ماذا تصنع من كانت أمها تثقل عليها عمل المنزل وأشقاؤها ينعمون في الراحة ؟
السؤال: 140445
ما حكم مشاركة البنت غير المتزوجة أمّها في أشغال البيت ؟ وماذا عن الأّم التي تلقي بكلّ حمل البيت على ابنتها علماً أنّ هذه البنت تعمل ، وتدرس ؟ هل من العقوق عصيانها ؟ يصل الحدّ بالفتاة إلى الألم لكونها خلقت أنثى ؛ لأنّ أمّها تنتقدها طول اليوم ، دون أن تطلب من أبنائها الذكور أيّ شيء ، بينما يقضي الذكور كامل اليوم في النوم والأكل والتجوال ، لا يسعون لا لدين ، ولا لدنيا .
وما أقعد الفتاة عن الزواج حتّى الآن هو عدم تقدّم الكفؤ لها ، نسألكم الدعاء لها ، ولكلّ بنات المسلمين .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
1. إن الأسرة السعيدة هي الأسرة
المتماسكة فيما بينها ، تجتمع على الطاعة ، ويسودها الحب والوئام ، ولا يمكن لأسرة
أن تشعر بالسعادة مع وجود التفرق فيما بين أفرادها ، ووجود البغض والكراهية فيما
بينها ، ولذا كان لا بدَّ للأسرة من ربَّان يقود دفة البيت إلى الأمان ، ويجنبه
المخاطر والهلاك ، وهو الأب ، وتعينه على تلك القيادة زوجته ، ومن هنا جعلهما الشرع
المطهر مسئولين عن أفراد أسرتيهما .
عن
ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ
رَعِيَّتِهِ ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ
فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ
زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ) .
رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .
2.
وإن من مسئولية الأبوين تعليم أولادهما – ذكوراً وإناثاً – على البر والصلة والصلاة
، وتجنيبهم كل ما يسخط الله تعالى ، كما أن من مسئولية الأبوين إعداد أولادهم لتحمل
مسئولية ما بعد خروجهم من بيت أهليهم ، فيعوَّد الابن على ما يناسب ذكوريته من
أعمال ، كشراء الأغراض من المحال ، ومساعدة والده في صيانة المنزل ، وتعوَّد الأنثى
على ما يناسب أنوثتها من أعمال ، كالقيام بالتدبير المنزلي ، والقيام بمساعدة
والدتها في أعمال المطبخ ، مع التنبيه على أنه ثمة أعمالا مشتركة بين الجميع لا
ينبغي التهاون فيها ، كترتيب كل واحد منهم لفراشه ، وغرفته ، وأغراضه الشخصية ،
وينبغي أن يكون ذلك كله بالتدرج ، والإقناع ، مع الرفق ، وعدم تحميل أحد منهم ما لا
طاقة له به .
3.
وإن من القواعد المتبعة عند الناجحين في تربية أولادهم : أن يتولى الأب تعليم
وتوجيه أبنائه الذكور ، وأن تتولى الأم تعليم وتوجيه بناتها الإناث ؛ لقرب كل واحد
من جنسه ، ولسهولة إيصال الأهداف المنشودة كلٌّ للطرف الذي يتولى تعليمه وتوجيهه .
4.
هذا ، ولا ينبغي للأم أن تحمِّل ابنتها ما لا طاقة لها به من العمل المنزلي ، وإنها
إن فعلت ذلك فستجني شوكاً وحنظلاً جرَّاء فعلها ذاك ، وليست البنت سجينة مع الأعمال
الشاقة في بيت أهلها حتى تفعل الأم معها مثل ما جاء في السؤال ، بل هذا مما يحرم
عليها فعله ، ثم هو يُنتج نتائج عكسية ، وسيعود ضررها على الأم ، ثم على الأسرة
كلها ، ومن المعلوم أن الضغط يولِّد الانفجار ، وقد حصل مثل هذا مع أسرٍ كثيرة ،
كان من نتيجته : أن هربت البنت من بيت أهلها ! ولك أن تتصور أثر تلك الفضيحة على
الأسرة كلها ، وقد حصل أن طلِّقت الزوجات بسبب ذلك ، وحصل – قريباً – أن انتحر والد
فتاة هربت من بيت أهلها .
لذا
: فعلى الأم أن تتقي الله ربَّها ، وأن تعلم أنها راعية في بيتها ، وستسأل يوم
القيامة عن رعيتها تلك هل نصحتها ؟ هل أدت الأمانة المناطة بها على أحسن وجهها ؟
وإن ما تفعله بعض الأمهات من تثقيل الحِمْل على بناتها في العمل المنزلي ليس صواباً
، وإن عليها أن توزع أعمال المنزل على جميع أولادها ، كلٌّ حسب طاقته ، ووقته ؛ بل
ينبغي أن تعلم الأم الكريمة أن شئون البيت مسئوليتها هي أولا ، فهي الراعية في بيت
زوجها ، وهي المسئولة عن خدمته ، وإنما تحمل أبناءها بقدر ما يطيقون ، وما تدربهم
عليه من الأعمال .
5.
ولا ينبغي للوالدين أن يكون همهم العمل المنزلي دون أن يكون للتوجيه الديني منزلته
، فيُعطى الأولاد أوقاتاً مناسبة للصلاة ، وطلب العلم ، والاستفادة من عمرهم
لآخرتهم ، ويُعطى وقت خاص للبنات لتعليمها ـ زيادة عن أشقائها ـ ما تحتاجه من الفقه
المتعلق بالنساء ، كأحكام الحيض وعلامات البلوغ ، وغير ذلك . ثم الأهم من ذلك
تربيتها على الأدب والعفاف والحياء .
6.
وعلى الوالد أن يتقي الله ربَّه في أبنائه الذكور ، وأن يحسن تربيتهم ، ويعلمهم
الجد والاجتهاد ، وتركهم على الحال الذي جاء ذِكره في السؤال ضرر عليهم ، وعليه ،
وعلى الأسرة كلها ، فترك توجيههم التوجيه السديد ، والرضى لهم بالكسل : يدل على
تفريط في إدارة دفة البيت ، ويدل على تقصير في الأمانة التي حمَّله إياها ربه تعالى
، فإذا أضيف إلى ذلك نظرهم لمحرَّم ، واستماعهم لمنكر : صار شريكاً لهم في الإثم ،
وكذا تأثم والدتهم إن هي رضيت بذلك الحال السيئ الذي هم فيه .
ونسأل الله تعالى أن يهدي الوالدين لما فيه رضاه ، وأن يجمع أفراد أسرتهما على طاعة
الله تعالى ، وأن يصلح حالهم وبالهم ، وأن ييسر لك الزوج الصالح والسكن في بيت جديد
، وأسرة صالحة .
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟