إنني طالب في كلية ” الطب ” ، وقد أُخبرت بأن القمر ومراحله يحدد خصوبة المرأة ، فما رأيكم ؟ .
هل للقمر علاقة بسلوك الناس ، وخصوبة المرأة ؟
السؤال: 140448
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
من يطلع على موروثات الأمم السابقة يجد مِن بينها مَن يعتقد في القمر تأثيراً بالغاً ، وخاصة إن كان مكتملاً ، وذلك التأثير في سلوك العنف ، والإجرام ، والتسبب في نوبات الصرع ، وتأثيره في خصوبة المرأة ، وغيرها .
ومن يطلع على بعض البحوث المعاصرة يجد تأييداً لتلك الموروثات من قبَل بعض الأطباء والباحثين ، ويؤيدون ذلك في أبحاثهم ، حتى غدا ذلك – عند كثيرين – عقيدة لا تتزحزح ، وقناعة لا يُشك فيها .
وقد تتبع الدكتور حسن محمد صندقجي حفظه الله “استشاري أمراض الباطنية والقلب في مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض” تلك الدراسات المثبتة لذلك التأثير ، ونقل أسماء القائلين بها ، ومراكزهم العلمية ، ثم ذكر الدراسات التي ترد على تلك السابقة ، والتي تُبين خطأها ، وعوارها ، وأيَّدها ، وبيَّن أنها هي الصواب .
قال الدكتور حسن محمد صندقجي – وفقه الله – :
وكان الدكتور ” إيفان كيلي ” الباحث النفسي بجامعة ” ساسكاتشوان ” في ” ساسكاتون ” قد تعمق في بحث موضوع القمر وتأثيراته على حياة الناس ، ونشر أكثر من 15 بحثاً طبيّاً نفسيّاً عن هذا الموضوع ، وراجع أكثر من 200 دراسة علمية طبيَّة عن علاقة القمر بحياة الناس النفسيَّة ، والصحيَّة ، وعبَّر عن رأيه الصريح في الأمر برمته قائلاً : ” رأيي الشخصي هو أن الادِّعاء بوجود تأثيرات لاكتمال القمر بهيئة البدر لم يثبت علميّاً ، والدراسات التي تم إجراؤها لم تكن نتائجها متوافقة ، ومنضبطة ، ولكل دراسة إيجابية في نتائجها : هناك دراسة أخرى سلبيَّة النتائج ، تُقابلها ، وتُلغيها ” .
… .
وتساءل الدكتور ” إيريك تشدلر ” ، الباحث النفسي بجامعة ” واشنطن ” في ” سياتل ” بالولايات المتحدة بالقول : ” هل من الممكن أننا – كثقافة – نُحب الفكرة القائلة بوجود قوة غامضة مُؤثرة للقمر على الأحداث في حياتنا ؟! وأننا بالتالي ندعم تلك الخرافة إلى الأمام ، وقُدماً ، لأننا نُريد إثبات ذلك ، بأي شكل ؟! ” .
وأضاف : ” حينما يحصل أمر غير معتاد ، ويكون القمر آنذاك بَدْراً : فإن الناس عادةً ما يُلاحظون ظهور القمر بهيئته المكتملة ، ويلومونه في التسبب بحصول تلك الأمور .
وعلق الدكتور ” سكوت براندهورست ” الباحث النفسي في ” روبرت ميوري كلينك ” التابع لمؤسسة ” فورست ” بالولايات المتحدة على الموضوع بالقول : ” إنها واحدة من الخرافاتmyths التي استمرت بالحضور بقوة عبر الأجيال المتعاقبة ، ونحن – كمجتمع – لا نزال نستخدم اكتمال القمر لتعليل سلوكيات الناس ” .
وفي عدد شتاء عام 1986 من مجلة البحث عن حقائق الشكوك Skeptical Inquirer ، صدر تقرير ” الهيئة العلمية للتحقيق في مزاعم الأمور الخارقة للعادة ” CSICO ، الذي تفحص بالتحليل نتائج العديد من الدراسات العلمية التي تناولت بالبحث علاقة مراحل ظهور القمر lunar phases بالتصرفات غير الطبيعية ، وأعطى هذا التقرير رأيه في الأسباب التي لا تزال تجعل الكثيرين يستمرون في الاعتقاد بتأثيرات مراحل القمر ! .
… .
ووفق ما قاله التقرير صراحة : ” وفي 23 دراسة تم فحص نتائجها : تبيَّن أن في نصفها تقريباً – وعلى أقل تقدير – خطأ ، أو خطأين ، في طريقة البحث العلمي ، وبتصحيح تلك الأخطاء المنهجية في البحث ، وبالعودة إلى النتائج الأصلية لتلك الدراسات : فإننا لم نجد أن هناك علاقة ثابتة ومتوافقة بين مراحل القمر وبين تلك التصرفات غير الطبيعية من الناس ، والتي تُوصف عادة بأنها نتيجة لتأثيرات القمر عليهم ” .
وقال العلماء في تقريرهم : ” إن كانت البراهين العلمية تقول لنا بأنه لا تُوجد تلك التأثيرات المزعومة للقمر : فلماذا تستمر فرضية ” القمر المكتمل ” بين الناس ؟ ” .
وأجابوا : ” بأن هناك ثلاث عوامل تؤدي إلى استمرار ذلك المعتقد ، وهي : انحدار مستوى التقارير الإعلامية ، وضحالة المعرفة بعلم الفيزياء الطبيعية ، والانحياز ، والميل لدى بعض المتخصصين في علم النفس ” .
… .
وكان الباحثون من مركز علوم الصحة بجامعة ” جنوب فلوريدا ” قد ذكروا في عام 2004 ، ضمن مراجعاتهم العلمية لعلاقة اكتمال البدر بالأمراض العضوية : أن هناك العديد من الدراسات الطبية التي حاولت فهم العلاقة بين أطوار ظهور القمر وبين الإصابات بنوبات الجلطات القلبية ، ومعدل الولادات ، ومحاولات الإقدام على الانتحار ، وارتفاع الحاجة للدخول إلى المستشفيات نتيجة تهيج حالة المرضى النفسيين ، ونوبات الصرع التشنجي ، وأكدوا على أن نتائج تلك الدراسات : لم تجد علاقة تُذكر بين مراحل ظهور القمر ، وبين حصول تلك الحالات المرضية . انتهى .
جريدة ” الشرق الأوسط ” ، الأحـد 11 شـوال 1429 هـ ، 12 اكتوبر 2008 ، العدد 10911 .
وقد نصَّ الدكتور حسن محمد صندقجي – وفقه الله – على ما ورد في السؤال من تأثير القمر على خصوبة المرأة ، فقال :
لا علاقة بين القمر ومفاجآت الحمل والولادة
هناك مَن يعتقد بأن ثمة علاقة بين وقت حصول تلقيح البويضة الأنثوية بالحيوان المنوي الذكري بالنسبة لدورة القمر الشهرية وبين جنس المولود ، وكذلك بين وقت الولادة وبين مراحل دورة القمر الشهرية ، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالحمل ، والولادة ، وعلى سبيل المثال ، ذكر ” كيرتس جاكسون ” – مدير المستشفى البروتستانتي لجنوبي ” كاليفورنيا ” – بأن احتمالات الحمل ترتفع حينما تتلاقى البويضة مع الحيوان المنوي في أيام أوقات ظهور القمر ، مقارنة بأيام أوقات المحاق وتضاؤل حجم قرص القمر ، وتوصل إلى هذه الملاحظة بعد متابعته أكثر من أحد عشر ألف حالة حملٍ حصلت خلال بحر ست سنوات .
والأكثر غرابة من هذا : ما لاحظه الباحثون الألمان بعد متابعة أكثر من 33 ألف حالة ولادة ، حيث توصل الدكتور ” بيوهلر ” إلى أن احتمالات الحمل بمولود ذكر ترتفع في أيام ظهور القمر في حجم مكتمل .
والواقع : أن الدراسات الأحدث ، والأدق ، لمجموعات من الباحثين الطبيِّين ، لاحظتْ أن لا علاقة بين الأمْرين ، وعلى سبيل المثال : أشارت دراسة الباحثين من ” كارولينا الشمالية ” ، والمنشورة ضمن عدد مايو 2005 من المجلة الأميركية لطب النساء والتوليد : أن نتائج المراجعة العلمية لحالات أكثر من 500 ألف مولود لا تدل البتة أن هناك صلة بين وقت الولادة من جهة وبين مراحل دورة القمر الشهرية ، وفق ما قالته الدكتورة شيللي غالفن ، الباحثة المشاركة في الدراسة . انتهى .
جريدة ” الشرق الأوسط ” ، الأحـد 11 شـوال 1429 هـ ، 12 اكتوبر 2008 ، العدد 10911 .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب