0 / 0

من الذي أشار بتحريق إبراهيم الخليل عليه السلام ؟

السؤال: 141963

قرأت في كتاب تاريخ يحكي عن قصة النبي إبراهيم عليه السلام ، أنه لما صنع المنجنيق ورمي بها في النار فإن صانعه قد خسف الله تعالى به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ، فهل ثبت حديث في هذا الباب ؛ لأني أعلم أن مثل هذه الأمور لا بد فيها من الخبر الصادق .
وجزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لم يرد في الأخبار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء عن الشخص الذي أشار بتحريق خليل الله إبراهيم عليه السلام ، وإنما جاء ذلك في كتب المفسرين والمؤرخين عن بعض الصحابة والتابعين :

عن مجاهد قال : تلوت هذه الآية على عبد الله بن عمر – يعني قوله تعالى : ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ) الأنبياء/68 فقال :

أتدري – يا مجاهد – من الذي أشار بتحريق إبراهيم عليه السلام بالنار ؟ قال : قلت : لا . قال : رجل من أعراب فارس . قال : قلت : يا أبا عبد الرحمن ! وهل للفرس أعراب ؟ قال : نعم ، الكرد هم أعراب فارس ، فرجل منهم هو الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار .

رواه الطبري في ” جامع البيان ” (18/465)، وفي ” تاريخ الرسل والملوك ” (1/168) قال : حدثنا ابن حميد ، قال حدثنا سلمة ، قال حدثني محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن دينار ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد .

وهذا إسناد ضعيف ، بسبب الليث بن أبي سليم ، فإن أكثر النقاد على تضعيف حديثه ، وله كثير من المناكير في رواياته عن مجاهد عن ابن عمر خاصة . انظر ” تهذيب التهذيب ” (8/468)، ” سير أعلام النبلاء ” (6/179)، وفي الإسناد أيضا الحسن بن دينار متفق على ضعفه . انظر حاشية محقق ” تهذيب الكمال ” (6/145) ، ومحمد بن حميد الرازي ، شيخ الطبري : ضعيف جدا ، متهم بالكذب ، على سعة حفظه . انظر : تهذيب التهذيب (9/111) وما بعدها .

وعن شعيب الجبائي قال :

إن الذي قال حرقوه ” هيزن “، فخسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة .

رواه الطبري في ” جامع البيان ” (9/42)، وفي ” تاريخ الرسل والملوك ” (1/168) قال : حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني وهب بن سليمان ، عن شعيب به .

وشعيب هذا إخباري يروي عن كتب بني إسرائيل ، كحال روايات وهب بن منبه ، وقد سئل عنه الإمام أحمد فقال : رجل قرأ الكتب ، يشبه وهبا .

ومن كان هذا حاله فأخباره التي يرويها ، ولا يكون لها شواهد من الكتاب والسنة الصحيحة تبقى موقوفة ، من غير تصديق ولا تكذيب . انظر ترجمة شعيب في ” ميزان الاعتدال ” (2/278)

هذا فضلا عن أن في السند إليه بعض العلل ، فوهب بن سليمان هذا لم يذكره أحد بجرح ولا تعديل ، وترجمته في ” التاريخ الكبير ” للبخاري (8/169)، و ” الجرح والتعديل ” لابن أبي حاتم (9/27)، وذكره ابن حبان في ” الثقات ” (7/557)

وقد تتابع كثير من المفسرين والمؤرخين على ذكر هذه الحادثة ، ولكن ليس على وجه التصديق والجزم ، وإنما على سبيل الحكاية للاستئناس والاعتبار .

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

” وذلك أنهم شرعوا يجمعون حطبا من جميع ما يمكنهم من الأماكن ، فمكثوا مدة يجمعون له ، حتى إن المرأة منهم كانت إذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطبا لحريق ابراهيم .

ثم عمدوا إلى جوبة عظيمة ، فوضعوا فيها ذلك الحطب ، وأطلقوا فيه النار فاضطرمت وتأججت والتهبت ، وعلا لها شرر لم ير مثله قط .

ثم وضعوا ابراهيم عليه السلام في كفة منجنيق صنعه لهم رجل من الأكراد يقال له هيزن ، وكان أول من صنع المجانيق ، فخسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة .

ثم أخذوا يقيدونه ويكتفونه وهو يقول : لا إله إلا أنت سبحانك ، لك الحمد ، ولك الملك ، لا شريك لك .

فلما وضع الخليل عليه السلام في كفة المنجنيق مقيدا مكتوفا ثم ألقوه منه إلى النار قال : حسبنا الله ونعم الوكيل ” انتهى.

” البداية والنهاية ” (1/168-169)

والخلاصة : أنه لم يرد في الأدلة الصحيحة شيء عن أول من صنع المنجنيق لرمي إبراهيم عليه السلام في النار بواسطته ، ولا من أشار على قومه بتحريقه ، وإنما يحكى ذلك في كتب المؤرخين ، منقولا عن علماء أهل الكتاب ، فلا يمكننا الجزم بصدقه ولا بكذبه .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android