تنزيل
0 / 0

خرج مع بعض الدعاة ويسأل عن ثلاث مسائل سمعها منهم

السؤال: 145255

كتب مع بعض الدعاة، وقالوا لي أشياء جعلتني في حيرة ، فأعلموني إن كانو على صواب أم لا . على سبيل المثال : قالوا لي : إني إذا رفعتُ الأذى من الطريق فسوف أنال الحور العين في الجنة ، وكذلك لو قمت بالتصفير فإني أنادي على الشيطان ، بل قالوا لابن أخي إنه إذا لم يرتد غطاء الرأس الإسلامي فسوف يجلس الشيطان على رأسه . فهل هذه الأشياء صحيحة ؟ .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

ما ذكره لك هؤلاء الدعاة من أنك " إذا رفعتَ الأذى من الطريق فسوف تنال الحور العين في الجنة " ، قد اعتمدوا فيه على حديث غير صحيح ، وهو ما روي عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( يا علي ! أعط الحور العين مهورهن : إماطة الأذى عن الطريق ، وإخراج القمامة من المسجد ، فذلك مهر الحور العين ) .

رواه الديلمى في " مسند الفردوس " ( 5 / 328 ) من غير إسناد ، والكتاب من مظنة الأحاديث الضعيفة .

وانظر تخريجه في جواب السؤال رقم ( 102757 ) .

ولإماطة الأذى عن الطريق فضائل تابتة ، تغني عن مثل ذلك :

أ. فإماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ ) .

رواه البخاري ( 9 ) ومسلم ( 35 ) – واللفظ له – .

ب. وإماطة الأذى عن الطريق موجب لشكر الله تعالى لفاعله ، ولمغفرة ذنوبه :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَه ) .

رواه البخاري ( 624 ) ومسلم ( 1914 ) .

ج. وإماطة الأذى عن الطريق موجب لدخول الجنة :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ ) .

رواه مسلم ( 1914 ) .

وفي رواية :

( مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ ) .

د. وإماطة الأذى عن الطريق من العمل النافع :

عن أَبي بَرْزَةَ الأسلمي قَالَ : قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ قَالَ : ( اعْزِلْ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ) .

رواه مسلم ( 1915 ) .

قال النووي – رحمه الله – :

هذه الأحاديث المذكورة في الباب ظاهرة في فضل إزالة الأذى عن الطريق ، سواء كان الأذى شجرة تؤذي ، أو غصن شوك ، أو حجراً يعثر به ، أو قذراً ، أو جيفة ، وغير ذلك .

 وإماطة الأذى عن الطريق من " شُعَب الإيمان " – كما سبق في الحديث الصحيح – وفيه التنبيه على فضيلة كل ما نفع المسلمين وأزال عنهم ضرراً .

قوله صلى الله عليه و سلم ( رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق ) أي : يتنعم في الجنة بملاذِّها بسبب قطعه الشجرة .

" شرح مسلم " ( 16 / 171 ) .

ثالثاً:

أما ما ذكر من أنك " لو قمتَ بالتصفير فإنك تنادي على الشيطان " ؛ فهذا لا أصل له في كتاب ولا سنَّة .

وفي التصفير خلاف بين العلماء فمن قائل بالتحريم ، ومن قائل بالجواز ، والقول الثالث : الكراهة ، وهو ما سبق اختياره في الموقع ، كما في جواب السؤال رقم ( 115403 ) ، فلينظر .

رابعاً:

وأما ما ذكره لابن أخيك من " أنه إذا لم يرتد غطاء الرأس الإسلامي فسوف يجلس الشيطان على رأسه " ، فقول باطل ، ولا أصل له في الشرع .

وتغطية الرأس ترجع لعرف الناس ، فإن تعارف أهل البلد على أن الرجال يغطون رؤوسهم ، كان ترك ذلك من خوارم المروءة التي يذم بها الرجل ويعاب ، وكان ستره في الصلاة حينئذ ـ كستره خارج الصلاة أيضا ـ أفضل ؛ لأنه يكون من تمام الزينة .

وأما عدم تغطية الرأس بمجرده ، فليس إثم .

وإن تعارف الرجال في مكان ما ، أو زمان ما ، فيما بينهم على كشف رؤوسهم ، فلا حرج ـ حينئذ ـ في كشفه ، والأمر في ذلك واسع ، إن شاء الله .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :

إذا طبَّقنا هذه المسألة على قوله تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) الأعراف/ 31 : تبيَّن لنا أن ستر الرأس أفضل في قوم يعتبر ستر الرأس عندهم من أخذ الزِّينة ، أما إذا كُنَّا في قوم لا يُعتبر ذلك من أخذ الزينة : فإنَّا لا نقول : إنَّ ستره أفضل ، ولا إنَّ كشفه أفضل ، وقد ثبت عن النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام : " أنه كان يُصلِّي في العِمامة " ، والعِمَامة ساترة للرَّأس .

" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 2 / 166 ) .

وليس ثمة نص نبوي يوجب ، بل ولا يستحب ، تغطية الرأس ، لا في الصلاة ولا في غيرها من الأحوال .

قال علماء اللجنة الدائمة :

ستر رأس الرجل في الصلاة ليس واجباً ، والأمر في ذلك واسع .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 170 ) .

وقالوا :

لا يجب تغطية الرأس على الرجل في الصلاة ، ولا في غيرها ، ويجوز الائتمام بمن لا يغطي رأسه ؛ لأن الرأس بالنسبة للرجل ليس بعورة .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 171 ، 172 ) .

وقالوا :

تغطية الرجل رأسه في الصلاة ليست من سننها .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 172 ) .

وكل الفتاوى السابقة مذيلة بأسماء العلماء :

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

وإننا نوصي إخواننا الدعاة، وغيرهم من المشتغلين بالدعوة إلى الله تعالى ، أن يلتزموا ذكر الصحيح من الأحاديث ، وأن يجتنبوا الضعيف والموضوع – وما أكثره عندهم – ، وقد يسَّر الله من سبل العلم ما يسهل عليهم ذلك ، ويقطع عذر المعتذر ؛ فقد ازدادت العناية بتحقيق الكتب ، وبيان حال أحاديثها ، وصار الاتصال بأهل العلم أسهل من ذي قبل ، وها هي الأقراص العلمية ، والمواقع الموثوقة ، ولا يحتاج الأمر إلا إلى إرادة صادقة ، وشعور بأهمية ذلك والحاجة إليه .

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android