عندما كان عمري 4 أو5سنوات نمت مع عمي ، وعندما صحوت من النوم وجدت سائل أبيض على أرجلي ، مثل الحليب ، وخفت من هذا الشيء ، علماً انه غير متزوج وبالغ ، وبعد بلوغي أصبحت أمارس العادة السرية بكثرة ، وبعدها عرفت أن فيه غشاء البكارة ، وأنا خفت أني فقدتها من عمي ، وبعد الزواج قلت لزوجي إن في واحد أتاني ، وما أدري هل فقدت عذريتي أو لا ، وحلفت أني ما أعرف هذا الشخص ، كذبا ؛ وقلت : الله لا يوفقني إذا كنت أعرفه . فما الحكم ، وهل علي كفاره ؟ علماً أني خفت من المشاكل وقطيعة الرحم وضياع مستقبلي ، والآن أنا متزوجة ، وكانت عذريتي موجودة ، يعني اعتقادي كان خطأ ، وإن عمي لم يأتني مثل ما كنت معتقدة ، ولكني غير موفقة بحياتي ، فماذا تنصحني أن افعل ؟
حلفت كاذبة ، فكيف تكفر عن ذلك ؟
السؤال: 140534
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لقد أخطأت أيتها الأخت السائلة في أمور عديدة ، وفتحت على نفسك أبواب الوساوس والظنون ، وقد كنت في غنى عن ذلك كله ؛ فلا ندري حقا : ما الذي حملك ، وأنت في هذه السن الصغيرة ، أن تحملي ما رأيت على بدنك على محامل السوء التي كدرت عليك عيشك ، وفتحت عينك على أبواب المعاصي ، حتى أكثرت من تلك الفعلة القبيحة ، نسأل الله لنا ولك الهدى والعفاف .
ثم أخطأت مرة أخرى في حق نفسك ، وفي حق بيتك وزوجك ، حينما فتحت صحائف الماضي السوداء ، لتسودي بها عيشك مع زوجك ، ففاتحتيه في أمر لم يعرفه هو ، ولم يسألك عنه ، لتعذبيه معك بالشك والظنون ، والقلق والريبة منك ومن أمرك . أصلحك الله .
ثم أخطأت مرة ثالثة بالإقدام على يمين كاذبة ، كنت في غنى عنها ، ولا نظنها نفعتك في شيء ، ودعوت على نفسك بعدم التوفيق ، وأنت تعلمين أنك كاذبة ؛ ثم ها أنت الآن تقولين : إنك غير موفقة في حياتك ؛ إن أمرك لعجب ، وما كان أغناك عن ذلك كله !!
والآن ـ يا أمة الله ـ أول ما يجب عليك أن تتوبي إلى الله تعالى من كل ما فعلتيه في حق ربك ، وفي حق نفسك ، وفي حق زوجك وبيتك ؛ وأن تصلحي قدر استطاعتك هذا الذي أفسده عليك سوء تصرفك وعدم تقديرك للأمور ؛ فأفهمي زوجك أن ذلك الذي حدث لم يكن أكثر من ظن كاذب ، ووهم تبين خطؤه ؛ لكنك أنت التي فتحت أبواب الوساوس والظنون .
واجتهدي في أن يرى منك صدق الحديث ، واستقامة الحال ، وعفة القول ، ليطمئن إليك ، وتقر عينه بك .
ثانيا :
أما عن يمينك التي حلفت : " أنك ما تعرفين " هذا الشخص الذي فعل ما فعل ، بحسب ظنك به ، فهذه من اليمين الغموس ؛ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وسميت غموسا لأنها تغمس صاحبها الإثم ثم في النار؛ لأن الحالف على أمر ماض كاذباً عالماً ـ والعياذ بالله ـ جمع بين أمرين: بين الكذب، وهو من صفات المنافقين، وبين الاستهانة باليمين بالله، وهو من صفات اليهود، فإن اليهود هم الذين ينتقصون ربهم، ويصفونه بالعيوب، فحينئذٍ تكون يمينه غموساً" .
" الشرح الممتع " (15/130) .
وهذه اليمين ليس فيها كفارة على القول الراجح عند أهل العلم ؛ ؛ بل الواجب فيها التوبة إلى الله تعالى ، واستغفاره ، مع ما يجب عليك من الحذر من التساهل في شأن الأيمان ، ولو كنت صادقة ؛ فكيف إذا كنت كاذبة ؟!
سئلت اللجنة الدائمة :
" إنني طالب في معهد سلفي لجماعة أنصار السنة المحمدية بكسلا، وهناك اتحاد إسلامي لطلبة أرتريا، ويوجد بينهم خلافات كبيرة بين الاتحاد والجماعة، ولذلك فالنشاط معهم ممنوع وأنا قد اشتركت معهم، ولما علم مشرف المعهد سألني: هل أنت في الاتحاد؟ فقلت له: لا، فأجبرني على الحلف فحلفت باحتمال، ولكن لم أتأكد من الاحتمال الذي فعلته، هل هذا اليمين تكون يمينا غموسا أو تجب كفارة؟ مع العلم أنني لو لم أجبر لما حلفت، واعتبرت ذلك ضرورة ؛ لأنني لو لم أصدقه لرفضني من المعهد، فأنا حفاظا على العلم فعلت ذلك "
فأجاب علماء اللجنة :
" اليمين التي ذكرت تسمى اليمين الغموس، وهي من كبائر الذنوب، ولا تجدي فيها الكفارة لعظيم إثمها، ولا تجب فيها الكفارة على الصحيح من قولي العلماء، وإنما تجب فيها التوبة والاستغفار، فعليك التوبة والاستغفار منها " . انتهى . "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/133) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" لي أخ مستخرج جواز سفر وأراد استخراج واحد آخر وفي أثناء التحري قال له المتحري: أتحلف بأنه ليس لك جواز سابق . وكان لم ير مصحفا أمام المتحري ثم أخرجه المتحري . وقد خاف الأخ وحلف إنه لم يستخرج جواز سفر آخر . أفيدونا عن حكم ذلك وهل عليه دم . وهل تجزئ الكفارة ؟ "
فأجاب رحمه الله :
" عليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى ، وهكذا كل كاذب عليه التوبة إلى الله ، والصدق في ذلك والندم ، وعدم العودة .
وليس في اليمين الكاذبة كفارة على الصحيح ، فكفارات الأيمان على المستقبل إذا خالف ؛ مثل أن يقول : ( والله ما أفعل كذا أو والله لا أكلم فلانا ) ، أما الكذاب فعليه التوبة فقط ؛ يتوب إلى الله ويندم على ما صنع ويقلع عن الذنب ، ويعزم عزما صادقا ألا يعود في ذلك ، عن إخلاص لله ورغبة فيما عنده ، وبذلك يعفو الله عنه ؛ لأن التوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب ، كما قال الله عز وجل : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (23/115) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب