0 / 0
26,80927/12/2009

هل سيرى الشخص والدته في الجنة ؟

السؤال: 140151

هل سيرى الشخص والدته في الجنة ، حتى لو كان من أصحاب النار والعياذ بالله ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ليعلم ـ أولا ـ أن من كان من أهل الجنة كان في نعيم مقيم ، لا يحزن ، ولا ينصب ، ولا يغتم ، ولا يهتم ؛ فهو مشغول عن كل شيء آخر سوى ما هو فيه من النعيم المقيم ، والبهجة الخالدة ، فلا يعكر عليه صفو نعيمه كدر أبدا . قال الله تعالى : ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) يس/55-58 .

ولا يضره من في النار ، كائنا من كان . وقد أخبر الله تعالى عن حال الشتات والتفريق والعداوة بين الأخلاء والأحبة يوم القيامة ، إلا المتقين ، فقال تعالى : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف / 67.

وقد روى البخاري (3350) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي ؟ فَيَقُولُ أَبُوهُ : فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ . فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ ؟! فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ . ثُمَّ يُقَالُ : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ ؟ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ (ضبع) مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ ) .

ورواه ابن المنذر وزاد : ( فإذا رآه كذا تبرأ منه ، وقال : لست أبي ) .

"فتح الباري" (8/500) .

فتبين بذلك أنه أهل الجنة تنقطع ولايتهم بأهل النار الذين هم أهلها من الكفار المخلدين فيها ، حتى وإن كانوا أقرب الأقربين لهم ، ولا يبقى لهم تعلق بهم ، ولا شوق إليهم ينغص عليهم ما هم فيه من النعيم .

وأما إن كان الشخصان جميعا من أهل النار ، فما ينفعهم فيها اجتماعهم ، ولا رؤية بعضهم بعضا ، وكل منهم مرتهن بعمله ، مشغول بما هو فيه من الألم والعذاب ، ما يفيده ولا ينفعه أن يرى معه أهله الأقربين ، ولا أهل الأرض أجمعين : ( وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ) الزخرف/39 ؛ بل لو كان معه قريبه وحبيبه لود أنه فدى نفسه به ، وخرج هو من العذاب وخلاه : ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ ) المعارج/11-14 .

وأما إن كان الشخصان جميعا من أهل الجنة ، ولكن اختلفت منازلهم فيها : فقد ذكر بعض أهل العلم كلاما في تزاور أهل الجنة ، وأورد ابن القيم في كتابه " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " فصلا خاصا بذلك ، ذكر فيه مجموعة من الأحاديث والآثار ، لا تخلو أسانيدها من ضعف ، ولا تقوم بمثلها حجة ، وذكر طرفا من ذلك أيضا الحافظ المنذري في كتابه " الترغيب والترهيب " في فصل " تزاورهم ومراكبهم " . ومع ما في أسانيد الباب من الضعف : فإن تزاور أهل الجنة ، وتعارفهم وهم فيها هو الظاهر من حالهم ، لا سيما إن كان ذلك من تمام نعيمهم وقرة أعينهم فيها ، وقد صرح بذلك غير واحد من السلف .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android