0 / 0

حكم لبس حزام من الجلد أثناء الصلاة

السؤال: 143663

هل يجوز لبس الحزام المصنوع من الجلد أثناء الصلاة؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الحزام المصنوع من الجلد إما أن يكون مأخوذا من جلد حيوان مذكى تذكية شرعية ، فهذا لا حرج في لبسه لكونه طاهرا اتفاقا .

وإما أن يكون من جلد ميتة ، وهذه الميتة قد تكون لحيوان يقبل التذكية حال الحياة كالإبل والبقر والغنم ، فيطهر جلدها بالدبغ على الراجح ، وهو مذهب الحنفية والشافعية ورواية للحنابلة .

وقد تكون لحيوان لا تحلّه الذكاة كالكلب والخنزير والنمر ونحوه من السباع ، ففي طهارة جلده بالدبغ خلاف .

قال النووي رحمه الله : ”  فرع في مذاهب العلماء في جلود الميتة هي سبعة مذاهب :

أحدها : لا يطهر بالدباغ شيء من جلود الميتة لما روي عن عمر بن الخطاب وابنه وعائشة رضي الله عنهم وهو أشهر الروايتين عن أحمد ورواية عن مالك .

والمذهب الثاني : يطهر بالدباغ جلد مأكول اللحم دون غيره وهو مذهب الأوزاعي وابن المبارك وأبي ثور وإسحاق بن راهويه .

والثالث : يطهر به كل جلود الميتة ، إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما . وهو مذهبنا , وحكوه عن علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما.

والرابع : يطهر به الجميع إلا جلد الخنزير وهو مذهب أبي حنيفة .

والخامس : يطهر الجميع والكلب والخنزير ، إلا أنه يطهر ظاهره دون باطنه ؛ فيستعمل في اليابس دون الرطب ، ويصلى عليه ، لا فيه , وهو مذهب مالك فيما حكاه أصحابنا عنه .

والسادس : يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة والكلب والخنزير ظاهرا وباطنا , قاله داود وأهل الظاهر , وحكاه الماوردي عن أبي يوسف .

والسابع : ينتفع بجلود الميتة بلا دباغ ، ويجوز استعمالها في الرطب واليابس . حكوه عن الزهري ” انتهى من ” المجموع” (1/270) ، وينظر : الموسوعة الفقهية (15/ 252) .

ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه لا يطهر إلا جلد الحيوان الذي تحله الذكاة ، أي : مأكول اللحم .

قال رحمه الله : ” فمناط الحكم على المذهب هو طهارة الحيوان في حال الحياة ، فما كان طاهرا فإنه يباح استعمال جلد ميتته بعد الدبغ في يابس ، ولا يطهر. وعلى القول الثاني: يطهر مطلقا، وعلى القول الثالث: يطهر إذا كانت الميتة مما تحله الذكاة.
والراجح : القول الثالث بدليل أنه جاء في بعض ألفاظ الحديث : (دباغها ذكاتها ) ، فعبر بالذكاة ، ومعلوم أن الذكاة لا تطهر إلا ما يباح أكله ، فلو أنك ذبحت حمارا ، وذكرت اسم الله عليه ، وأنهر الدم ، فإنه لا يسمى ذكاة ، وعلى هذا نقول : جلد ما يحرم أكله ، ولو كان طاهرا في الحياة ، لا يطهر بالدباغ ، ووجهه : أن الحيوان الطاهر في الحياة إنما جعل طاهرا لمشقة التحرز منه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (إنها من الطوافين عليكم) ، وهذه العلة تنتفي بالموت ، وعلى هذا يعود إلى أصله وهو النجاسة ، فلا يطهر بالدباغ .
فيكون القول الراجح : أن كل حيوان مات وهو مما يؤكل ؛ فإن جلده يطهر بالدباغ ، وهذا أحد قولي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وله قول آخر يوافق قول من قال : إن ما كان طاهرا في الحياة فإن جلده يطهر بالدبغ ” انتهى من “الشرح الممتع” (1/91) .

وينظر : سؤال رقم (1695)

وحديث : (دباغها ذكاتها) رواه أحمد (19567)، والنسائي (4243) من حديث سلمة بن المحبّق رضي الله عنه .
قال ابن حجر في “التلخيص الحبير” (1/ 204): ” إسناده صحيح ” انتهى .
 

وعليه فإذا كان الحزام مصنوعا من جلد مأكول اللحم ، فلا حرج في لبسه والصلاة به ؛ لأنه طاهر أصالة أو بعد الدبغ .

وأما إن كان مصنوعا من حيوان طاهر في الحياة ، غير أنه لا يؤكل لحمه ، وهو ما عدا الكلب والخنزير ، فالأمر فيه أسهل من غيره ، لقوة الخلاف فيه واختيار كثير من أهل العلم القول بطهارته من أهل العلم ، وإن كان الأحوط اجتنابه ، وترك ما اشتبه أمره ، لا سيما في حال الصلاة .

وينظر : سؤال رقم (13213)

فإن لم يعلم نوع الحيوان الذي أخذ الجلد منه : فالأصل طهارة ذلك وجواز استعماله ، حتى يتبين ، أو يغلب على الظن نجاسته .

سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :

” ماذا ترون – أطال الله بقاءكم في خدمة الدين ـ في الحزامات والأحذية والمعاطف الجلدية المصنوعة في الغرب ؛ فهل يجوز لنا ارتداؤها أو لا يجوز ، بحيث لا نعرف كنه طهارتها : أهي من حيوان مذكى ، أو من خنزير ؟ ”

فأجاب علماء اللجنة :

” الأصل الطهارة وجواز لبسها حتى يثبت ما يوجب الحكم بنجاستها وتحريم لبسها ، من كونها من جلد خنزير ، أو من حيوان غير مذكى ذكاه شرعية ولم يدبغ ” انتهى .

“فتاوى اللجنة” (24/29) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android