0 / 0

التوفيق بين رؤية جبريل وآدم ومحمد عليهم السلام للجنة مع حديث ( ما لا عين رأت … )

السؤال: 140514

من المعلوم أن في الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، لكن أولم يكن آدم في الجنة ؟ أولم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم الجنَّة أيضاً ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ ) ، ثُمَّ قَرَأَ ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .

رواه البخاري ( 3072 ) ومسلم ( 2824 ) وعنده : ( بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمْ اللَّهُ عَلَيْهِ ).

ثانياً:

وأما كون آدم عليه السلام كان في جنة الخلد : فهو الراجح من قولي العلماء ، وهو قولجمهور أهل السنَّة ؛ لأدلة كثيرة ، ليس هذا موضع بسطها ؛ إذ ليس السؤال عنها .

قال ابن كثير – رحمه الله – :

وقد اختُلف في الجنة التي أسكنها آدم ، أهي في السماء أم في الأرض ؟ والأكثرون على الأول ، وحكى القرطبي عن المعتزلة والقدرية القول بأنها في الأرض .

” تفسير ابن كثير ” ( 1 / 233 ) .

ومن أراد التوسع في المسألة : فلينظر ما كتبه ابن القيم رحمه الله فيها في أوائل كتابه ” مفتاح دار السعادة ” ، وأيضاً في كتابه ” حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ” .

ثالثاً:

وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للجنة ودخوله فيها : فقد ثبت ذلك في أحاديث كثيرة ، وقد بوَّب الإمام الآجري في كتابه ” الشريعة ” على بعض تلك الأحاديث بقوله : ” باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم الجنَّة ” ، وروى تحته أحاديث ، منها :

1. عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ ) . رواه البخاري ( 3069 ) .

ورواه مسلم ( 2737 ) من حديث ابن عباس .

2. عن أَنَس بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ فَإِذَا طِينُهُ – أَوْ طِيبُهُ – مِسْكٌ أَذْفَرُ ) .

رواه البخاري ( 6201 ) .

وفي رواية ( لمَّا عُرج بالنبي صلى الله عليه وسلَّم إلى السماء أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ حَافَتَاهُ … ) .

( أذفر ) شديد الرائحة الذكية .

وفي لفظ صحيح في ” مسند أحمد ” ( 19 / 66 ) : ( دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِنَهْرٍ حَافَتَاهُ خِيَامُ اللُّؤْلُؤِ ) .

3. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلُ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ قَالَ إِنِّي أُرِيتُ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا .

رواه البخاري ( 715 ) .

( تكعكعت ) تأخرت إلى الوراء .

رابعاً:

أما الإشكال الذي ذكره السائل ، فيقال في توجيهه : إن هذا المعَدّ في الجنة لعباد الله تعالى الصالحين مما لم يرَه أحدٌ ، كما وردت به النصوص ، وأما اطلاع آدم ونبينا محمد عليهما الصلاة والسلام فإنما كان على بعض ما في الجنة ؛ وإذا كانت الجنة ( فيها ما لاعين رأت .. ) ، لم يلزم أن يكون مما لم تره كل عين ؛ بل يجوز أن يكون فيها أشياء ، رأتها بعض العيون ، وإن كان فيها ما هو مدخر مخبوء ، لم تره عين ، ولم تسمع به أذن ، ولم يبلغه وهم واهم، ولا وصف واصف .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – :

قلت : وأصح التوجيهات لخصوص سياق حديث الباب حيث وقع فيه ( ولا خطر على قلب بشر ذخراً من بله ما أطلعتم ) إنها بمعنى ” غير ” ؛ وذلك بيِّن لمن تأمله ، والله أعلم .

” فتح الباري ” ( 8 / 517 ) .

وحتى لو كان معنى ( بَلْهَ ) ” دع ” ، أو ” اترك ” : فإنه لا يخرج عن المعنى السابق .

قال النووي – رحمه الله – :

فأما ( بَلْه ) فبفتح الباء الموحدة وإسكان اللام ، ومعناها : دع عنك ما أطلعكم عليه ؛ فالذي لم يطلعكم عليه أعظم ، وكأنَّه أضربَ عنه استقلالاً له في جنب ما لم يطلع عليه ، وقيل : معناها غير ، وقيل : معناها كيف .

” شرح النووي على مسلم ” ( 17 / 166 ) .

ولعله إلى ذلك المعنى السابق تقريره ، يشير حديث الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ قال : قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً ؟ قَالَ : هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيُقَالُ لَهُ : ادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ ؟ فَيُقَالُ لَهُ : أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا ؟ فَيَقُولُ : رَضِيتُ رَبِّ ، فَيَقُولُ : لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ ، فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ : رَضِيتُ رَبِّ ، فَيَقُولُ : هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ ، فَيَقُولُ : رَضِيتُ رَبِّ ، قَالَ : رَبِّ فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً ؟ قَالَ : أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ .

قَالَ : وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) .

رواه مسلم ( 189 ) .

فكأن أعلاهم منزلة هم أحظى الناس بهذا الكنز المخفي ، والنعيم الذي لم تنله العيون ، ولم تبلغه الظنون !!

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android