في وسطها وعيسى في آخرها ؟! .

ب. من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كيف تهلك أمة أنا أولها وعيسى بن مريم آخرها ) .

أخرجه ابن عساكر في ” تاريخ دمشق ” ( 47 / 521 ) .

وفي إسناده كذاب ، كما ذكر الشيخ الألباني رحمه الله في ” السلسلة الضعيفة ” (2349 ) .

ج. ومنها :

قال ابن حجر – رحمه الله – :

رَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة – ( 8 / 548 ) – مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر بْن نُفَيْر ـ أَحَد التَّابِعِينَ ـ بِإِسْنَادٍ حَسَن قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيُدْرِكَنَّ الْمَسِيح أَقْوَامًا إِنَّهُمْ لَمِثْلُكُمْ أَوْ خَيْر – ثَلَاثًا – وَلَنْ يُخْزِي اللَّه أُمَّة أَنَا أَوَّلهَا وَالْمَسِيح آخِرهَا ) .

” فتح الباري ” ( 7 / 6 ) .

وأراد ابن حجر رحمه الله أن إسناده حسن إلى التابعي ، غير أن رواية التابعي له مرسلة ، والمرسل من أقسام الضعيف .

وأخرجه أيضا الحاكم في ” مستدركه ” ( 3 / 43 ) وقال الذهبي:  مرسل منكر .

فتبين أن الحديث بذكر المهدي لا يصح إسناده ، وهو منكر من حيث المعنى .

ولو افترضنا صحة المرسل ، فإنه لم يذكر فيه المهدي ، وعلى ذلك : لا يتم مقصود تلك الطائفة بالاستدلال بهذا الحديث  .

والخلاصة : أن هذه الطائفة من الطوائف المنحرفة التي يجب الحذر والتحذير منها .

وأن مهديهم المزعوم لم تتوفر فيه الصفات التي أخبر بها النبي صلى الله عليه أنها من صفاته , وعليه : فاعتقاد أنه المهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لا شك أنه خطأ وضلال , وأن هذه العقائد التي تعتقدها طائفته به : لا شك في مخالفتها لعقيدة أهل السنة والجماعة ، والواجب على المسلم أن يحذر من الانتساب إليها , أو مساندتها ، بل وعليه أن يحذر المسلمين منها , ومن ضلالها ، وأخطائها .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android