هل يجوز قراءة عدد من آيات القرآن متفرقات من عدة سور عندما نقوم بالدعاء أو عندما نطلب المغفرة؟
هل يشرع تخصيص آيات معينة تتلى قبل الاستغفار والدعاء ؟
السؤال: 145584
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا كان المقصود من السؤال تخصيص آيات معينة من عدة سور من القرآن لتُجعل بين يدي الدعاء أو الاستغفار ونحو ذلك ، كأنها أسباب لقبول الدعاء ، فلا يشرع مثل هذا ، بل هو من البدع المحدثات .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن تسمية سورة الكهف والسجدة ويس وفصلت والدخان والواقعة والحشر والملك بالسور المنجيات ؟
فأجابت :
” لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خص هذه السور الثمان بأنها توصف أو تسمى بالمنجيات ، فمن خص السور المذكورة بالمنجيات فهو جاهل مبتدع ، ومن جمعها على هذا الترتيب مستقلة عما سواها من سور القرآن رجاء النجاة أو الحفظ أو التبرك بها فقد أساء في ذلك وعصى ؛ لمخالفته لترتيب المصحف العثماني الذي أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم ، ولهجره أكثر القرآن ، وتخصيصه بعضه بما لم يخصه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه.
وعلى هذا فيجب منع هذا العمل والقضاء على ما طبع من هذه النسخ إنكارا للمنكر وإزالة له”
انتهى مختصرا .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (2 / 478-479) .
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :
“ومن البدع التخصيص بلا دليل ، بقراءة آية ، أو سورة في زمان أو مكان أو لحاجة من الحاجات ، وهكذا قصد التخصيص بلا دليل” انتهى .
” بدع القراءة ” (ص/14) .
وإذا كان المقصود السؤال عن الدعاء بالآيات الواردة بما يناسب الدعاء من طلب حاجة أو كشف ضر أو استغفار ونحو ذلك ، كأن يدعو الرجل ربه في حاجته بقوله : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ، أو يدعو لأهله وذريته بقوله : ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) أو يدعو في الكرب بقوله : ( لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) ، أو في الاستغفار قوله : ( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) ونحو ذلك : فلا بأس به ، بل هو مستحب مشروع ؛ لأن الدعاء بأدعية القرآن دعاء بجوامع الكلم ، ولما تتضمنه من التوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته ، وهو من أجلّ آداب الدعاء .
قال ابن القيم رحمه الله :
” من علم عبوديات الأسماء الحسنى والدعاء بها وسر ارتباطها بالخلق والأمر وبمطالب العبد وحاجاته عرف ذلك وتحققه فإن كل مطلوب يسأل بالمناسب له فتأمل أدعية القرآن والأحاديث النبوية تجدها كذلك ” انتهى .
“مدارج السالكين” (1 / 448) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
” يَنْبَغِي لِلْخَلْقِ أَنْ يَدْعُوا بِالْأَدْعِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا رَيْبَ فِي فَضْلِهِ وَحُسْنِهِ وَأَنَّهُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ” انتهى .
“مجموع الفتاوى” (1 / 346) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو ينكر على من يخترع أدعية ويتكلف في سجعها :
“أفضل الأدعية ما جاء في القرآن والسنة ؛ لأنه جاء من لدن حكيم خبير ، فيا ليت هؤلاء يجمعون أدعية القرآن التي جاءت في القرآن ، وكذلك الأدعية التي جاءت في السنة ويدعون الله بها لكان خيرا لهم من هذه الأسجاع” انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” (152 / 16) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب