ماذا تفعل لو طرق بابك مبشِّر ؟ فما هو أفضل طريقة للتعامل معه ؟ وماذا تفعل معه إن حاول أن يهديك نسخة من ” الكتاب المقدس ” ؟ وبماذا تنصح في أن نستبدل الأدوار فأدعوه للإسلام ، وأهديه في نهاية الأمر نسخة من القرآن ؟ .
كيف يتصرَّف مع ” منصِّر ” طرق بابه ليعرِض عليه نسخة من الإنجيل ؟
السؤال: 138030
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
ثمة تنبيهان على مصطلحين استعملا في السؤال :
أ. لفظ ” مبشِّر ” .
فالواجب استعمال كلمة ” التنصير ” بدلاً من كلمة ” التبشير ” , والمنصِّر بدلاً من ” المبشِّر ” ، فالبشارة في استعمالها عندهم هي البشارة بالهداية ، والجنَّة ! , فهم على ذلك من دعاة الهدى ، وهذا بخلاف الواقع ، وإلا فهم من دعاة جهنم – والعياذ بالله – .
قال علماء اللجنة الدائمة :
وكان من أبرز أعداء هذا الدين : ” النصارى الحاقدون ” ، الذين كانوا – ولا يزالون – يبذلون قصارى جهدهم ، وغاية وسعهم ، لمقاومة المد الإسلامي في أصقاع الدنيا ، بل ومهاجمة الإسلام والمسلمين في عقر ديارهم ، لا سيما في حالات الضعف التي تنتاب العالم الإسلامي ، كحالته الراهنة اليوم ، ومن المعلوم بداهة : أن الهدف من هذا الهجوم هو زعزعة عقيدة المسلمين ، وتشكيكهم في دينهم ؛ تمهيداً لإخراجهم من الإسلام ، وإغرائهم باعتناق النصرانية ، عبر ما يعرف خطأ بـ ” التبشير ” ، وما هو إلا دعوة إلى الوثنية في النصرانية المحرَّفة ، التي ما أنزل الله بها من سلطان ، ونبي الله عيسى عليه السلام منها براء .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .
” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 12 / 306 ) .
ب. لفظة ” الكتاب المقدَّس ” .
فلا يجوز إطلاق ” الكتاب المقدس ” على الكتب التي بأيدي اليهود ، والنصارى ، الآن ؛ لأن هذه الكتب – في الواقع – محرَّفة ، كما لا يخفى عليكم , والقداسة ، والتعظيم إنما هما لكلام الله تعالى ، وكتبه المحفوظة ، الخالية من التحريف ، وهو ما لا ينطبق إلا على القرآن .
نسأل الله أن يجزيك خيراً ، أن يبارك فيك ، ويوفقك لهداية الناس ، وإخراجهم من الظلمات إلى النور .
ثانياً:
من المفيد أن يقابِل المسلمُ الدعوةَ إلى الكفر بالدعوة إلى الإسلام , والكلمة الباطلة بالكلمة الحق , بشرط أن يكون هذا المسلمُ متمكناً من الأمر الذي يدعو إليه , وعنده علم برد الشبَه التي يتوقع أن يثيرها الطرف المقابل , وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ” ضِمَاداً ” قَدِمَ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ ” أَزْدِ شَنُوءَةَ ” وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ إِنَّ مُحَمَّداً مَجْنُونٌ ، فَقَالَ : لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ يَشْفِيهِ عَلَى يَدَيَّ ، قَالَ : فَلَقِيَهُ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَرْقِى مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ فَهَلْ لَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ ) قَالَ : فَقَالَ : أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلاَءِ ، فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، قَالَ : فَقَالَ : لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ وَقَوْلَ السَّحَرَةِ وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلاَءِ وَلَقَدْ بَلَغْنَ نَاعُوسَ الْبَحْرِ ، قَالَ : فَقَالَ هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الإِسْلاَمِ ، قَالَ : فَبَايَعَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( وَعَلَى قَوْمِكَ ) قَالَ : وَعَلَى قَوْمِي ، قَالَ : فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلاَءِ شَيْئًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً ، فَقَالَ : ( رُدُّوهَا فَإِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمُ ضِمَادٍ ) .
رواه مسلم ( 868 ) .
وأما إدارة الحوار ، وكيف يكون أسلوب تعاملك معه ، بالشدة أو باللين ، فهذا يرجع إلى المصلحة ، وإلى طبيعة الموقف ، ومن المهم ، بل من المؤكد في حقك ألا تقف موقف الدفاع ، ولا تدع له الفرصة لأخذ زمام المبادرة ، بل تكون أنت مالك الزمام ، وتستطيع التخلص من الموقف برمته متى أحببت ذلك ، ومن المهم أن يكون عندك مجموعة من الكتب التي تنتقد أصول دينه ، ولا بأس أن تهديه بعضها .
ثالثاً:
لا يجوز إعطاء الكافر نسخة من القرآن العربي إذا غلب على الظن امتهانه له ، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ ) .
رواه البخاري ( 2828 ) ومسلم ( 1869 ) .
قال النووي – رحمه الله – :
وفي الرواية الأخرى ( مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ العَدُو ) , وفى الرواية الأخرى : ( فَإِنِّي لاَ آمَنُ أََنْ يَنَالَهُ العدو ) , فيه : النهي عن المسافرة بالمصحف إلى أرض الكفار للعلة المذكورة في الحديث ، وهى خوف أن ينالوه فينتهكوا حرمته ، فإن أُمنت هذه العلة بأن يدخل في جيش المسلمين الظاهرين عليهم : فلا كراهة , ولا منع منه حينئذ ؛ لعدم العلة ، هذا هو الصحيح , وبه قال أبو حنيفة ، والبخاري ، وآخرون .
” شرح مسلم ” ( 13 / 13 ) .
وأما إعطاؤهم نسخة من ترجمة القرآن : فلا بأس ؛ لأن الترجمة لا تعتبر قرآناً , وانظر جواب السؤال رقم : ( 10694 ) .
ويمكن الاستعاضة عن المصحف ببعض الكتب ، والمنشورات ، التي ترغب في الإسلام , وتبين حقيقته ، وشرائعه .
وعلى ذلك : فلو قمتَ بنصحه ، وطلبت منه القراءة عن الإسلام الصحيح ، والتجرد عن الهوى والتعصب , ولو رافق ذلك إهداء لكتاب عن الإسلام ، أو نسخة لترجمة معاني القرآن ، أو لزيارة مركز إسلامي ، أو غير ذلك : فهذا خير وبركة ، إن شاء الله .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة