هل من السنة حمل العصا في خطبة الجمعة ؟
السؤال: 142222
في بعض المساجد أرى الإمام يمسك بالعصا أثناء خطبته ، فهل هذا من السنة ؟
بارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
اختلف الفقهاء في حكم اتكاء الخطيب على العصا ونحوها من قوس أو سيف أثناء خطبة
الجمعة على قولين :
القول الأول : الندب والاستحباب ، وهو مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية
والحنابلة .
يقول الإمام مالك رحمه الله :
”
وذلك مما يستحب للأئمة أصحاب المنابر ، أن يخطبوا يوم الجمعة ومعهم العصي يتوكؤون
عليها في قيامهم ، وهو الذي رَأَيْنا وسَمِعْنا ” انتهى.
”
المدونة الكبرى ” (1/151)، وهو المعتمد في كتب متأخري المالكية ، كما في ” جواهر
الإكليل ” (1/97)، وفي ” حاشية الدسوقي ” (1/382).
ويقول الإمام الشافعي رحمه الله :
”
أحب لكل من خطب – أيَّ خطبة كانت – أن يعتمد على شيء ” انتهى.
”
الأم ” (1/272)، وهو معتمد مذهب الشافعية أيضا ، كما في ” نهاية المحتاج ”
(2/326)، ” حاشية قليوبي وعميرة ” (1/272) .
ويقول البهوتي الحنبلي رحمه الله :
”
ويسن أن يعتمد على سيف أو قوس أو عصا بإحدى يديه ” انتهى .
”
كشاف القناع ” (2/36)، وانظر: ” الإنصاف ” (2/397)
واستدل أصحاب هذا القول بأن الاتكاء على العصا ثابت من فعل النبي صلى الله عليه
وسلم في أحاديث كثيرة ، منها حديث الحكم بن حزن أن النبي صلى الله عليه وسلم قام
يوم الجمعة (متوكئا على عصا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه…) إلى آخر الحديث .
رواه أبو داود (1096) ، قال النووي في ” المجموع ” (4/526) : حديث حسن . وحسنه
الألباني في ” صحيح أبي داود “. وضعفه بعض أهل العلم ، فقال ابن كثير في ” إرشاد
الفقيه ” (1/196) : ليس إسناده بالقوي .
القول الثاني : الكراهة ، وهو معتمد مذهب الحنفية وإن خالف بعض فقهائهم .
قال
صاحب التتارخانية – ونسبه لصاحب ” المحيط البرهاني ” – ما نصه :
”
وإذا خطب متكئاً على القوس أو على العصا جاز ، إلا أنه يكره ؛ لأنه خلاف السنة ”
انتهى.
”
الفتاوى التتارخانية ” (2/61)
وجاء في ” الفتاوى الهندية ” (1/148) على مذهب الحنفية :
”
ويكره أن يخطب متكئا على قوس أو عصا , كذا في الخلاصة , وهكذا في المحيط , ويتقلد
الخطيب السيف في كل بلدة فتحت بالسيف , كذا في شرح الطحاوي ” انتهى.
وفي
كلام العلامة ابن القيم ما يدل على أن الاتكاء على العصا ليس من هدي النبي صلى الله
عليه وسلم في الخطبة على المنبر
.
قال
رحمه الله :
”
ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيرَه ، وإنما كان يعتَمِد على قوس أو عصاً قبل
أن يتَّخذ المنبر ، وكان في الحرب يَعتمد على قوس ، وفي الجمعة يعتمِد على عصا ،
ولم يُحفظ عنه أنه اعتمد على سيف ، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف
دائماً ، وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف : فَمِن فَرطِ جهله ، فإنه لا
يُحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ، ولا قوس ، ولا غيره ، ولا قبل
اتخاذه أنه أخذ بيده سيفاً البتة ، وإنما كان يعتمِد على عصا أو قوس ” انتهى.
”
زاد المعاد ” (1/429)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
”
قوله : ( ويعتمد على سيف أو قوس أو عصا ) أي : يسن أن يعتمد حال الخطبة على سيف ،
أو قوس ، أو عصا ، واستدلوا بحديث يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في صحته
نظر ، وعلى تقدير صحته ، قال ابن القيم : إنه لم يحفظ عن النبي صلّى الله عليه
وسلّم بعد اتخاذه المنبر أنه اعتمد على شيء .
ووجه ذلك : أن الاعتماد إنما يكون عند الحاجة ، فإن احتاج الخطيب إلى اعتماد ، مثل
أن يكون ضعيفاً يحتاج إلى أن يعتمد على عصا فهذا سنة ؛ لأن ذلك يعينه على القيام
الذي هو سنة ، وما أعان على سنة فهو سنة ، أما إذا لم يكن هناك حاجة ، فلا حاجة إلى
حمل العصا ” انتهى.
”
الشرح الممتع ” (5/62-63)
وقد
أيد الشيخ الألباني رحمه الله كلام ابن القيم ، ونفى أن يكون ثبت في الأحاديث ما
يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب على المنبر اتكأ على القوس أو
العصا ، وذلك في ” السلسلة الضعيفة ” (حديث رقم/964)
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟