تنزيل
0 / 0

حكم الاشتراك في برنامج ” الحياة الثانية ” – ” Second Life ” – ؟

السؤال: 146283

انتشر في الآونة الأخيرة برنامج اسمه ” Second Life ” ، وهو عباره عن عالم ثلاثي الأبعاد يحاكي الواقع في كل شيء ، وفيه كل ما يخطر وما لا يخطر في بال البشر .
سؤالي : ما حكم الدخول إلى هذا البرنامج بالنسبه للمسلمين ؟ نحن لا نتكلم عن إيجابياته ولكن عن سلبياته بالنسبه للمسلمين من تكوين العلاقات المحرمة بين الجنسين ، والحوار بينهم بالصوت والزواج والطرفان يكونان غرباء ، وإقامة الزنى الإلكتروني بحجة أنهم متزوجون وإنجاب الأطفال ، وغير الملابس الخليعة وبيوت الدعارة وتضييع الأوقات بالساعات والصلوات وغيرها والأماكن – أو ما يسمَّى ” land ” – القذرة ، والرقص الماجن ، والغناء ، والكثير ، والجميع يعتبر ذلك غير محرَّم بحكم أنها مجرد لعبة ، ولا أحد يعرف من أنت ، إلا من رحم ربي .
فهل هذا حرام أم حلال شرعاً ؟ .
نرجو الرد سريعاً ؛ لأن الشباب والبنات المسلمين بدأوا بالدخول لهذا البرنامج ، وبدأ بالانتشار بينهم .
نرجو التركيز على سلبياته وما يحدث بين الشباب والبنات المسلمين ، وتوجيه النصيحه لهم ، والتنبيه من خطر هذا البرنامج الذي أعتبره كارثة بل طامة .
وجزاكم الله الفردوس الأعلى .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

يعيش الغرب حالة من الضياع النفسي والخواء الروحي في كثير من أفراده ، ومن غير
الغريب على من يعيش على تلك الشاكلة أن يبتدع كل يوم ما يظن أنه يملأ خواءه الروحي
وأنه يعالج به ضياعه النفسي ، فليس ثمة دين رباني يتمسكون به ، وليس ثمة أخلاق
فاضلة يتخلقون بها ، فتفككت أسرهم ، وضاع شبابهم ، وانحرفت نساؤهم ، حتى صار ”
الكلب ” أوفى للأسرة من أولادها ! وحتى غدا الشذوذ الجنسي مسيطراً على أذهانهم
وتفكيرهم ، فانتشر اللواط والسحاق في مجتمعاتهم ، وصنعوا الدمية الجنسية ليفرغوا
شهواتهم فيها ، وبكل حال فإن من يطلع عن كثب على أحوال الأسر والأفراد والمجتمعات
يجزم أنهم بلغوا الحضيض ، وأنهم يعيشون بلا هدف سامٍ ، ويقضون على ساعات حياتهم بكل
حلال وحرام حتى ينتهي بهم الأمر إلى حفرة يُدفنون فيها .

وليس ذلك بعجيب ممن تخلى عن دينه ورضي باللادينية ، أو بدين محرَّف قائم على تأليه
البشر ، لكن العجيب أن نرى أناسا من المسلمين يرضون بذلك ، ويتخذون أولئك السقاط
والدعار قدوة لهم ، يسيرون على نهجهم حذو القذة بالقذة ، فما أعظم كفران هؤلاء
لنعمة الله تعالى عليهم بالإسلام ، والله المستعان .

ثانياً:

برنامج ” الحياة الثانية ” لا يخرج في هدف إنشائه عما قلناه سابقاً ، والمراد منه ـ
ابتداءً ـ التحلل من القيود الدينية والأخلاقية وحتى القانونية ، ولذا جعلوا شعاره
” العالَم عالمك ، والخيال خيالك ” ! فيدخل فيه المشترك باسم مستعار ، ويفعل ما
يحلو له من المعاصي والموبقات ، وتضييع عمره في الإدمان على الخيال والأوهام .

والذي نجزم به – بعد الاطلاع على الموقع وعلى كثير مما كتب فيه وعنه – : أنه لا
يجوز لأحد من المسلمين أن يشترك فيه ؛ لما يحتويه على مفاسد كثيرة ، ومنها :

1.
تضييع العمر في عالم الوهم والخيال ، ويقتل المشترك في ذلك البرنامج بين 4 إلى 10
ساعات يوميّاً ! ولك أن تتفكر في حال ذلك الواهم الذي قتل تلك الساعات من عمره كل
يوم كيف سيكون مسلماً جادّاً في حياته الحقيقية ، وكيف سيؤدي واجباته الشرعية ،
وكيف سينجح في تكوين أسرة ونشر الفضيلة والخير في حياته الواقعية .

2.
ومن أعظم المفاسد في ذلك البرنامج السيء ما يحتويه على أماكن العهر والفساد كأماكن
الرقص ، وبيوت الدعارة ، وممارسة الرذيلة ، بشراء مجسمات للأعضاء الجنسية ليمارس
بها تلك الفاحشة ! وشراء المرأة الثياب الشفافة والمثيرة لإغراء الزبائن بفعل
الفاحشة ، ومن هنا اتجهت صرخات العقلاء حتى في العالم الغربي لمحاربة هذا الفساد في
ذلك البرنامج ؛ لوقوع كثير من الأطفال في قبضة مافيا الجنس ، إما لإثارتهم في فعل
الفاحشة ، أو اصطياد أولئك الأطفال في شبكات دعارة في واقعهم الحقيقي .

وقد
قالت تلك الجهات الأمنية والاجتماعية والنفسية : إن العالم الافتراضي الذي سيعيشه
الطفل في ذلك البرنامج
يمكن له نقله إلى عالم الواقع ،
إذا ما اعتاد على تلك المشاهد وتلك الممارسة ، وللمؤسسات البريطانية والألمانية
صرخات تحذير من هذا البرنامج وأثره السيء على الأطفال ، ولعلَّ هذا أن يخرس تلك
الألسنة التي تسخر من علماء المسلمين الذين يحذرون من الآثار السيئة للبرامج
والألعاب الحديثة , وأنهم ضد الجديد ، وأن هذه البرامج والألعاب فيها الخير والشر ،
وإنما يقول هذا من لا يعرف آثار تلك البرامج .

ولينظر جواب
السؤال رقم (

115149
)
ففيه الكلام عن الرسوم المتحركة الجنسية ، حقيقتها ، خطرها ، حكمها
.

3. في
البرنامج مجال واسع للمحادثة مع النساء وتكوين العلاقات المحرمة .

وقد بيَّنا حكم المراسلة والمحادثة بين الجنسين في فتاوى متعددة ، فانظروا أجوبة
الأسئلة : (

78375
) و (

34841
) و (

23349
) و (

20949
) ، (

26890
) ، (

82702
) .

4. في
البرنامج صرف للمسلم عن حياته الواقعية ، وتفريط في واجباته الملقاة على عاتقه ، من
كسب ، وبر والدين ، وتربية أولاد ، وطلب علم ، ودعوة إلى الله .

5. في
البرنامج أثر على العقيدة من جهات كثيرة ابتدا من ” اسم البرنامج ” ، فالحياة
الثانية في الإسلام هي الحياة البرزخية ، وهي ما سيعيشه المسلم من الفترة من بعد
الموت إلى قيام الساعة ، وهناك يكون إما منعماً أو معذَّباً ، أو ” الحياة الآخرة ”
يوم القيامة ، فإما نعيم مقيم ، وإما عذاب أليم . وجاء هذا البرنامج السخيف ليعرض ”
الحياة الثانية ” بتصورات صانعيه ، فتُصرف الأذهان والعقول والأبدان للعيش داخل ذلك
العالم الافتراضي في تلك الحياة الثانية ، فيضيِّع المسلم بذلك حياته الدنيوية
الأولى ، والثانية ، بل والثالثة وهي الحياة في الجنة .

وفي
البرنامج دعوة للأديان والمذاهب الباطلة ، ففيه الكنائس ، والمعابد ، وأوكار
الماسونية ، وهو باب فتنة قد يقع فيه ذلك الواهم الذي يعيش في عالمه الخيالي ،
فيصير حقيقة في عالمه الواقعي .

6. وكل من
قال إنه لا أثر للدخول في تلك الحياة الخيالية على واقع حياة الداخل فهو جاحد
للحقيقة ، وهذا من أخطر ما في البرنامج – وقد سبقت الإشارة إليه – وهو أن يترجم ذلك
المشترك حياته الثانية الخيالية لواقع عملي في حياته الدنيوية الأولى ، إن ذلك ”
اللعب ” هو تهيئة وتدريب على ممارسة ذلك عمليا ، وحينما تشتعل شهوته ، لما يراه
ويفعله في هذا البرنامج ؛ فلا بد له من تصريف ذلك ، أيا كان ذلك المصرف ، من حلال
أو حرام ، من زنا أو غيره من القاذورات . وقل مثل ذلك في لعب ” القمار ” ، والذهاب
إلى الشواطئ التي تكشف فيها العورات ، وغير ذلك من المحرمات .

7. يمكن
لهذا البرنامج أن يسبب أمراضاً نفسية للمشترك فيه ؛ فإنه في ” الحياة الثانية ” حر
طليق ، يلبس ما يشاء ، يصاحب من يشاء ، يفعل ما يشاء ، بل يطير إلى أين شاء ، ثم
إذا انتهى من البرنامج رجع لحياته الواقعية فاصطدم بالحقيقة وأن عليه واجبات ، وأنه
مقيَّد بدين أو بخلق أو بعادات أو بقانون ، وأن ما كان يفعله في تلك الحياة لن
يستطيعه في حياته الواقعية ، فهو هناك متزوج وهنا أعزب ، وهو هناك آمر وهنا مأمور ،
وهو هناك يطير وهنا ليس عنده سيارة ، وهكذا سيصطدم بالواقع مما قد يسبب له انفصاماً
في الشخصية ، وأمراضاً نفسية قد تؤثر في بدنه فتصبح معها أمراضاً عضوية ، أو قد
يقوده ذلك إلى الانتحار ، ولعله من أجل ذلك
أنشأت ” جامعة كاليفورنيا ” مقرّاً لها في برنامج ” الحياة الثانية ” من أجل دراسة
مرض ” انفصام الشخصية ”
!
.

وعليه :

فالذي نراه
أنه لا يجوز لعامة المسلمين الاشتراك في ذلك البرنامج ، ولا الدخول في عالمه ، وإذا
كان ثمة من يزعم أننا بحاجة لمن يعرِّف أولئك بالإسلام : فنقول له : إن ذلك التعريف
والتعليم يكون لأهل العلم والمعرفة ، وليس من قبل فرد واحد بل من مجموعة ، والذي
نعلمه أنه يوجد من يقوم بهذه المهمة هناك ، فلا داعي لجعل ذلك ذريعة لدخول عامة
المسلمين للدعوة إلى الله ، وليلتفتوا إلى حياتهم الأولى الحقيقية ، وليدْعوا
أهليهم وجيرانهم وأقرباءهم ، وليهتموا بأولادهم ، وليدَعوا الأشخاص الافتراضيين لمن
يعرف حالهم ، ويعرف كيف يدعوهم ، فالمنع للعامة هو المتعين ، ولا نستطيع إجراء
الحكم على دعاة مجتهدين ، أو مواقع إسلامية ، تخوض غمار تلك التجربة ، وتقوم
بالدعوة وتعريف الناس بدين الإسلام .

والله أعلم

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android