هل يدعو الله أن ينجح في الاختبار رغم تقصيره في الإجابة ؟
السؤال: 145439
أنا لا أقوم بأداء الاختبارات بطريقة جيدة ، فهل يجوز لي أن أدعو الله للحصول على درجة
النجاح ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الأصل في المسلم أن يبذل الأسباب المؤدية للمطلوب ، مع ملازمة دعاء الله عز وجل
بالتوفيق والسداد .
فإذا بذل العبد ما في وسعه من الأسباب ، ولو مع شيء من القصور والنقص ، فلا يمنعه
ذلك من دعاء الله وسؤاله .
قال
الحافظ ابن رجب : ” إنَّ اللهَ يحبُّ أنْ يسأله العبادُ جميعَ مصالح دينهم ودنياهم
، مِنَ الطَّعام والشراب والكسوة وغير ذلك ، كما يسألونه الهداية والمغفرة … وكان
بعضُ السَّلف يسأل الله في صلاته كلَّ حوائجه حتّى ملحَ عجينه وعلفَ شاته “. انتهى
” جامع العلوم والحكم” (1/225).
فالدعاء من العبادات المشروعة مطلقاً ، وفي جميع الأحوال ، وليس في النصوص الشرعية
ما يمنع منه في حال دون حال .
ولذلك كان الأنبياء والصالحون يسألون الله جميع حوائجهم قبل بذل السبب ، ومعه ،
وبعده ، ومن دونه أحياناً ، فالدعاء بحد ذاته سبب لوقوع المقدور كباقي الأسباب
الأخرى .
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية : ” والصواب ما عليه الجمهور من أن الدعاء سبب لحصول الخير
المطلوب ، أو غيره ، كسائر الأسباب المقدرة والمشروعة “. انتهى “اقتضاء الصراط
المستقيم” (2 /229)
وقال : ” الدعاء سبب يَقضي الله به ما عَلِمَ أنه سيكون بهذا السبب ، كما يقضي
بسائر الأسباب ما علم أنه سيكون بها “. انتهى ” مجموع الفتاوى” (14/366) .
وقال ابن القيم : ” فالدعاء من أقوى الأسباب ، فإذا قُدِّر وقوع المدعو به بالدعاء
لم يصح أن يقال لا فائدة في الدعاء ، كما لا يقال لا فائدة في الأكل والشرب وجميع
الحركات والأعمال ، وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء ، ولا أبلغ في حصول المطلوب
“. انتهى من “الجواب الكافي” صـ 8.
وقال الآلوسي : ” الدعاء حكمه حكم سائر الأسباب من الأكل والشرب والتحفظ من شدة
الحر والبرد ، ففائدته كفائدتها “. انتهى “روح المعاني” (22 / 178) .
وفي
الحديث : (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا
قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ
تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ،
وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا) رواه أحمد (10749) وصححه
الألباني .
والحاصل :
أنه
يشرع لك دعاء الله بالحصول على درجة النجاح ، ولو لم تكتب الإجابات بشكل جيد كما
تظن ، فكما أن التحضير الجيد سبب في النجاح ، فالدعاء سبب له أيضاً .
مع
الحرص فيما يستقبل من الأمور على بذل السبب على أكمل وجه ومزجه بالدعاء والسؤال
والتضرع .
كما
قال ابن القيم : ” أحزم الناس من أدلى بالأسباب التي نصبها الله تعالى مفضية إلى
المطلوب ، وسأل سؤال من لم يُدْلِ بسببٍ أصلاً ، بل سؤال مُفلسٍ بائسٍ ليس له حيلة
ولا وسيلة “. انتهى” بدائع الفوائد” (2/188).
ثانياً :
كون
الدعاء سبباً من الأسباب لا يعني الاقتصار عليه لحصول المطلوب إذا كان الأمر يتطلب
بذل أسباب أخرى ، فمن المعلوم أن السبب المعيَّن قد لا يستقل بحصول المطلوب وحده ،
بل لا بد من مشاركة أسباب أخرى له .
لذلك فمن المذموم أن يترك العبد الأخذ بهذه الأسباب المشروعة مع قدرته عليها ،
ويعتمد على الطلب والدعاء والابتهال فقط.
قال
ابن القيم : ” فيذم حيث كانت الأسباب مأموراً بها ، فتَرَكَها وأقبل على الدعاء ،
كمن حصره العدو ، وأُمر بجهاده ، فترك جهاده وأقبل على الدعاء والتضرع أن يصرفه
الله عنه ، وكمن جهده العطش ، وهو قادر على تناول الماء ، فتركه وأقبل يسأل الله
تعالى أن يرويه ، وكمن أمكنه التداوي الشرعي فتركه وأقبل يسأل العافية ، ونظائر هذا
“. انتهى “بدائع الفوائد” (2/188).
والحاصل : أن المشروع أن يأخذ العبد بالأسباب الموصلة لمطلوبه شرعا وقدرا ، ثم لا
يركن إلى هذه الأسباب ، ولا يكتفي بها وحدها ، بل يلهج بالدعاء والافتقار إلى الله
، كأنه لم يأخذ بسبب قط .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟