أريد أن أعرف هل هذه الأحاديث صحيحة ؛ لأن معي موضوعا عن الظلم ، وأريد أن أكتب هذه الأحاديث . وجزاكم الله خيرا .
1- عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أوحى الله تعالى إليّ : يا أخا المرسلين ! يا أخا المنذرين ! أنذر قومك فلا يدخلوا بيتا من بيوتي ولأحد من عبادي عند أحد منهم مظلمة , فإني ألعنه ما دام قائما يصلي بين يدي حتى يرد تلك الظلامة إلى أهلها ، فأكون سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويكون من أوليائي وأصفيائي ، ويكون جاري مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في الجنة )
2- عن على رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :( إياك ودعوة المظلوم فإنما يسأل الله تعالى حقه )
3- وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :( ما من عبد ظُلم فشخص ببصره إلى السماء إلا قال الله عز وجل : لبيك عبدي حقا ، لأنصرنك ولو بعد حين )
4- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يقول الله تعالى : اشتد غضبي على من ظلم من لا يجد له ناصرا غيري )
يسأل عن أحاديث ضعيفة وموضوعة في الترهيب من الظلم
السؤال: 140177
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ننقل هنا أحكام العلماء على هذه الأحاديث باختصار ، وحاصل ذلك كله أن الأحاديث الواردة في السؤال جميعها مردودة غير مقبولة ، منها الضعيف ، ومنها الموضوع والذي لا أصل له.
ومن أراد الوقوف على الأحاديث الصحيحة في هذا الموضوع ، فعليه بكتاب :
1- ” رياض الصالحين ” للإمام النووي : ” باب تحريم الظلم والأمر برد المظالم “.
2-وكتاب : ” الترغيب والترهيب ” للإمام المنذري بتحقيق الشيخ الألباني (3/127) : ” باب الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله والترغيب في نصرته “.
الحديث الأول :
عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أوحى الله تعالى إليّ : يا أخا المرسلين ! يا أخا المنذرين … )
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
” ضعيف ، أخرجه أبو نعيم في ” الحلية ” (6/116) : حدثنا سليمان بن أحمد : ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج : ثنا إسحاق بن إبراهيم بن رزيق : ثنا أبو اليمان : ثنا الأوزاعي : حدثني عبدة : حدثني زر بن حبيش قال: سمعت حذيفة يقول : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:…فذكره . وقال : ” غريب من حديث الأوزاعي عن عبدة ، ورواه علي بن معبد عن إسحاق بن أبي يحيى العكي عن الأوزاعي… به “.
قلت – أي الشيخ الألباني – : وهذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم ثقات مترجمون في ” التهذيب ” ، إلا شيخ أبي نعيم سليمان بن أحمد وهو الحافظ الطبراني صاحب ” المعاجم الثلاثة ” ، وهو أشهر من أن يذكر ، وإلا إسحاق بن إبراهيم بن زريق . فإني جهدت في أن أجد له ترجمة فلم أوفق . ثم بدا لي شيء وهو أن جده :( زريق ) … محرف من ( زبريق ) ، وأنه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء المصري ، فإنه يعرف بـ : ( ابن زبريق ) ، وهو من هذه الطبقة ، وقد مضى له حديث برقم (758) من رواية الطبراني بواسطة آخر له عنه : ثنا عمرو بن الحارث … فإذا كان هو هذا ، فهو ضعيف جداً – كما بينت هناك – ، وقال الحافظ في ” التقريب ” : ” صدوق يهم كثيراً ، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب “، ولعله قد خفي حاله على الحافظ ابن رجب الحنبلي ، فقال في ” جامع العلوم والحكم ” (ص 261) – بعد أن عزاه للطبراني – : ” وهذا إسناد جيد ، وهو غريب جداً ” . ولم أجد من عزاه للطبراني ، ولا هو في شيء من ” معجمه الثلاثة ” ، فلعله في بعض كتبه الأخرى مثل ” مسند الشاميين ” فليراجع ، فإن يدي لا تطوله الآن ، وليس هو في المجلدين المطبوعين بتحقيق أخينا عبد المجيد السلفي فرج الله عنه كربه . وأما إسحاق بن أبي يحيى العكي : فلم أعرفه ” انتهى.
” السلسلة الضعيفة ” (حديث رقم/6308) .
وقد خرج الشيخ طارق عوض الله هذا الحديث ، وجزم أنه : ابن زبريق ، قال : ” وابن زبريق هذا ليس بشيء ، لا تقوم بحديثه الحجة ” . ثم ذكر أن صواب الاسم الأخير : إسحاق بن أبي يحي الكعبي . قال : ” والكعبي هذا هالك ، كما في الميزان واللسان ” انتهى .
انظر : جامع العلوم والحكم ، لابن رجب ، تحقيق الشيخ طارق عوض الله (2/360، هـ1).
الحديث الثاني :
عن على رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إياك ودعوة المظلوم فإنما يسأل الله تعالى حقه )
رواه الخطيب في “تاريخ بغداد” (9/301-302) والبيهقي في ” شعب الإيمان ” (9/533) ، من طريق صالح بن حسان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إياك ودعوة المظلوم ، فإنما يسأل الله حقه ، وإن الله لا يمنع ذا حق حقه )
وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب صالح بن حسان ، فهو متروك متفق على نكارة حديثه وشدة ضعفه . انظر: ” تهذيب التهذيب ” (4/385) .
والحديث ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في “السلسلة الضعيفة” ، رقم (1697) .
الحديث الثالث:
( ما من عبد ظُلم فشخص ببصره إلى السماء … )
لم نجده في كتب السنة والآثار ، وإنما تنقله بعض كتب الأدب ، أحيانا مرفوعا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحيانا من كلام بعض التابعين ، ككتاب ” نهاية الأرب ” للنويري (6/37)، وكتاب : ” المستطرف ” (1/233)، فلا يجوز التحديث به ، كما تحرم نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يوقف له على إسناد ثابت إليه .
الحديث الرابع:
( يقول الله تعالى : اشتد غضبي على مَن ظَلَمَ مَن لا يجد له ناصرا غيري )
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
” ( يقول الله عز وجل : اشتد غضب الله على من ظلم من لا يجد ناصرا غيري )
ضعيف جدا : أخرجه الطبراني في ” الأوسط ” ( 1/111/2228 ) ، و ” الصغير ” ( رقم 718 – الروض النضير ) ، و من طريقه الديلمي ( 1/1/115 – 116 ) عن مسعر بن الحجاج النهدي : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي مرفوعا به .
وقال الطبراني : ” لم يروه عن أبي إسحاق إلا شريك ، تفرد به مسعر بن الحجاج “
قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله -:
وهذا إسناد ضعيف جدا مسلسل بالعلل :
الأولى : الحارث – و هو الأعور – متهم بالكذب .
الثانية : أبو إسحاق – وهو السبيعي – كان اختلط .
الثالثة : شريك – وهو ابن عبد الله القاضي – ضعيف الحفظ .
الرابعة : مسعر بن الحجاج النهدي كذا في المصادر المذكورة ، ولم أجد له ترجمة . وفي ” الميزان ” و ” اللسان ” : “مسعر بن يحيى النهدي ، لا أعرفه ، وأتى بخبر منكر “، ثم ساق له حديثا آخر من روايته عن شريك عن أبي إسحاق عن أبيه عن ابن عباس ، والظاهر أنه هو هذا . والله أعلم ” انتهى.
” السلسلة الضعيفة ” (رقم/2392)
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب