أنا شاب أصبت بمرض الوسوسة وبحمد الله عز وجل فله الفضل سبحانه وتعالى أنني تعافيت من بعضه ولكنني في تلك الفترة نذرت أكثر من نذر منها أنني قلت إن كنت أؤمن بالله عز وجل واليوم الآخر أنني سأصوم شهرا كاملا متواصلا إن فعلت كذا زجرا لنفسي ، وأعدت الفعل ومرة أربعة اشهر متواصلة وأنا أعلم أن حكمه حكم نذر اللجاج ولكن زدت الزيادة لأجل تخويف نفسي وزجرها فهل يلزمني الوفاء بالنذر لأنني قلت إن كنت أؤمن بالله واليوم الآخر وأنا لا أشك أنني أؤمن بالله عز وجل واليوم الآخر وهل هذه الكلمة كقول هو يهودي أو نصراني إن لم يفعل كذا؟ أفتوني جزاك الله خيراً .
نذر أن يصوم أربعة أشهر زجراً لنفسه
السؤال: 145185
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا ً :
نذر اللجاج هو النذر الذي يكون للحث على فعل شيء أو تركه من غير قصد للقربة والطاعة على وجه التحقيق ، وذلك كأن يقول : ( إن فعلت كذا فعلي حجة ، أو صوم شهر ، أو التصدق بألف دينار ) ونحو ذلك .
والناذر فيه مخير بين الوفاء بما نذره ، أو دفع كفارة يمين ، وقد سبق بيان تفصيل ذلك في جواب السؤال (2587) .
ثانياً :
قول الإنسان في نذره : ( إن كنت أؤمن بالله عز وجل واليوم الآخر ، سأصوم شهرا كاملا إن فعلت كذا) هو من باب التأكيد وحث النفس على الالتزام بالنذر لكونها تؤمن بالله واليوم الآخر .
وليس ذلك كقول الإنسان : ( هو يهودي أو نصراني إن لم يفعل كذا وكذا ) .
فهذه الجملة الأخيرة لا يجوز لمسلم أن يقولها أبدا ، وهي من الألفاظ المحرمة التي قد توصل صاحبها للكفر والعياذ بالله .
روى البخاري (1364) ومسلم (110) عن ثَابِت بْن الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قال) .
قال النووي : ” إِنْ كَانَ الْحَالِف مُعَظِّمًا لِمَا حَلَفَ بِهِ مُجِلًّا لَهُ كَانَ كَافِرًا , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَظِّمًا بَلْ كَانَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ فَهُوَ كَاذِبٌ فِي حَلِفه بِمَا لَا يُحلَفُ بِهِ , وَمُعَامَلَته إِيَّاهُ مُعَامَلَة مَا يَحْلِف بِهِ “. انتهى من شرح صحيح مسلم (2 /126) .
وقَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي في ” السنن ” (1543) : “وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا ، فَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدْ أَتَى عَظِيمًا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ .
وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ : عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ”.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” لو قال : هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا ، أو إن فعل كذا فهو كافر ونحو ذلك ، فإن الأئمة متفقون على أنه إذا وجد الشرط فلا يكفر ، بل عليه كفارة يمين عند أبى حنيفة وأحمد في المشهور عنه ، وعند مالك والشافعي : لا شيء عليه “. انتهى “مجموع الفتاوى” (33/199).
ووجوب الكفارة هو اختيار علماء اللجنة الدائمة للإفتاء حيث قالوا : “إذا فعل ما حلف على تركه أو ترك ما حلف على فعله ، فعليه كفارة يمين ، مع التوبة إلى الله ، وعدم العود إلى مثل هذه اليمين ، ولا يكفر بذلك وتكفيه التوبة والعمل الصالح” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (23/309) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة