تنزيل
0 / 0

تسيء لزوجها في العشرة وتحرمه حقوقه وتطلب النصح والتوجيه

السؤال: 141396

تزوجت منذ سنتين ، ومنذ ذلك الحين مررت أنا وزوجي ببعض المشاكل والمصاعب ، فعلى الرغم من أنني أحاول أن أكون امرأة صالحة إلا أنني أعاني من قلة الصبر ، وسوء الأخلاق ، وقلة العلم ، ونقص في مستوى الإيمان ، وازدادت هذه الامور سوءًا بعد أن أنجبت المولود الأول ، لم أكن أعلم أن الأمومة ورعاية الأطفال بهذه الصعوبة وأنها مسئولية كبيرة ، لذلك بدأت تدريجيّاً وبلا شعور أهمل زوجي ، وأضيع حقوقه ، ولا أتجمل له ، وأتحجج بأن لديَّ طفل ، وبأنه بحاجة إلى الرعاية ، وأن المسؤليات كثيرة بالكاد أنوء بحملها ، وأنني أتعب من الطبخ والعناية بالوليد ومراعاة شئون المنزل ، في البداية أظهر صبراً على هذه الحال ولكنه من حين لآخر يتندم أنه تزوج بي ، ويقول : إنه استعجل في الإنجاب ، في الحقيقة إنه رجل طيب ، وما زلت في ذمّته إلى الآن ، فما رأيكم ؟ ما العمل لحل هذه المشكلة ؟ .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

1. من الجيد أنك كنت منصفة في عرض قضيتك ، وإن هذا من شأنه أن يسهِّل علينا الإجابة
، فأنت لم تذكري شيئاً سيئاً عن زوجك ، وكل ما جاء في سؤالك يدينك ، فالمشكلة منك ،
وحلها عندك .

2. واعلمي أن حقوق زوجك عليك عظيمة ، ولو كان ثمة سجود في شرعنا لأحدٍ من البشر
لكان من الزوجة لزوجا ؛ لعظم حقه عليها .

عن أبي هريرة رضي اللَّهُ عنه عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : ( لَوْ
كُنْتُ آمِراً أحَداً أَنْ يسْجُدَ لأَحدٍ لأَمَرْتُ المرْأَة أَنْ تَسْجُدَ
لِزَوْجِهَا ) .

رواه الترمذي
( 1159 )
وحسَّنه ، وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ”
.

3. واعلمي أن سوء خلق الزوجة مع زوجها وعدم إعطائه حقوقه يتسبب في أشياء :

1. تطليقها ، فلا شيء يلزم الزوج في البقاء مع زوجة تسيء إليه ، ولا تعطيه حقه في
المعاشرة الحسنة .

2. التزوج عليها ، وهذا من أبرز أسباب التعدد ، فبعض الأزواج لا يرغب – لظروف – في
فك وثاق الزوجية فيلجأ إلى التزوج بامرأة أخرى ، وقد يجد الزوج بغيته مع تلك الزوجة
الأخرى .

3. ضربها والإساءة إليها باللفظ ، وهذا – أيضاً – مما يحدث كثيراً ، فيقابل الزوجُ
إساءة زوجته وتقصيرها في حقه بالإساءة له باللفظ والفعل .

4. وبما أنك قد ذكرتِ فيك أشياء ترينها سبباً في مواقفك من زوجك : فإننا نرى أن
إصلاحها هو الذي سيكون – بإذن الله – سبباً في إنهاء تلك المشكلات وتبدل الحال إلى
أحسن منه ، فقد قلت في سؤالك إنك تعانين ” من قلة الصبر ، وسوء الأخلاق ، وقلة
العلم ، ونقص في مستوى الإيمان ” ، ولنقف مع هذه الأمور لنعالجها ، ونرجو الله أن
يسددنا ، ونرجو منك العمل بما ننصحك به ، ونوجهك إليه .

أ. أما قلة الصبر : فإن علاجه يكون بأمور :

1. أن تتفكري جيِّداً بعواقب ذلك على نفسك ، وعلى حياتك الزوجية ، فلعل وقوفك مع
هذا المرض والتأمل في عواقبه السيئة أن يردعك عنه ، فيزداد صبرك ولا يقل .

2. التأمل في ثواب الصبر والصابرين ، وما أعده الله تعالى من الأجور العظيمة
للصابرين ، ولعل ذلك – أيضاً – أن يدفعك للتحلي بذلك الخلق الجميل ، وأن تنضمي
لقافلة الصابرين ، لتنعمي بحياة مطمئنة في دنياك ، وتنالين أجوراً جزيلة في أخراك ،
ولعله أن يكفيك أن تتأملي في قوله تعالى
(
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر/10 لتعلمي أن
الثواب جزيل ، والأجر عظيم .

3.
واعلمي أنه لا عذر لك في أنه لا صبر عندك أو أنه قليل ؛ إذ يمكنك أن تصبِّري نفسك ،
فكما أن العلم بالتعلم : فإن الصبر بالتصبر ، فكلما رأيتِ شيئاً يدعوك للغضب اضبطي
نفسك ، وصبريها ، وانشعلي بذكر الله تعالى ، واشغلي ذهنك بأشياء أُخر ، فهكذا
تعودين نفسك على الصبر ، وهذا هو التصبر الذي نريده منك ، وهو من خير عطاء يُعطاه
المسلم من ربه تعالى ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( وَمَنْ يَتَصبَّر يُصبِّرْه الله ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ
عَطَاءً هُوَ خيراً وَأَوْسَع مِن الصَّبْر ) رواه البخاري ( 1400 ) ومسلم ( 1053 )
.

4.
وندعوك – أخيراً – لاتخاذ قدوات صالحات ممن تعرفين من أخواتك النساء ، فثمة كثيرات
صبرن على حالهن ، وعلى أزواجهن ، رغم ما عانين من شدة في المعيشة ، وسوء في أخلاق
الزوج ، فكتب الله لهن التوفيق ، والسعادة ، ووهبهن الذرية الصالحة الطيبة ، فكيف
يكون حالك ، وأنت لم تذكري عن زوجك شيئا من الشدة أو البزاء ، أو الجفاء ؛ فاجعلي
من أولئك قدوات لك ، ولا تنظري إلى من فقدت صبرها فتصرفت بقيادة غضبها : فإنها
خاسرة ، ولن تحصد إلا السوء والنقصان .

قال تعالى : ( فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود/ 49
.

ب.
وأما سوء الأخلاق :
فإن علاجه يكون بأمور :

1.
التأمل بعواقب بسوء الأخلاق ، وأنها جالبة لسخط الله ، وسخط الناس ، وأنك بها
تخسرين بيتك وزوجك ، وآثار سوء الأخلاق أكثر من أن تُحصى .

وأن
تتعرفي على أن عواقب حسن الخلق ، وما أعده الله للحسنة أخلاقهم في الآخرة ، فضلاً
عما يجده أصحابه في الدنيا من ذِكرٍ حسنٍ بين الناس ، وكسب لقلوبهم .

عن
جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ مِن أَحَبِّكُم
إِلَيَّ وَأَقرَبِكُم مِنِّي مَجلِسًا يَومَ القِيَامَةِ أَحَاسِنُكُم أَخلَاقًا )
.

رواه الترمذي ( 2018 ) وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .

وقد
قيل :
” مَن حسُن خلُقُه : طابت
معيشته ، ودامت سلامته ، وتأكدت في الناس محبته ، ومَن ساء خُلُقُه
:
تكدرت معيشته ، ودامت بغضته ، ونفر الناس منه ” .

2.
الدعاء بأن يهديك الله لأحسن الأخلاق وأن يصرف عنك سيئها ، وقد كان هذا الدعاء مما
علمنا إياه نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقوله في استفتاح صلاتنا ، فقد روى مسلم –
( 771 ) – عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ : (
وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا
أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ … وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ لا يَهْدِي
لأَحْسَنِهَا إِلا أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي
سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ ) .

3.
عليك بمجاهدة نفسك ، فالخلق الحسن يحتاج لهداية – كما سبق في حديث علي السابق – ،
فتحتاج النفس لمجاهدة حتى تستقيم على الخلق الحسن ، وقد وعد الله تعالى من جاهد
نفسه أن يوفقه ويهديه ، فقال : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت/ 69 .

4.
الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الآخرين ، فهو خير قدوة ،
وأفضل

أسوة ، وقد زكَّاه ربه تعالى فقال ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم/ 4 ،
فاستحق أن يكون خير أسوة ، قال تعالى ( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ
اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب/ 21 .

قال
ابن حزم – رحمه الله – :

مَن
أراد خير الآخرة وحكمة الدنيا وعدل السيرة والاحتواء على محاسن الأخلاق كلها
واستحقاق الفضائل بأسرها : فليقتد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليستعمل
أخلاقه وسيره ما أمكنه ، أعاننا الله على الائتساء به بمنِّه ، آمين .


الأخلاق والسير في مداواة النفوس ” ( ص 24 ) .

ولينظر كتاب ” سوء الخلُق ، مظاهره ، أسبابه ، علاجه ” تأليف : الشيخ محمد بن
إبراهيم الحمد .

ج. وأما نقص العلم ، فإنما يكون علاجه بالتعلم ، كما في الحديث عن النبي صلى الله
عليه وسلم : ( العلم بالتعلم ، والحلم بالتحلم ، ومن يَتَحَرَّ الخير يُعْطَه ، ومن
يتَوّقَّ الشر يُوقَهْ ) رواه ابن أبي خيثمة في كتاب ” العلم ” ، رقم (114) ، وحسنه
الألباني .

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( إنَّ الرَّجُلَ لاَ يُولَدُ عَالِمًا ،
وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ ) رواه ابن أبي شيبة في “المصنف” (8/542) .

وكما أنه يجب عليك أن تتعلمي ما تحتاجين إليه في أمر دينك ، من العقائد والعبادات
والأخلاق ، فإن في حاجة إلى أن تتعلمي ما يجب عليك تجاه زوجك ، وما يستحب لك في
عشرتك معه ، وذلك أيضا من دين الله الذي تؤمرين به ، وتحاسبين على التفريط فيه .

وقد
يسَّر الله تعالى من طرق طلب العلم الشيء الكثير من الوسائل ، فالكتب المحققة في
متناول الأيدي ، والقرص الضوئي الواحد فيه ألوف العناوين من الكتب ، ويسهل الحصول
على مواد سمعية لعلماء ثقات يشرحون فيها صغار العلم وكباره ، كما تتيسر القنوات
الإسلامية ، والدروس في المساجد ، ومواقع الإنترنت ، والبال توك ، وغير ذلك من
الوسائل التي أقيمت بها الحجة على كل مسلم ، وما كان صعباً متعذراً في سالف الزمان
أصبح الآن سهلاً يسيراً .

وانظري جواب السؤال رقم (

10471
) فهو مهم .

د. وأما نقص الإيمان : فإن له أسباباً متعددة ، كما قد ذكرنا أبرزها في
جواب السؤال رقم (

10809
) فلينظر .

وأما علاج ذلك النقص والضعف في الإيمان
: فإنه يوجد في هذا الموقع رسالة بعنوان ” ظاهرة ضعف الإيمان ” ، وفيها بيان تام
لما يعانيه كثير من الناس من ضعف الإيمان ، مع بيان الأسباب والعلاج ، ولا مزيد
عليها إن شاء الله فننصحكِ بقراءتها ، وهذا رابطها :


/books/dofuleeman/arabic.html

وثمة نصيحتان من كبار أهل العلم تضاف
إلى ما سبق ، وتختصر لكِ المراد منكِ : فانظريهما في جواب السؤال رقم (

14041
) .

ومن المهم أن تبحثي عن أخوات صالحات
مستقيمات ؛ لتصاحبيهن ، فيدللنك على الطريق الصحيح في التعامل مع الزوج ، ولتتقوي
بهن في طلب العلم ، وأداء الطاعات ، فالمؤمن قوي بأخيه .

5. وعدم إعطائك زوجك حقَّه من التجمل والتزين هو مما يوجب الإثم عليك ، فاحذري أن
تقعي فيما يسخط الله عليك ، وليس انشغالك بالمسئوليات وأعمال البيت ورعاية الولد
بعذرٍ ، ونحن نجزم أن الأمر لو كان عليك صعباً وشديداً ، لكان زوجك معيناً لك ،
وصابراً على التقصير في حقه ، لكننا لا نرى لك عذراً في ذلك التقصير ، ومهما بلغت
الأعذار عند الزوجة فإن مصيرها النوم بجانب زوجها ، فما الذي يمنعها من التزين له
وإعطائه حقه ، بحسن الكلام وجميل الفعال؟ .

وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 11 / 271 ) :

من حقوق الزوج على زوجته : أن تتزين له بالملبس والطِّيب ، وأن تُحسن هيئتها ، وغير
ذلك مما يرغِّبه فيها ، ويدعوه إليها ،
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال : قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُ النِّسَاءِ الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ
، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ ، وَلاَ تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا
وَمَالِهِ
)

رواه النسائي ( 3131 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح النسائي ” –
فإنْ أَمَر الزوجُ زوجتَه بالتزين فلم تتزين له : كان له حق تأديبها ؛ لأن الزينة
حقه .

انتهى

وفي جواب السؤال رقم (

10680
) تجدين تفصيلاً وافياً حول حقوق الزوج على زوجته ، وحقوق الزوجة على
زوجها
.

6. وأخيراً :

إذا كان زوجك طيِّباً – كما تقولين – فإن صبره عليك قد ينفد ، وقد يتخذ من الأفعال
ما قد تندمين عليه ، ونعني به : الإساءة إليك ، أو تطليقك ، أو التزوج عليك ،
فاحذري من عواقب سوء عشرتك له ، وبادري إلى التوبة أولاً ، ثم إلى إصلاح حالك معه ،
وإلى الاعتذار منه على ما بدا منك ، مع العزم الأكيد على تغيير حياتك للأفضل فيما
بينك وبين ربك أولاً بالالتزام بالواجبات والإكثار من الطاعات ، وفيما بينك وبينه
ثانياً لتقوم حياتكما على المودة والرحمة ، وتساهما في تربية ذرية صالحة .

ونسأل الله أن يوفقك لما فيه مرضاته ، وأن يصلح حالك وبالك .

وننصحك بمراجعة كتاب

أربعون نصيحة لإصلاح البيوت

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android