أنا شاب عمري 24 سنة ولدي والدة طاعنة في السن وقد مات والدي عندما كنت في العاشرة، وأنا الأخ الأصغر لستة إخوة وأخت، كلهم متزوجون. أنا لست متزوجاً وبالتالي فإن والدتي تعيش معي. إنها امرأة ضعيفة ومريضة لذلك فهي بحاجة للرعاية وأنا أقوم بما أستطيع تجاهها ولكن لا بد لها من مزيد عناية. والمشكلة أن اخي الأكبر يصرّ على بقائها معي بحجة أنني لست متزوجاً، والحقيقة أن هناك بعض الضغوط من قبل زوجات اخوتي بحيث لا يردن بقاء أمي معهن. لذلك أجدني انا الوحيد المضطر للبقاء معها طوال الوقت. إن هذا الأمر لا يقلقني لأنني أدرك عظيم الأجر في ذلك. لكن كما هو معلوم فلن يستطيع رجل ان يقوم بحق امرأة كما تقوم به امرأة اخرى، والنساء يعلمن من حال بعضهن ما لا يعلمه الرجال. ولدي خيار اخر وهو ان أتزوج ولكني اخشى ان تأتي زوجتي فتدئب على دب زوجات اخوتي وتقول: لما أنا بالذات فُرض عليّ العناية بوالدتك دون سائر زوجات إخوتك؟! أو اخذ أي زوجة ترضى بالاعتناء بوالدتي وقد لا تكون بالقدر الكافي الذي احبه من حيث الجمال او غيره مما يبحث عنه الرجل. فلا أدري إذاًإن كان عليّ ان اقبل اي فتاة بشروطها التي ستشترطها علي مقابل ان تعتني بوالدتي. وأن أخبر إخواني بذلك ونقتسم العناية بها بيننا، أم ما هو العمل؟ و مع ذلك لا ادري عن مدى تجاوبهم معي، حينئذ كيف سأتصرف؟ ارجوا النصيحة والتوجيه في هذا الأمر مأجورين.
يرعى أمه المريضة ، ويريد الزواج .
السؤال: 145627
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
نسأل الله أن يجزيك الخير على مراعاتك حق والدتك المريضة المسنة ، وتلك شيم النبلاء الكرام ، وذاك عمل لا يضيع عند الله ، وأثره الطيب المبارك ستراه إن شاء الله في الدنيا والآخرة ، إذا أخلصت العمل لله ، وادومت على ما أنت عليه من البر بوالدتك .
راجع للوصية بالوالدين حال الكبر إجابة السؤال رقم : (49719) .
ثانيا :
لا حرج عليك في القيام بكافة ما تتطلبه خدمة الوالدة والعناية بطهارتها ولباسها ، ما لم يوجد نساء يقمن بذلك كأختك أو زوجة أخيك ؛ لأن قيامك بذلك مما اقتضته الضرورة الشرعية .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
يوجد لي أخت متزوجة ، وشاء الله أن يصاب والد زوجها بشلل نصفي ، وهو على الفراش ولا يقدر يقوم من على فراشه ، وأختي هي التي تقوم بشؤونه ، ولا يوجد عندهم شغالة ، بل هي التي تغسله وتروح به للحمام وتغير له ، فهل هي تعتبر محرما له أم لا ؟
فأجاب علماء اللجنة :
" إذا لم يتيسر من يقوم بهذا العمل من الرجال ، جاز لزوجة ابنه القيام به للضرورة ، ولكن تجعل ساترا على العورة ، وتغسلها من ورائه ، وتجعل على يدها قفازا أو لفافة ؛ لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24 / 424)
ثالثا :
الذي ننصحك به في أمر زواجك : أن تختار المؤمنة العفيفة الطيّعة ، التي ستراعي حقك في ذات نفسك .
وأما أمر والدتك ، وقيام زوجتك برعايتها : فالواجب أن يكون ذلك واضحا من أول يوم تقبل فيه على خطبتها ، وتجعل ذلك شرطا في زواجك بها ، بحيث لا يحتاج إلى لبس بعد ذلك ، وأنها لا علاقة لها بشأن زوجات إخوتك الآخرين ، فإن ساعدوها على ذلك : فالحمد لله ، وإن لم يساعدوها فإن تفريط الآخرين في حق والدتكم ، ليس عذرا في أن تفرط أنت ولا زوجك في شأنها.
ومع أن خدمة والدتك ليست في الأصل مما يجب على زوجتك ، فإن الشرط يلزمها بذلك إذا قبلته ؛ فهذا من ناحيتها ، وأما من ناحيتك أنت : فعليك أن تعلم أن خدمة أمك ورعايتها ، إنما هي واجب عليك أنت بالأصالة ، فلا تلق الحمل كله على زوجتك ، حتى ولو اشترطت عليها ذلك ورضيت به ، بل الواجب عليك أن تعينها في كل ما تقدر عليه ، وأن تجعل الأمر بينكما تعاونا ومساعدة ، والله تعالى يمن عليكم بعونه وتوفيقه وتيسير الخير وسبله لكم .
ولعل إخوتك أن يستحوا من ذلك ، أو تسحتي زوجاتهم ، أو يرغبن في الخير فيشاركن زوجتك ، وأختك أيضا ، في خدمة والدتك .
ثم أنه ليس من الضرورة أن تكون التي تقبل شرطك هذا هي أول امرأة تقابلك ، كيفما اتفق ، وعلى أية حال كانت ؛ بل من الممكن أن تجد فيها مع الدين والأمانة ، والقبول لظروفك ، أن تجد فيها قدرا معقولا مناسبا من الجمال والصفات المرغوبة في المرأة ، ولعلها أن تكون
دينة تقبل بأمك احتسابا لأجر رعاية الضعيف ، والبر بأهل زوجها .
وينظر : إجابة السؤال رقم : (130314) .
رابعا :
لا يجوز لك أن تقوم بعمل المساج لوالدتك ، والحال ما ذكرت من أنه يمكن أن تتولى ذلك النساء ، سواء كانت أختك ، أو زوجة أحد إخوتك ، أو امرأة أخرى ، ولو بأجرة . وذلك أن المساج يترتب عليه كشف ما لا ينبغي كشفه ، أو ملا مسته ، للرجل ، حتى ولو كان محرما غير الزوج .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة