0 / 0
37,32516/03/2010

هل يدعو الله أن ينجح في الاختبار رغم تقصيره في الإجابة ؟

السؤال: 145439

أنا لا أقوم بأداء الاختبارات بطريقة جيدة ، فهل يجوز لي أن أدعو الله للحصول على درجة
النجاح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :

الأصل في المسلم أن يبذل الأسباب المؤدية للمطلوب ، مع ملازمة دعاء الله عز وجل بالتوفيق والسداد .

فإذا بذل العبد ما في وسعه من الأسباب ، ولو مع شيء من القصور والنقص ، فلا يمنعه ذلك من دعاء الله وسؤاله .

قال الحافظ ابن رجب : ” إنَّ اللهَ يحبُّ أنْ يسأله العبادُ جميعَ مصالح دينهم ودنياهم ، مِنَ الطَّعام والشراب والكسوة وغير ذلك ، كما يسألونه الهداية والمغفرة … وكان بعضُ السَّلف يسأل الله في صلاته كلَّ حوائجه حتّى ملحَ عجينه وعلفَ شاته “. انتهى ” جامع العلوم والحكم” (1/225).

فالدعاء من العبادات المشروعة مطلقاً ، وفي جميع الأحوال ، وليس في النصوص الشرعية ما يمنع منه في حال دون حال .

ولذلك كان الأنبياء والصالحون يسألون الله جميع حوائجهم قبل بذل السبب ، ومعه ، وبعده ، ومن دونه أحياناً ، فالدعاء بحد ذاته سبب لوقوع المقدور كباقي الأسباب الأخرى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” والصواب ما عليه الجمهور من أن الدعاء سبب لحصول الخير المطلوب ، أو غيره ، كسائر الأسباب المقدرة والمشروعة “. انتهى “اقتضاء الصراط المستقيم” (2 /229)

وقال : ” الدعاء سبب يَقضي الله به ما عَلِمَ أنه سيكون بهذا السبب ، كما يقضي بسائر الأسباب ما علم أنه سيكون بها “. انتهى ” مجموع الفتاوى” (14/366) .

وقال ابن القيم : ” فالدعاء من أقوى الأسباب ، فإذا قُدِّر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال لا فائدة في الدعاء ، كما لا يقال لا فائدة في الأكل والشرب وجميع الحركات والأعمال ، وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء ، ولا أبلغ في حصول المطلوب “. انتهى من “الجواب الكافي” صـ 8.

وقال الآلوسي : ” الدعاء حكمه حكم سائر الأسباب من الأكل والشرب والتحفظ من شدة الحر والبرد ، ففائدته كفائدتها “. انتهى “روح المعاني” (22 / 178) .

وفي الحديث : (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا) رواه أحمد (10749) وصححه الألباني .

والحاصل :

أنه يشرع لك دعاء الله بالحصول على درجة النجاح ، ولو لم تكتب الإجابات بشكل جيد كما تظن ، فكما أن التحضير الجيد سبب في النجاح ، فالدعاء سبب له أيضاً .

مع الحرص فيما يستقبل من الأمور على بذل السبب على أكمل وجه ومزجه بالدعاء والسؤال والتضرع .

كما قال ابن القيم : ” أحزم الناس من أدلى بالأسباب التي نصبها الله تعالى مفضية إلى المطلوب ، وسأل سؤال من لم يُدْلِ بسببٍ أصلاً ، بل سؤال مُفلسٍ بائسٍ ليس له حيلة ولا وسيلة “. انتهى” بدائع الفوائد” (2/188).

ثانياً :

كون الدعاء سبباً من الأسباب لا يعني الاقتصار عليه لحصول المطلوب إذا كان الأمر يتطلب بذل أسباب أخرى ، فمن المعلوم أن السبب المعيَّن قد لا يستقل بحصول المطلوب وحده ، بل لا بد من مشاركة أسباب أخرى له .

لذلك فمن المذموم أن يترك العبد الأخذ بهذه الأسباب المشروعة مع قدرته عليها ، ويعتمد على الطلب والدعاء والابتهال فقط.

قال ابن القيم : ” فيذم حيث كانت الأسباب مأموراً بها ، فتَرَكَها وأقبل على الدعاء ، كمن حصره العدو ، وأُمر بجهاده ، فترك جهاده وأقبل على الدعاء والتضرع أن يصرفه الله عنه ، وكمن  جهده العطش ، وهو قادر على تناول الماء ، فتركه وأقبل يسأل الله تعالى أن يرويه ، وكمن أمكنه التداوي الشرعي فتركه وأقبل يسأل العافية ، ونظائر هذا “. انتهى “بدائع الفوائد” (2/188).

والحاصل : أن المشروع أن يأخذ العبد بالأسباب الموصلة لمطلوبه شرعا وقدرا ، ثم لا يركن إلى هذه الأسباب ، ولا يكتفي بها وحدها ، بل يلهج بالدعاء والافتقار إلى الله ، كأنه لم يأخذ بسبب قط .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android