حكم التصدق بعد كل معصية
السؤال: 146238
هل يشرع لمن أتى معصية أن يتصدق بعدها ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
صدقة التطوع سنة مؤكدة في كل وقت ، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع العلماء
جاء
في “كشاف القناع” (2/295) : “وصدقة التطوع مستحبة كل وقت إجماعاً ; لأنه تعالى أمر
بها ورغب فيها وحث عليها…” انتهى ، وينظر جواب السؤال رقم (36783)
.
ثانياً :
الواجب على المسلم إذا عمل معصية أن يتوب إلى الله تعالى منها فوراً ؛ لقوله تعالى
: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ) سورة النور/31 .
وأمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم بالتوبة فقَالَ : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا
إِلَى اللَّهِ ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ) رواه
مسلم (2702) ، وينظر جواب السؤال رقم : (129479).
فإن
كانت المعصية متعلقة بحق آدمي ، كالسرقة والغصب…وجب رد الحق إلى صاحبه ، أو طلب
العفو والمسامحة منه ، وينظر بقية شروط التوبة الصادقة في جواب السؤال رقم : (104241)
.
ثالثاً :
لا
حرج أن يتصدق المسلم عقب كل معصية بشيء من ماله ؛ لعموم قوله تعالى : (إن
الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) هود/114 .
وقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا
وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ
سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) البقرة/271 .
قال
ابن جرير : “(وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ) بمعنى: ويكفر الله عنكم
بصدقاتكم..” انتهى .
وعن
أبي ذر رضي الله عنه قال : (لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ ، وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ
تَمْحُهَا…) رواه الترمذي (1987) وحسنه الألباني في “سنن الترمذي” .
وعن
كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (والصدقةُ
تُطْفِئُ الخطيئة كما يُطْفِئُ الماءُ النارَ) الترمذي (614) وصححه الألباني في
“سنن الترمذي” .
وثبت في قصة كعب بن مالك رضي الله عنه وتوبته عن التخلف عن غزوة تبوك أنه قال : قلت
: (يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي
صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ …
قَالَ له الرسول
صَلَّى
اللَّهُ
عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
أَمْسِكْ
عَلَيْكَ
بَعْضَ
مَالِكَ
فَهُوَ
خَيْرٌ
لَكَ) رواه البخاري (2758) ، ومسلم (2769) .
قال
النووي رحمه الله : “فيه استحباب الصدقة شكراً للنعم المتجددة لاسيما ما عظم منها”
انتهى من شرح مسلم .
وجاء في “مغني المحتاج” (3/206) : “ويسن التصدق عقب كل معصية قاله الجرجاني” انتهى.
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة