كنت قد أسرفت في المكالمات الهاتفية في الفترة السابقة وخاصة الدولية منها حيث أنني مغترب وأتحدث إلى زوجتي التي لم أبن بها بعد.
وأثناء حديثي معها يحدث بعض الإطالة بلا داع . حتى أنها قد تصمت ولا تنهي المكالمة فقط لأنها لا تريد أن تشعر أنني بعيد عنها. وأنا أقدر هذا. وكلمتها بهدوء أكثر من مرة بأن هذا يضيع المال هباءا وقد يدخل تحت التبذير
وحدث في مرة أن أقسمت وأنا أكلمها ألا أعيد شحن رصيد الجوال مرة أخرى لحين عودتي لبلادي ، وقصدت بهذا : الحد من الإسراف في المكالمات .
وكان في ذهني وقت القسم أن وقت عودتي هو بداية شهر جمادي الثاني ، حيث إنه كان الميعاد المقرر للبناء ، ولكن تغيرت الأمور ، وتغير الميعاد ، ومر التاريخ الذي كنت أحسبه ؛ فهل مازال القسم قائما ؟
حلف على أمر ، فتغير موعده عما كان في ذهنه وقت الحلف ؟
السؤال: 138062
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
المعتبر في الأيمان قصد الحالف ونيته وقت حلفه ؛ فمن حلف على شيء يقصد به شيئا معينا فيمينه بحسب قصده .
قال أبو القاسم الخرقي رحمه الله في “مختصره” (ص149) :
” ويرجع في الأيمان إلى النية ، فإن لم ينو شيئا : رجع إلى سبب اليمين وما هيجها ” انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
” ومبنى الأيمان على النية ؛ فمتى نوى بيمينه ما يحتمله : تعلقت يمينه بما نواه ، دون ما لفظ به ، سواء نوى ظاهر اللفظ أو مجازه ، مثل أن ينوي موضوع اللفظ ، أو الخاص بالعام ، أو العام بالخاص ، أو غير ذلك ؛ لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) ، فتدخل فيه الأيمان . ولأن كلام الشارع يصرف إلى ما دل الدليل على أنه أراده ، دون ظاهر اللفظ ؛ فكلام المتكلم مع اطلاعه على تعَيُّن إرادته أولى .
فلو حلف ليأكلن لحما ، أو فاكهة ، أو ليشربن ماء ، أو ليكلمن رجلا ، أو ليدخلن دارا ، أو لا يفعل ذلك ، وأراد بيمينه معينا : تعلقت يمينه به دون غيره .
وإن نوى الفعل أو الترك في وقت بعينه اختص بما نواه ” . انتهى .
” الكافي ” (4/196) . وينظر : “كشاف القناع” (6/245-246) .
ومما له تعلق بالنية والقصد : أن يلحف على فعل أمر أو تركه ، وفي قصده وظنه أن ذلك سيحدث في وقت معين ، ثم يتغير وقته رغما عنه : فإن المعتبر في تحديد الوقت ما كان في نيته .
جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (7/310) :
” مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ : إِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحْلِفٌ ذُو حَقٍّ ، وَلَمْ يَنْوِ الْحَالِفُ مَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَوْ يُخَصِّصُهُ ، أَوْ يَكُونُ اللَّفْظُ مَجَازًا فِيهِ ، رَجَعَ إِلَى السَّبَبِ الْمُهَيِّجِ لِلْيَمِينِ لأَِنَّهُ يَدُل عَلَى النِّيَّةِ ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِل غَافِلاً عَنْهَا .
فَمَنْ حَلَفَ : لَيَقْضِيَنَّ زَيْدًا حَقَّهُ غَدًا فَقَضَاهُ قَبْلَهُ لَمْ يَحْنَثْ ، إِذَا كَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ أَمْرًا يَدْعُو إِلَى التَّعْجِيل وَقَطْعِ الْمَطْل ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ غَدٍ .
فَإِنْ كَانَ السَّبَبُ مَانِعًا مِنَ التَّعْجِيل ، حَامِلاً عَلَى التَّأْخِيرِ إِلَى غَدٍ ، فَقَضَاهُ قَبْل : حَنِثَ .
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لاَ يَحْنَثُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ غَدٍ .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَبٌ يَدْعُو إِلَى التَّعْجِيل أَوِ التَّأْخِيرِ حَنِثَ بِهِمَا عِنْدَ الإِْطْلاَقِ عَنِ النِّيَّةِ .
وَأَمَّا إِذَا نَوَى التَّعْجِيل أَوِ التَّأْخِيرَ فَإِنَّهُ يَعْمَل بِنِيَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ، فَعِنْدَ نِيَّةِ التَّعْجِيل يَحْنَثُ بِالتَّأْخِيرِ دُونَ التَّقْدِيمِ ، وَعِنْدَ التَّأْخِيرِ يَكُونُ الْحُكْمُ عَكْسَ ذَلِكَ ” انتهى .
وبناء على ما سبق :
فإن يمينك تنتهي بالموعد الذي كان مقدرا في نيتك وقت الحلف أنك تسافر فيه ، فإذا تأخر رغما عنك : فإنك لا تحنث بتأخره ، ولا يلزمك ترك ما حلفت عليه إلى الموعد الجديد .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب