0 / 0
82,48921/02/2010

كيف جمع الإمامان البخاري ومسلم الأحاديث ؟

السؤال: 144025

هل يمكن أن تشرحوا لي باختصار كيف جمع البخاري ومسلم الحديث ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

جمع الإمامان الجليلان محمد بن إسماعيل البخاري ، ومسلم بن الحجاج النيسابوري الأحاديث المروية في كتابيهما من مصدرين أساسيين :

مصادر شفوية : تتمثل في أخذهما العلم عن شيوخهما ، وسماعهما الأحاديث من رواتها .

مصادر مدونة ومكتوبة : وهي كتب الحديث المجموعة من قِبَل المحدِّثين الكبار السابقين لتاريخ تأليف الإمامين لصحيحيهما ، فقد ظهرت كتب حديث سميت بـ ” المسانيد ” في بدايات القرن الثاني الهجري ، كما ظهرت الكتب المرتبة على الأبواب الفقهية ، وهذه الكتب بدورها حوت الكتب والصحف الحديثية المكتوبة في القرن الأول الهجري ، ومن أشهر هذه الكتب : الجامع أو السنن لعبد الملك بن جريج (80-150هـ)، والسنن للأوزاعي (88-156هـ)، والجامع لسفيان الثوري (97-161هـ)، والموطأ لمالك بن أنس (93-179هـ) وغيرها كثير ، وقد شَكَّلَت هذه الكتب المادة الأولى لصحيحي البخاري ومسلم ، حيث سمعا هذه الكتب بالأسانيد الصحيحة إليها ، ثم ضمَّناها في كتابيهما .

يقول د/فؤاد سزكين :

” علماء الحديث لا يخفى عليهم محاولة المؤلف أنه استهدف تأليف جامع صحيح مختصر ، مستخرج من مصنفات الجيلين السابقين من المحدثين ، التي قد كثر عددها وكبرت أحجامها وتعذر على المهتمين الإحاطة بها والاستفادة منها ، ويبدو أن البخاري لم يفد من كتب الحديث فحسب ، بل إنه استخدم كثيرا من الكتب اللغوية والتاريخية والفقهية ” انتهى.

” تاريخ التراث العربي ” (1/221)

ولفؤاد سزكين كتاب خاص بعنوان ” دراسات في مصادر البخاري ” كتبه باللغة التركية ، وكتب مقدمته باللغة الانجليزية ، وكان في ترجمتها أن قال :

” ما زال الاعتقاد سائدا أن البخاري – مثل باقي المؤلفين في الحديث – لم يكن من الممكن أن يستخدموا كتبا مدونة من قبل ، وأنه جمع صحيحه من مصادر شفوية ، جمعه من رواة الحديث الذين التقى بهم أثناء رحلاته في الأقاليم المختلفة للعالم الإسلامي ، وعلى العكس من هذا الاقتناع حقيقة أن هذا العالم نفسه كان له فضل اكتشاف المصادر المدونة الأولى للحديث ، وأنه مثل بعض سابقيه قد وصل عن طريق مصادره إلى معرفة أنه وجدت بعض الوثائق في الحديث من القرن الأول الهجري ، ومع هذا فقد أخطأ هذا الباحث في فكرة أن العلماء المسلمين زعموا أن الحديث كان يؤخذ كلية من المواد الشفوية ، والواقع أن المقارنة – بين صحيح البخاري وموطأ مالك – وحدها كافية للرد على الزعم بأن البخاري لم يكن من الممكن أن يستخدم كتبا مدونة ” انتهى باختصار.

نقلا عن هامش ” تاريخ التراث العربي ” (1/221-225) ، وينظر: (1/148-151) منه . ويقول الدكتور حاكم المطيري :

” مرحلة ظهور الموسوعات الحديثية ، تبدأ تقريبا من النصف الثاني للقرن الثاني الهجري إلى آخر القرن الثاني (150-200هـ)، حيث ظهرت الموسوعات ، وكثرت كتب الحديث ، وتنوعت في موضوعها وترتيبها وأسلوبها وحجمها ، وهذه المرحلة هي التي حددها الذهبي بقوله : ( ثم كثر ذلك – أي تأليف الكتب – أيام الرشيد ، وكثرت التصانيف )، أي أن عصر هارون الرشيد (170-203هـ) هو عصر ازدهار وانتشار الكتب والمؤلفات في جميع العلوم الإسلامية والعربية في الحديث والتفسير والفقه والأصول والنحو والأدب .

وقد اعتمد علماء الحديث في هذه المرحلة على الكتب والمؤلفات التي ظهرت في المرحلة الثالثة ، فقد ألف العلماء الموسوعات الحديثية الكبيرة التي تضم كثيرا من كتب تلك المرحلة ، فنجد أن ( المصنفات ) و ( المسانيد ) في المرحلة الرابعة أصبحت تشتمل على الأحاديث التي في كتب ابن جريج ومالك وحماد بن سلمة والأوزاعي والليث بن سعد وابن أبي عروبة ، وغيرهم من علماء المرحلة الثالثة ، وقد تضاعف عدد الروايات في هذه الموسوعات الحديثية إلى حد كبير ؛ لأن مؤلفيها قد سمعوا وقرؤوا تلك الكتب على عدد من الشيوخ الذين قرؤوها أو سمعوها من أصحابها ، فيضعون في موسوعاتهم جميع روايات هؤلاء الشيوخ ، فنجد – مثلا – أن أحمد بن حنبل قد قرأ أو سمع كتب حماد بن سلمة من تلاميد حماد بن سلمة ، كشيخه يزيد بن هارون وشيخه عفان بن مسلم وشيخه موسى بن إسماعيل..إلخ ، فجمع في ( المسند ) رواياتهم جميعا ، فصار الحديث الواحد في ( مصنف ) حماد بن سلمة ثلاثة أحاديث أو أكثر في ( مسند ) أحمد بعدد الشيوخ الذين قرأ عليهم أحمد، أو سمع منهم هذا ( المصنف).

وهكذا تنوعت الكتب والمؤلفات في المرحلة الرابعة ، وتفنن العلماء في التصنيف بعدها ، فهناك المسانيد التي جمعت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وحده مرتبة على أسماء الصحابة الذين رووها… وهناك أيضا الصحاح ، وهي التي اقتصرت على الأحاديث النبوية التي اتفق علماء الحديث على صحتها مرتبة على الأبواب الفقهية ، وأشهرها صحيح البخاري (ت256هـ)، ومسلم (ت261هـ) ” انتهى.

” تاريخ تدوين السنة وشبهات المستشرقين ” (ص/99-103) .

وهكذا نعلم أن الإمامين البخاري ومسلم إنما جمعا جهود من سبقهما ، وانتقيا منها الأحاديث التي هي في أعلى مراتب الصحيح ، وذلك من خلال الرواية بالأسانيد إلى أصحاب الكتب الكثيرة المؤلفة في المرحلة السابقة ، إلى جانب الرواية عن الشيوخ الذين أسندوا الأحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم من غير طرق الكتب السابقة .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android