تطلب منه أمه التنازل عن ميراث أبيه لصالح أخيه وتسيء إليه فماذا يصنع ؟
السؤال: 144234
أنا شاب ، متدين ، ومحافظ على ديني وصلاتي ، ولا أزكي نفسي على الله ، وبار بوالدتي ، وأحب لها الخير ، وأدعو لها ، وأتصدق عنها ، وأزورها يوميا ، وأعيِّد عليها قبل ابنيها ، وأعطيها من راتبي كل شهر ، لكن المشكلة : أنها تنسى هذا كله ، وكأنني لم أفعل شيئاً ، وسبب هذا : أنها تطيع ابنها الأكبر ، وتسمع كلامه ولو كان كذباً أو خطأً ، وهي تعرف أنه كذاب لكن لا تستطيع أن تقول له أنت مخطئ ، وعمره 55 سنة ، ولا يصلي ! وبيته أمام المسجد ، ورجل فاسد ، لكن أمي تحبه حبّاً جنونيّاً لدرجة أنها تعادي من يعاديه ، وتحب من يحبه ، وبعد أن نصحتها أن هذا تفريق بين أولادك لا يجوز ولا بد أن تعدلي بينهم ، وأن فعلها سوف يبني الحقد والبغض بينهم : لا تلتفت لهذا الكلام ، وكان ابنها الأكبر قد أكل ورث إخوته وحقوقهم النقدية ، وكان يضغط عليهم – بمساعدة أمي – أن يتنازلوا له عن الأراضي ، وحين رفضتُ أنا غضبت أمي عليَّ وعادتني ، وكانت تقول : هذا الورث من حقه ، وأنتم ليس لكم شيء ! ونصحتها أن عملها هذا حرام ، فغضبت مني ، وصبرتُ عليها ، وتحملتُ ، وقلت : حقي من ورث والدي لن أتنازل عنه ، فأصبحت تعاديني ، وتقف مع ابنها الأكبر ، وتحقيري أمام الناس ، وإحراجي في المناسبات ، ورفضهم أن أُحضرها ، مما جعلني في همٍّ وغمٍّ من تحقيرهم لي أمام الناس ، وبعد أن عرفتُ أن والدتي لن يتغير طبعها معي وترك ظلمي وأنها مصرة على الوقوف مع ابنها الأكبر ، وخوفاً على ديني ، وأن تفلت أعصابي ، أو يوسوس لي الشيطان وأخطئ في حق والدتي : تركتها ، وتركت زيارتها ، وسافرت لمنطقة بعيدة ؛ كي أنساهم ، لكن – والله العظيم – يا شيخ – إني أتصدق عنها ، وأدعو لها في كل صلاتي أن الله يهديها وتترك الظلم وترجع لي الحق وتترك ابنها الذي يوسوس لها مثل الشيطان .
يا شيخ :
هل فعلي هذا عقوق ؟ .
( ياشيخ كثير من الشباب عقوا والديهم بسبب التفريق بينهم ) .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
ما تفعله من بر والدتك ، والإحسان
إليها : هو من الأعمال الجليلة ، والواجب فعلها من كل ولد تجاه أبويه ، وخاصة
والدته .
وانظر جواب السؤال رقم (
5053 )
.
ثانياً:
وما تقوله من أن التفريق في معاملة
الوالدين تجاه أولادهم يؤدي إلى الفرقة ، والتباغض ، والتحاسد : صحيح ، ولذلك منعت
الشريعة المطهرة الآباء والأمهات أن يهبوا لأحد أولادهم ما لا يفعلونه مع باقيهم ،
ومن شأن من خالف هذا أن يسبب بغضاً وتنافراً في الأسرة الواحدة ، سواء تجاه من أعطى
منهما ، أو من أخذ من إخوانه ، وقد يكون البغض لكليهما .
وانظر أجوبة الأسئلة : (
22169 ) (
8217 ) و (
67652 ) .
ثالثاً:
ما يطلبه شقيقك وأمك منك أن تتنازل عن
نصيبك في ميراث والدك : ليس من العدل في شيء ، بل هو من الظلم ، ومن أكل الأموال
بغير حق ، ولا يلزمك طاعة أمك فيه ، بل عليهما أن يتقيا الله في طلبهما ذلك منك ؛
فإنه لا يحل لهم ، وعلى أخيك أن يتقي الله تعالى فيعطي كل ذي حق – من إخوته – حقَّه
، وما أخذه من نصيبهم من الميراث فهو سحت يأكله ، ومالٌ حرام يطعمه ، ونأسف أن نقول
إن والدتك شريكة في هذا الإثم ؛ حيث أعانته على ذلك ، بل وتطلب منك بقوة أن تتنازل
عن حصتك من أجله .
رابعاً:
ما فعلتْه أمك معك من الإساءة والتحقير
، وما تطلبه منك من إعطاء حصتك في الميراث لأخيك : لا يبيح لك – بحال – أن تعاديها
، ولا أن تعقها ، ولا أن تترك برَّها والإحسان إليها ، نعم ، لا يلزمك طاعتها فيما
تطلبه منك من التنازل عن حصتك في الميراث ، لكن الله تعالى قد أمرك بالإحسان إليها
وبِرِّها حتى لو كانت تجاهدك لتكفر بالله تعالى ! فكيف وهي تجاهدك للتنازل عن شيء
من لعاع الدنيا ؟!
وابتعادك عن البيت قد تكون معذوراً فيه
، لا سيما إن كانت في معيشتك معهم ضرر عليه ، أو أذى يلحق بك ، وشق عليك أن تصبر
على أذاهم ، لكن هذا لا يعفيك من استمرار الاتصال بأمك والسؤال عنها ، والإحسان
إليها قدر طاقتك
ولعل من الخير أن تخبر والدتك بسبب
ابتعادك عنهم ، وأنك مع ذلك تدعو لها في صلاتك ، وأنك تتصدق عنها ، فلعلَّ ذلك
الإخبار أن يكون سبباً في تغيير موقفها تجاهك .
ونرجو منك النظر في جواب السؤال رقم (
84330 ) فهو متمم لجوابنا هنا .
خامساً:
من الضروري نصح أخيك بالصلاة ، وبيان
خطر تركها عليه ، وكذا تنصح أمك بأن تنقذ ولدها من النار بدلاً من الحرص على دنياه
وتجميع المال بين يديه ! وقد ثبت كفر تارك الصلاة في القرآن والسنَّة وإجماع
الصحابة رضي الله عنهم ، فليس الأمر بالهين ، ولا باليسير ، وماذا ينفعه أن يعيش في
الكفر والظلم ؟ وما هي السعادة التي ينعم بها ؟ إن الحياة أقصر من أن يأمل البقاء
فيها ، وإن الدنيا أحقر من أن يعيش من أجلها ، فليسارع إلى طاعة ربه بإقامة الصلاة
.
وقد بيَّنا هذا في جواب السؤال رقم (
10061 ) ، وبيَّنا في جواب السؤال رقم (
70278 ) أن الذي لا يصلي لا تؤكل ذبيحته ، وبيَّنا في جواب السؤالين (
37820 ) و (
49698 ) أن تارك الصلاة لا يقبل منه عمل ، لا زكاة ، ولا صيام ، ولا حج ولا شيء
.
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة