0 / 0
166,10222/12/2009

قول ابن مسعود رضي الله عنه يضحك الله إلى رجلين

السؤال: 139913

ما صحة هذا الحديث :
( يضحك الله عز وجل إلى رجلين :
رجل لقي العدو وهو على فرس من أمثل خيل أصحابه فانهزموا وثبت ، فإن قتل استشهد ، وإن بقي فذلك الذي يضحك الله إليه .
ورجل قام في جوف الليل لا يعلم به أحد ، فتوضأ فأسبغ الوضوء ، ثم حمد الله ومجَّدَه وصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم واستفتح القرآن ، فذلك الذي يضحك الله إليه يقول : انظروا
إلى عبدي قائماً لا يراه أحد غيري )

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

روي هذا الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وموقوفا من كلام الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : ( يضحك الله إلى رجلين : رجل لقي العدو وهو على فرس من أمثل – يعني أحسن – خيل أصحابه ، فانهزموا وثبت ، فإن قتل استشهد ، وإن بقي فذلك الذي يضحك الله إليه .

ورجل قام في جوف الليل لا يعلم به أحد ، فتوضأ فأسبغ الوضوء ، ثم حمد الله ، ومجَّده ، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، واستفتح القرآن ، فذلك الذي يضحك الله إليه يقول : انظروا إلى عبدي قائما لا يراه أحد غيري )

رواه عبد الرزاق في ” المصنف ” (11/185) – ومن طريقه كل من الطبراني في ” المعجم الكبير ” (9/159)، وأبو نعيم في ” حلية الأولياء ” (4/205) – ورواه النسائي في ” السنن الكبرى ” (6/217)، وفي ” عمل اليوم والليلة ” (ص/496) :

جميعهم من طريق أبي إسحاق – وهو السبيعي عمرو بن عبد الله – ، عن أبي عبيدة – وهو ابن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه -، عن ابن مسعود رضي الله عنه .

قلنا : وهذا إسناد رواته ثقات ، غير أن تابعي الحديث ، أبا عبيدة ، لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، كما قرره غير واحد من أهل العلم ، فالإسناد منقطع . 

ينظر : جامع التحصيل (204) ، تحفة التحصيل (165) ، تهذيب الكمال (14/61) .

غير أن أبا عبيدة توبع على رواية ذلك عن أبيه ، تابعه مرة الهمداني عن ابن مسعود ، مرفوعا ، بلفظ :

( عَجِبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رَجُلَيْنِ : رَجُلٍ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ ، مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ وَحَيِّهِ إِلَى صَلَاتِهِ ، فَيَقُولُ رَبُّنَا : أَيَا مَلَائِكَتِي ، انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي ، ثَارَ مِنْ فِرَاشِهِوَوِطَائِهِ ، وَمِنْ بَيْنِ حَيِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ ، رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي .

وَرَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَانْهَزَمُوا ، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْفِرَارِ ، وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ ، رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي ، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي ، رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَرَهْبَةً مِمَّا عِنْدِي ، حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ )

رواه الإمام أحمد في ” المسند ” (7/62-63) وغيره .

لكن رجح الإمام الدارقطني رحمه الله أن هذا الحديث موقوف من كلام ابن مسعود ، وليس مرفوعا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

قال رحمه الله :

” يرويه عطاء بن السائب عن مرة ، واختلف عنه :

فرفعه حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، ووقفه خالد بن عبد الله، عن عطاء…. والصحيح هو الموقوف ” انتهى.

” العلل ” (5/267) .

وينظر : مسند الإمام أحمد (7/62) ط الرسالة ، تعليق المحققين ، جلاء الأفهام ، لابن القيم ، ط الشيخ مشهور سلمان (563) تعليق المحقق .

ولذلك قال السخاوي رحمه الله عن هذا الأثر :

” إسناده صحيح ” انتهى.

” القول البديع ” (ص/264)

ثالثا :

ورد أيضا حديث قريب المعنى من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثةٌ يحبُّهم اللهُ عزّ وجلّ ، ويضحكُ إليهم ، ويستبشرُ بهم : الذي إذا انكَشَفتْ فئةٌ ؛ قاتلَ وراءَها بنفسِه لله عزّ وجلّ ، فإمّا أنْ يُقتلَ ، وإمّا أن يَنصُرَه اللهُ و يكفِيَه ، فيقولُ اللهُ : انظرُوا إلى عبدِي كيف صَبَرَ لي نفسَه؟! والذي له امرأة حسناء ، وفراش لين حسن ، فيقوم من الليل ، فـيذر شهوتَه ، فيذكُرني ويناجيني ، ولو شاءَ رقَدَ ! والذِي يكونُ في سَفَرٍ ، وكانَ معَه ركْبٌ ؛ فسهِرُوا و نصِبُوا ثمّ هَجَعُوا ، فقامَ من السّحرِ في سرّاءَ أو ضرّاءَ )

رواه الحاكم في ” المستدرك ” (1/25)، والبيهقي في ” الأسماء والصفات ” (2/408) وحسنه الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” (رقم/3478) .

ثانيا :

في مجموع الآثار السابقة فوائد عدة ، يمكن أن نجملها في الآتي :

·إثبات صفة الضحك لله عز وجل ، على الوجه اللائق به سبحانه ؛ بما لا يشبه صفات المخلوقين ، وقد وردت أدلة أخرى كثيرة من السنة المرفوعة الصحيحة تدل على ذلك ، منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ ؛ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ ) رواه البخاري (2826) ومسلم (1890)، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وكذلك أحاديث الضحك متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواها الأئمة ” انتهى. ” الفتاوى الكبرى ” (5/297) .

·عدم تردد السلف رحمهم الله تعالى في التحديث بهذه الصفات – كصفة الضحك – أمام الناس ، ومخاطبتهم بها على الوجه الذي لا يحدث في قلوبهم شيئا من الريبة أو الفتنة ، والأصل في الناس إذا تركوا على فطرتهم فهموا هذه النصوص على الوجه اللائق بالله عز وجل، وقد بوب عبد الرزاق في ” المصنف ” (11/184) متابعا شيخه معمر في ” الجامع ” (رقم/894) على هذا الأثر بقولهما : باب من يضحك الله إليه .

·وفيه استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند قيام الليل ، ولذلك بوب ابن القيم رحمه الله في كتابه ” جلاء الأفهام ” (ص/563) على هذا الحديث بقوله : ” الموطن السادس عشر من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم : إذا قام الرجل من نوم الليل ” .

·فضيلة الجهاد في سبيل الله ، وفضيلة قيام العبد بالليل مخلصا لا يراه أحد ، يركع ويسجد لله عز وجل ، لا يبتغي إلا مرضاة الله ، فذلك من أفضل الأعمال .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android