ما رأيكم بكتاب ” الاستعداد ليوم المعاد ” المنسوب للحافظ ابن حجر العسقلاني ؟
السؤال: 136932
لدي كتاب بعنوان : ” الاستعداد ليوم الجزاء ” للشيخ ابن حجر العسقلاني ، يحتوي على أحاديث وآثار ، والمشكلة أن هذه الأحاديث والآثار غير مبين إن كانت صحيحة أم لا ، فهل لديكم معرفة بهذا الكتاب ، وكيف يتم التعامل معه ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
بعد
البحث والتفتيش في أسماء مصنفات الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله ، لم نقف على
كتاب له بهذا الاسم ، وقد بلغت كتب الحافظ نحوا من (273) كتابا ، جمع أسماءها وتكلم
عليها الحافظ السخاوي في ” الجواهر والدرر ” (ص/660-695) ، ولم يذكر منها هذا
الكتاب .
وقد
حَذَّر بعض الباحثين المعاصرين مما في هذا الكتاب ، وبَيَّنوا كذب نسبته إلى الحافظ
ابن حجر العسقلاني .
قال
الشيخ مشهور حسن سلمان :
“الاستعداد ليوم المعاد : كتاب طبع منسوبا كذبا وزورا للحافظ ابن حجر العسقلاني ،
وقد مر بي بيان هذا قديما في مجلة “الجامعة السلفية” ، ومع مرور الزمن تأكد لي ذلك
بأدلة وشواهد ، أقواها وأغلاها ما نقله الحافظ ابن حجر نفسه في ترجمة إبراهيم بن
محمد بن المؤيد بن حمويه الجويني ، صدر الدين ، أبو المجامع ابن سعد الدين الشافعي
الصوفي (ت 722هـ) ، عن الإمام الذهبي قوله : “كان حاطب ليل ، جمع أحاديث ثنائيات
وثلاثيات ورباعيات من الأباطيل المكذوبة” .
قلت
(أي الشيخ مشهور) : وهذا وصف لكتاب الاستعداد ، وقد أنكر الدكتور شاكر محمود عبد
المنعم نسبة هذا الكتاب لابن حجر لثلاثة أسباب ، هي :
الأول : أنه يخالف أسلوب ابن حجر في ذكر الأحاديث ، ومنهجه في تبيان أسانيدها
ونقدها ومتونها والاختلاف فيها .
الثاني : لم يذكره مصدرٌ معاصرٌ لابن حجر ولا تلامذته .
الثالث : لا يوجد اسم المؤلف على المخطوط في غالب النسخ التي اطلع عليها .
وقد
نبه على بطلان نسبة هذا الكتاب لابن حجر الأخ جاسم الدوسري حفظه الله، فقال:
ومما يحسن التنبيه عليه أن الكتاب المتداول بين الناس بعنوان ” الاستعداد ليوم
الميعاد ” المنسوب تأليفه إلى الحافظ باطل النسبة إليه بلا شك ، ومن قرأه ورأى ما
فيه من الأحاديث المكذوبة الموضوعة علم يقينا أن الحافظ منه بريء .
وقد
كتب الشيخ عبد الرحمن الفاخوري حفظه الله مقالا نشره في مجلة ” الجامعة السلفية ”
بالهند (حج 10/ عدد 3، ربيع الأول، سنة 1398هـ) بعنوان: ” أما لهذه الأيدي من
يقطعها ” بَيَّن فيه بيانا شافيا بطلان نسبة هذا الكتاب إلى الحافظ ، فراجعه إن شئت
الاستزادة “.
وقد
رأيت بعد كتابة هذه الأسطر أن هذا الكتاب قد طبع طبعة جديدة عن دار التربية بالعراق
بتحقيق عادل أبو المعاطي ، دون تاريخ ، في (142) صفحة من القطع الكبير .
وأثبت على غلافه أنه لابن حجر العسقلاني !! إلا أنه قد شكك في ذلك في تقديمه له
(ص/9-11)، فذكر أنه قد واجهته في تحقيق الكتاب صعوبتان :
الأولى : نسبة الكتاب إلى العسقلاني .
الثانية : تخريج أحاديث الكتاب .
والذي يهمنا من كلامه ما قاله في الصعوبة الأولى ، فأفاد ما يلي :
أولا : أن كتب التراجم التي ترجمت للعسقلاني وذكرت مصنفاته لم تذكر من بينها هذا
الكتاب على الإطلاق ، فلم يذكره السخاوي تلميذ العسقلاني في ” الضوء اللامع “،
وكذلك الشوكاني في ” البدر الطالع ” وإسماعيل باشا البغدادي في ” هدية العارفين “،
والزركلي في ” الأعلام “.
ثانيا : رغم ذلك فإن هذا الكتاب طبع عدة مرات منسوبا إلى العسقلاني ، وهذه طبعاته :
الأولى : تحت عنوان ” منبهات ” لابن حجر العسقلاني ، عام (1312هـ) بالهند، أي من
حوالي (95) عاما ، ومعها ترجمتها بالفارسية في (96) صفحة .
الثانية : تحت عنوان ” منبهات ” لابن حجر العسقلاني ، عام (1315هـ) باستنبول ، أي
من حوالي (92) عاما .
الثالثة : تحت عنوان : ” منبهات على الاستعداد ليوم المعاد ” عام (1904م) مكتبة
الشركة ، قزان ، أي من حوالي (82) عاما.
ولكن على الصفحة الأولى توجد عبارة : ” وهو على ما قيل للشيخ شهاب الدين أحمد بن
علي العسقلاني المتوفى سنة (852هـ)، وقيل لغيره ، وهو الأظهر “.
والعبارة الأخيرة توحي بالشك في نسبة الكتاب للعسقلاني ، ويؤيد هذا ما قاله حاجي
خليفة في ” كشف الظنون “، حيث نسب الكتاب ” المنبهات على الاستعداد ليوم المعاد
للنصح والوداد ” لزين القضاة أحمد بن محمد الحجي ، ثم قال :
”
جمع فيه أحاديث ونصائح من الواحد إلى العشرة ، مثنى ، وثلاث ، ورباع ، أوله : الحمد
لله رب العالمين … إلخ ، قال : هذه منبهات على الاستعداد ليوم المعاد ” اهـ.
ثالثا : وتوجد لهذا الكتاب خمس نسخ مخطوطة في دار الكتب المصرية منسوبة للعلامة
الشيخ أحمد بن محمد بن علي الحجري ، وأرقامها (21م، 36م، 213 مجاميع، 360 مجاميع،
8م مجاميع) ولكن لم يتيسر لي الاطلاع عليها ، وكذلك هناك مخطوطة ضمن مخطوطات
المدرسة الحسنية بالموصل ، تحت رقم (27824) منسوبة لزين القضاة أحمد بن محمد .
رابعا : لقد حاولت الوصول إلى ترجمة أحمد بن محمد الحجري أو الحجي كما ذكر حاجي
خليفة من كتابي ” الأعلام “، و ” معجم المؤلفين”، ولكن كليهما لم يذكره على الإطلاق
، وزاد الأمر صعوبة أن حاجي خليفة لم يذكر له تاريخ وفاة ، وإلا لرجعنا للكتب التي
تترجم بتاريخ الوفاة ، وكذلك لم يذكره صاحب كتاب ” هدية العارفين “.
ولذلك رأيت – وقد أكون مخطئا – أن أنسب الكتاب إلى العسقلاني كالنسخ المطبوعة التي
أشرنا إليها ، وأرجو أن يوفقني الله في طبعة قادمة لتلافي هذه النقطة انتهى.
قلت
(أي : الشيخ مشهور) : ولا شك في خطأ نسبة هذا الكتاب لابن حجر ، والأمر – إن شاء
الله تعالى – ما ذكرنا آنفا عن ابن حجر نفسه ، من أن مؤلفه إبراهيم بن محمد والله
أعلم” انتهى .
”
كتب حذر منها العلماء ” (2/326-330) .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟