دفع الرشوة لطبيب لا يهتم بالمرضى
السؤال: 143065
بادرت إلى تقديم رشوة الى طبيب دون أن يطلبها ؛ لأنه مشهور بعدم الاهتمام بالمرضى إن لم تدفع له رشوة ، و مستحيل أن يهتم بك إن لم تدفع له ، بل يصل به الأمر إلى الانتقام من المرضى ، فدفعت له لأتخلص من شره ، هل أنا مذنب بهذا ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الرشوة كبيرة من كبائر الذنوب ، لما رواه أحمد (6791) وأبو داود (3580) عن عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي . صححه الألباني في “إرواء
الغليل” (2621) .
و”الراشي” هو معطي الرشوة ، و”المرتشي” هو آخذها .
وهي محرمة على الآخذ في جميع الأحوال .
ومحرمة على المعطي كذلك ، إلا إذا لم يتوصل إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه إلا
بالرشوة
.
قال الخطابي رحمه الله : “إذا أَعطى ليتوصل به إلى حقه ، أو يدفع عن نفسه ظلماً :
فإنه غير داخل في هذا الوعيد ” انتهى من “معالم السنن” ( 5 / 207 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه ،
أو ليعطيه حقه الواجب : كانت هذه الهدية حراماً على الآخذ , وجاز للدافع أن
يدفعها إليه , كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إني لأعطي أحدهم
العطية …الحديث )” انتهى من “الفتاوى الكبرى” (4/174) .
وقال أيضا :” قَالَ الْعُلَمَاءُ : يَجُوزُ رِشْوَةُ الْعَامِلِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ
، لا لِمَنْعِ الْحَقِّ ، وَإِرْشَاؤُهُ حَرَامٌ فِيهِمَا ( يعني : أخذه للرشوة
حرام ) . . .
وَمِنْ ذَلِكَ : لَوْ أَعْطَى الرَّجُلُ شَاعِرًا أَوْ غَيْرَ شَاعِرٍ ; لِئَلا
يَكْذِبَ عَلَيْهِ بِهَجْوٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ لِئَلا يَقُولَ فِي عِرْضِهِ مَا
يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : كَانَ بَذْلُهُ لِذَلِكَ جَائِزًا ، وَكَانَ مَا
أَخَذَهُ ذَلِكَ لِئَلا يَظْلِمَهُ حَرَامًا عَلَيْهِ ; لأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ
تَرْكُ ظُلْمِهِ . . .
فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ الْمَالَ لِئَلا يَكْذِبَ عَلَى النَّاسِ ، أَوْ لِئَلا
يَظْلِمَهُمْ كَانَ ذَلِكَ خَبِيثًا سُحْتًا ; لأَنَّ الظُّلْمَ وَالْكَذِبَ
حَرَامٌ عَلَيْهِ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهُ بِلا عِوَضٍ يَأْخُذُهُ مِنْ
الْمَظْلُومِ ، فَإِذَا لَمْ يَتْرُكْهُ إلا بِالْعِوَضِ كَانَ سُحْتًا ” انتهى
باختصار من “مجموع الفتاوى” (29/ 252) .
وينظر للفائدة : سؤال رقم 🙁72268)
، ورقم 🙁70516)
.
وعليه
:
فإن كان هذا الطبيب معروفاً بعدم إعطاء المريض حقه من الاهتمام والفحص ، أو بإلحاق
الأذى بالمريض ، ولم يوجد طبيب غيره ، فلا حرج عليك فيما فعلت .
وينبغي الحذر من التساهل في هذا الأمر العظيم ، فإن هذا التساهل – مع كونه محرماً –
هو سبب من أسباب انتشار الرشوة وعظم البلاء بها ، والواجب أن يبحث الإنسان عن
الوسائل المشروعة لقضاء حوائجه قبل أن يقدم على الرشوة .
وعلى هذا الطبيب – وغيره من الموظفين – أن يتقوا الله تعالى فيما ولّوا من الأعمال
، فإن الله تعالى سائلهم عن ذلك ، وأن يعلموا أن الرشوة محرمة ، وأن هدايا العمال
محرمة ، وأن المال الحرام عاقبته إلى خسار وبوار ، وأن كل جسد نبت من سحت فالنار
أولى به .
نسأل الله السلامة والعافية .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة