رجل مسافر وأثناء سفره مر ببلدة يصلي أهلها صلاة الجمعة فدخل مع الإمام بنية الظهر فلما سلم الإمام سلم معه على أن نيته أنه يصلي الظهر قصراً . ما حكم صلاة هذا الرجل ؟ وهل له أن يصلي خلف إمام يصلي الجمعة أن يصلي بنية الظهر ؟ وإذا كانت صلاته لا تصح فهل يعيد هذه الصلاة ؟
حكم من نوى الظهر خلف إمام الجمعة
السؤال: 142492
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
المسافر لا تجب عليه الجمعة في قول جمهور العلماء ، فإن حضر وصلاها أجزأته ، وهل تجب عليه بحضوره ، أم له أن ينصرف ، ويصليها ظهرا ؟
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا تجب عليه بحضوره .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إن حضر الجمعة لزمته ، كالمريض .
وعلى القول الأول يجوز له أن ينوي الظهر خلف إمام الجمعة ، لكنه يفوت على نفسه أجر الجمعة .
وإذا صلى الظهر ، صلاها أربع ركعات ؛ لأنه مؤتم بمقيم .
قال النووي رحمه الله : ” قال أصحابنا : إذا حضر النساء والصبيان والعبيد والمسافرون الجامع فلهم الانصراف ويصلون الظهر … وأما الأعمى الذي لا يجد قائدا فإذا حضر لزمته ولا خلاف لزوال المشقة . وأما المريض فأطلق المصنف والأكثرون : أنه لا يجوز له الانصراف , بل إذا حضر لزمته الجمعة , والأولى التفصيل : فإن حضر قبل دخول الوقت فله الانصراف مطلقا , وإن كان بعد دخول الوقت وقبل إقامة الصلاة ونيتها : فإن لم تلحقه زيادة مشقة بانتظارها لزمته , وإن لحقته لم تلزمه بل له الانصراف . وهذا التفصيل حسن واستحسنه الرافعي” انتهى .
“المجموع” (4/358) .
وقال رحمه الله أيضاً : “ولو نوى الظهر مقصورة خلف الجمعة – مسافرا كان إمامها أو مقيما – فطريقان : المذهب وهو نصه في الإملاء – وبه قطع المصنف والأكثرون : لا يجوز القصر لأنه مؤتم بمتم …” انتهى من “المجموع” (4/234) .
وينظر : “المغني” (2/94)، “شرح منتهى الإرادات” (1/310).
وقال في “الإنصاف” (2/368) : ” وقال الشيخ تقي الدين [يعني : ابن تيمية] : يحتمل أن تلزمه تبعا للمقيمين . قال في الفروع : وهو متجه , وهو من المفردات [يعني : انفرد به الإمام أحمد عن سائر الأئمة] .
وذكر بعض أصحابنا وجها وحُكي رواية : تلزمه بحضورها في وقتها , ما لم يتضرر بالانتظار , وتنعقد به ، ويؤم فيها . وهو من المفردات أيضا ” انتهى .
وهذا القول اختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وقال : ” إذا حضر المسافر الجمعة وجب أن يصليها جمعة , لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)
والمراد بالصلاة هنا صلاة الجمعة بلا ريب , والمسافر داخل في الخطاب فإنه من الذين آمنوا , ولا يصح أن ينوي بها الظهر ولا أن يؤخرها إلى العصر ؛ لأنه مأمور بالحضور إلى الجمعة .
وأما قول السائل : إنه مسافر تسقط عنه الجمعة فصحيح أن المسافر ليس عليه جمعة , بل ولا يصح منه الجمعة لو صلاها في السفر ؛ لأن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يقيم الجمعة في السفر , فمن أقامها في السفر فقد خالف هدي النبي صلي الله عليه وسلم , فيكون عمله مردودا بقول النبي صلي الله عليه وسلم : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) . أما إذا مر المسافر ببلد يوم الجمعة وأقام فيه حتى حان وقت صلاة الجمعة وسمع النداء الثاني الذي يكون إذا حضر الخطيب فعليه أن يصلي الجمعة مع المسلمين , ولا يجمع العصر إليها , بل ينتظر حتى يأتي وقت العصر فيصليها في وقتها متى دخل ” انتهى من “مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين” (16/62) .
والحاصل : أن المسافر إذا صلى الظهر خلف من يصلي الجمعة ، صحت صلاته عند بعض أهل العلم ، ولزمه أن يتم الظهر لأنه مؤتم بمقيم ، والأحوط له أن يصلي الجمعة خروجا من خلاف من أوجب ذلك عليه ، وتحصيلا لأجر الجمعة .
وأما إعادتك للصلاة فلا يظهر وجوب ذلك عليك ، نظراً لأن المسألة اجتهادية ، وما فعلته صحيح عند بعض أهل العلم .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب