0 / 0

حكم الاستماع إلى الفواصل الموسيقية أثناء نشرة الأخبار أو البرامج الوثائقية

السؤال: 138471

اطلعت على فتوى رقم : ( 91142 ) ، وسؤالي هو :
هل يجوز استخدام الموسيقى في البرامج الإذاعية ، أو التلفزيونية ، كفاصل ، أو خلفية ، لبرنامج وثائقي ، مع العلم أني – مثلاً – لا أنتبه لها عند متابعة مثل هذه البرامج ؟ وهل تعتبر من باب سماع الموسيقى ، لا استماعها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
تقدم الحديث عن الموسيقى ، وحرمتها ، وأقوال العلماء فيها , وذلك في جواب السؤال رقم : ( 5011 ) .

ثانياً:
يفرق العلماء بين مسألة السماع والاستماع ، لكن ما تسأل عنه ليس داخلاً في التفريق .
عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قال : ” سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِى أُذُنَيْهِ وَعَدَلَ رَاحِلَتَهُ عَنِ الطَّرِيقِ وَهُوَ يَقُولُ : يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ ؟ فَأَقُولُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَيَمْضِى حَتَّى قُلْتُ : لاَ ، قَالَ : فَوَضَعَ يَدَيْهِ وَأَعَادَ الرَّاحِلَةَ إِلَى الطَّرِيقِ ، وَقَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا ” .
رواه أبو داود ( 4924 ) ، وصححه الألباني في ” تحريم آلات الطرب ” ( ص 116 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” فإنَّ النَّهي إنما يتوجه إلى الاستماع ، دون السماع , ولهذا لو مرَّ الرجل بقوم يتكلمون بكلام محرَّم : لم يجب عليه سد أذنيه ، لكن ليس له أن يستمع من غير حاجة , ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر بسدِّ أذنيه لمَّا سمع زمارة الراعي ؛ لأنه لم يكن مستمعاً ، بل سامعاً ” انتهى من “مجموع الفتاوى ” ( 11/ 630 ) .
وقال شيخ الإسلام – أيضاً – : ” وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك ، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع ، لا بمجرد السماع ، كما في الرؤية ، فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية ، لا بما يحصل منها بغير الاختيار , وكذلك في اشتمام الطيب ، إنما يُنهى المحرِم عن قصد الشمِّ ، فأما إذا شمَّ ما لم يقصده : فإنه لا شيء عليه .
وكذلك في مباشرة المحرمات ، كالحواس الخمس ، من السمع ، والبصر ، والشم ، والذوق ، واللمس ، إنما يتعلق الأمر والنهى في ذلك بما للعبد فيه قصد ، وعمل ، وأما ما يحصل بغير اختياره : فلا أمر فيه ، ولا نهي .
وهذا مما وُجِّه به حديث ابن عمر … ، فإن منَ الناس من يقول – بتقدير صحة الحديث – : لم يأمر ابنَ عمر بسد أذنيه ، فيجاب : بأن ابن عمر لم يكن يستمع , وإنما كان يسمع ، وهذا لا إثم فيه ، وإنما النبي صلى الله عليه وسلم عدل طلباً للأكمل ، والأفضل ، كمن اجتاز بطريقه فسمع قوماً يتكلمون بكلام محرَّم فسد أذنيه كيلا يسمعه ، فهذا أحسن ، ولو لم يسد أذنيه : لم يأثم بذلك ، اللهم إلا أن يكون في سماعه ضرر ديني لا يندفع إلا بالسد ” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 11 / 566 ، 567 ) .
فتبين بذلك أن “السماع” : هو ما يَرِد إلى السمع من غير الشخص نفسه ، كالموسيقى في المواصلات العامة ، وفي الطائرة ، ومن بيوت الجيران ، أو من المار في الطريق ، أو من الهاتف حين الاتصال بالاستعلامات أو ببعض الشركات والخطوط الجوية للحجز .
وأما ما يكون منه أو من الأجهزة التي تحت تصرفه : فإنه الاستماع ولا شك ، والسماع للمنكر الذي يصدر من غيرك لا تستطيع إيقافه ، ولا يلزمك سد أذنيك عنه ، وأما ما يصدر منك : فإنك تملك إيقافه ، ويحرم عليك استماعه ، فظهر الفرق بينهما .
سُئل علماء اللجنة الدائمة : نضطر إلى سماع الأغاني ، أو الموسيقى ، سواء في الحافلة التي تنقلنا إلى العمل يوميّاً ، أو الحافلات ، والتاكسيات ، التي نحتاجها في السفر بعض الأحيان ، فما الحكم ؟ .
فأجابوا :
” إذا كنت لا تستطيع منع الأغاني في الحافلة ، وأنت محتاج إلى ركوبها لبعد المسافة ، ولا تجد وسيلة غيرها : فلا بأس عليك في ذلك ، مع إنكار المنكر حسب استطاعتك ، ولو في قلبك “. انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 26 / 241 ) .
وسئلوا – أيضاً – : ما حكم من يسمع الغناء في التليفون الذي يكون مضطراً أن يحجز عليه لدى الخطوط الجوية ؟ حيث إنه – غالباً – يرد جهاز تسجيل ملحق به ، ويطلب منه الانتظار ، ثم يسمعك أغنية ، أو موسيقى ، وأيضاً في مقدمة الندوات الدينية ، أو العلمية التي نكون في شوق لأن نتعلم من تلك الندوة ، أو البرنامج العلمي ؟ .
فأجابوا : ” استماع الغناء لا يجوز، وأما سماعه بدون قصد – كما يعرض في الطريق ، أو التليفون – : فنرجو ألا حرج “. انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (26 / 238 ) .
ولذا فمن كان يشاهد الأخبار ، أو البرامج الوثائقية : فظهرت صورة امرأة ، أو صوت موسيقى : فإنه يجب عليه غض بصره ، وكتم صوت الموسيقى فوراً .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : ما حكم استماع بعض البرامج المفيدة كأقوال الصحف ونحوها التي تتخللها الموسيقى ؟ .
فأجاب : ” لا حرج في استماعها ، والاستفادة منها ، مع قفل المذياع عند بدء الموسيقى حتى تنتهي ؛ لأن الموسيقى من جملة آلات اللهو ، يسر الله تركها والعافية من شرّها ” .
انتهى من ” فتاوى الشيخ ابن باز ” ( 6 / 389 ) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android