لم يثبت عن علي بن أبي طالب التشنيع على جنس النساء
السؤال: 145056
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
أيها الناس ! لا تطيعوا للنساء أمراً ، ولا تأمنوهن على مال ، ولا تدعوهن يدبرن أمر عشير ، فإنهن إن تُرِكن وما يردن أفسدن الملك ، وعصين المالك ، وجدناهن لا دين لهن في خلواتهن ، ولا ورع لهن عند شهواتهن ، اللذة بهن يسيرة ، والحيرة بهن كثيرة ، فأما صوالحهن ففاجرات ، وأما طوالحهن فعاهرات ، وأما المعصومات فهن المعدومات ، فيهن ثلاث خصال من اليهود : يتظلمن وهن ظالمات ، ويحلفن وهن كاذبات ، ويتمنعن وهن راغبات ، فاستعيذوا بالله من شرارهن ، وكونوا على حذر من خيارهن ، والسلام .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا
الكلام لا تصح نسبته إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وذلك
لدليلين اثنين :
الأول : أنه ليس له أصل إسنادي في كتب السنة والآثار ، ولا يعرف له موضع في كتب أهل
السنة ، اللهم إلا أن القرطبي نقله بنصه في كتاب ” التذكرة في أحوال الموتى وأمور
الآخرة ” (ص/818) من طبعة دار المنهاج ، وقال المحقق الدكتور الصادق : بحثت عن هذا
الأثر عن علي رضي الله عنه ولم أجده ، وما أظن أن يثبت مثل هذا عنه رضي الله عنه ،
لما فيه من المبالغة في التشنيع على النساء على وجه لا يليق ” انتهى. وعن الإمام
القرطبي نقله السخاوي في ” المقاصد الحسنة ” (ص/458) والعجلوني في ” كشف الخفاء ”
(2/63) ولم يحكما فيه بشيء.
الثاني : فيه مبالغة ظاهرة في التشنيع على جنس النساء ، والتحذير منهن ، ولو كان
التحذير مقتصرا على شرار النساء لكان مقبولا ، أما أن يشمل التحذير والتشنيع
الصالحات من النساء فهذا أمر مرفوض لا يقبل ، وليس في الشريعة ما يؤيده ، ولا يصدر
عن مثل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو العالم بقول الله تعالى : (
فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ )
النساء/34، وبقوله عز وجل : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ
وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ
وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ
وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ
اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا
عَظِيمًا ) الأحزاب/35.
وكل
ما ورد من آثار في بعض كتب التاريخ والأدب تحث على ترك طاعة النساء ، ومخالفة أمرهن
، وذم الصالحات فيهن ، وتخوين الطاهرات منهن : فهي آثار مردودة لا تثبت ، وإنما
يؤمن بها الرافضة في تراثهم المزور ، فقد عقد الكليني في كتابه ” الكافي ” (5/518)
بابا بعنوان ” باب في ترك طاعتهن “، وسرد فيه مجموعة من الآثار التي تشنع على
النساء في هذا الشأن ، وأما نحن فنقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ) رواه أبو داود (رقم/236)، فالنساء فيهن العابدات
المؤمنات اللاتي شاركن في بناء التاريخ الإسلامي العظيم ، فلا يقبل التعميم الذي
يرد في بعض الآثار عن بعض السلف وفيه مبالغة التشنيع على جنس النساء .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟