بعد زواجي أمرت زوجتي بقص أظافرها (عدم تطويلها) اقتداء بالسنة وقد استجابت لمدة سنة والآن قد رجعت لعادتها بتطويل الأظافر وقد اشتد الخلاف لدرجة الانفصال (من جانبي مخالفتها السنة , من جانبها أنها سنة وأمر شخصي لا يدعو لتدخل الزوج كأمور مثل الحجاب) .
تخالفه زوجته فتطيل أظفارها بحجة أن ذلك أمر شخصي ! فماذا يفعل معها ؟
السؤال: 145959
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
تقليم الأظفار من خصال الفطرة ، ومن تمام العناية بالبدن وتمام نظافته .
روى البخاري (5891) ومسلم (257) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (الْفِطْرَةُ خَمْسٌ : الْخِتَانُ وَالِاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْآبَاطِ) .
قال الحافظ رحمه الله : “قَوْله : ( وَتَقْلِيم الْأَظْفَار ) الْمُرَاد إِزَالَة مَا يَزِيد عَلَى مَا يُلَابِس رَأْس الْإِصْبَع مِنْ الظُّفْر , لِأَنَّ الْوَسَخ يَجْتَمِع فِيهِ فَيُسْتَقْذَر , وَقَدْ يَنْتَهِي إِلَى حَدّ يَمْنَع مِنْ وُصُول الْمَاء إِلَى مَا يَجِب غَسْله فِي الطَّهَارَة” انتهى مختصراً .
وقد وقّت النبي صلى الله عليه وسلم لذلك أربعين يوما ، فلا يجوز للمسلم أن يتعداها .
روى مسلم (258) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : ( وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) .
ولا ينبغي للمسلم أو المسلمة التهاون بشأن هذه السنن التي حض عليها الشارع ، وأمر بها ، بدعوى أنها من الحريات الشخصية ، فما دام الشرع قد أمر بها ، فليس للمسلم إلا الامتثال ، قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب/36 .
وقال تعالى : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) النور/51 .
ثانياً :
يجب على الزوج في مثل هذه المسائل التحلي بالصبر والحكمة ، والنصح بالموعظة الحسنة .
– وينبغي التأكيد في النصيحة على جانب القدوة ، وأن المرأة المسلمة يجب عليها أن تتخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة ، تصديقا لقول الله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب/21 .
– وينبغي أن يكون النصح مقرناً بالترغيب والترهيب : الترغيب في ما عند الله من الجزاء الحسن بالمتابعة والطاعة ، والترهيب مما عند الله من العذاب بالعصيان والمخالفة .
– التذكير بحق الزوج على زوجته في طاعته وعدم عصيان أمره ، وخاصة عندما يأمر بما يأمر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وبيان أنه لا يحسن أبدا بالمرأة المسلمة أن تخالف أمر الله تعالى وأمر رسوله ، وتخالف زوجها ، لتتشبه بغير المسلمين !
– إبراز معنى الولاء والبراء بالتشبه بالصالحين ، وترك التشبه بالكافرين ومن حذا حذوهم من المنحرفين .
– التأكيد على أن هذه المسائل ليست – كما تقول الزوجة – أمرا شخصيا ، فهذا القول مخالف للشرع كما سبق ، ومخالف للعقل أيضاً ، فاهتمام المرأة بمظهرها وجمالها ليس أمراً شخصياً ، بل لزوجها في ذلك حق .
– لا ينبغي أبدا أن يصل الخلاف معها في مثل هذا إلى حد الانفصال ، وإنما الواجب احتواء المشكلة ، والسعي في معالجتها بالحكمة والموعظة الحسنة ، مع ضرورة عدم التساهل المفضي إلى المخالفة الشرعية .
وعليك – أخيرا – أن تكثر من الدعاء لها بقبول الحق والإذعان له .
ثالثاً :
هذه بعض فتاوى أهل العلم في هذه المسألة :
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
ما حكم تطويل الأظافر ؟
فأجابوا : “لا يجوز تطويل الأظافر ؛ لأن هذا مخالف لسنن الفطرة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم ومنها (قص الأظافر) فالواجب في تقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة وقص الشارب ، أن لا يترك شيء من ذلك أكثر من أربعين ليلة .
فيجب على هؤلاء النسوة التوبة إلى الله وترك هذه العادة السيئة المخالفة لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، والله سبحانه وتعالى يقول : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ، ويقول سبحانه : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (4/60) .
وقالوا أيضاً :
“الحكمة في ذلك : النظافة والنقاء مما قد يكون تحتها من الأوساخ ، والترفع عن التشبه بمن يفعل ذلك من الكفار ، وعن التشبه بذوات المخالب والأظفار من الحيوانات” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (5/173) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
“تطويل الأظافر خلاف السنة ، ولا يجوز أن تترك أكثر من أربعين ليلة ، وتطويلها فيه تشبه بالبهائم وبعض الكفرة” انتهى ملخصا .
“مجموع فتاوى ابن باز” (10/49) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هناك كثير من الطالبات إذا نصحناهن بأن تطويل الأظافر مخالف للسنة تساهلت بهذا وقالت بأن السنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها ، فهل من توجيه لهؤلاء النسوة ؟
فأجاب : “نعم ، أوجه كلمتي هذه إلى جميع النساء الصغار منهن والكبار وأقول :
على المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن تنجي نفسها من النار ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه وجد أن أكثر أهل النار النساء ، وعليها أن تتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد قال أنس رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت في الأظفار وشبهها مما يؤخذ أربعين يوما . وظاهر هذا الحديث أنه لا يجوز تأخير تقليم الأظفار أكثر من أربعين يوما .
وأما قولها إن السنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها : فهذا تهاون منها ، ألم تعلم أنها سيأتيها اليوم الذي تتمنى أن يكون في حسناتها زيادة حسنة واحدة ؟
ثم إن هذه الموضة من أين أخذت ؟ إنها ليست معروفة لا في أمهاتنا ولا في جداتنا .
ثم إن هذه الموضة التي يكون فيها المناكير يكون فيها شيء يمنع من وصول الماء إلى الظفر ، وهذا يخل بالوضوء ؛ إذ من شرط صحة الوضوء إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة أو إلى الظفر” انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” (116/24-25) .
وقال أيضا رحمه الله :
“من الغرائب أن هؤلاء الذين يدعون المدنية والحضارة يبقون هذه الأظافر مع أنها تحمل الأوساخ والأقذار ، وتوجب أن يكون الإنسان متشبها بالحيوان” انتهى .
“مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين” (11/87) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب