أمي مريضة مرضا مزمنا يجعل حركتها بطيئة جدا ، بحيث تحتاج إلى رعاية خاصة ، ولي ثلاثة إخوة ذكور ، أحدهما أعزب مقيم مع أمي ، والاثنان المتزوجان مقيمان بالبيت ، وحاليا مسافران بالخارج ، وزوجة أحدهما مع أمي ، ومعها أولادها الصغار ، والأخرى بأولادها عند أمها في غياب زوجها المسافر .
فهل خدمة أمي واجبةٌ عليَّ ، وأن أترك بيتي وأقيم مع أمي لخدمتها ، علما بأنني صحيا لا أستطيع التوفيق بين متطلبات منزل الزوجية وخدمة أمي ، خاصة وأني موظفة ، أم أصل رحم أمي فقط بما أستطيع لها من خدمة بقدر المستطاع فقط ، وأكون غير مذنبة ؟
هل يجب عليها السكن مع والدتها لخدمتها ؟
السؤال: 146393
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
حق الوالدين من الحقوق العظيمة في الإسلام ، قرنه الله عز وجل بحقه في كتابه الكريم ، وما زال نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يوصي به وصية خير وكرامة .
ولذلك نص العلماء رحمهم الله على وجوب رعاية الوالدين ، ووجوب خدمتهما في كل حال ، خاصة في حال الضعف والكبر والمرض .
جاء في ” الفتاوى الهندية ” (5/348) (حنفي) :
“إذا كان لرجل أو لامرأة والدان كافران : عليه نفقتهما ، وبرهما ، وخدمتهما ، وزيارتهما ، فإن خاف أن يجلباه إلى الكفر إن زارهما جاز أن لا يزورهما” انتهى .
وقال السفاريني رحمه الله :
“من حقوقهما : خدمتهما إذا احتاجا أو أحدهما إلى خدمة” انتهى .
“غذاء الألباب” (1/390) .
وقال النفراوي المالكي رحمه الله :
“وكما يلزم الولدَ الموسر نفقةُ أبويه الفقيرين يلزمه نفقة خادمهما ، وظاهره وإن كانا غير محتاجين إليه ، نعم ، يظهر أنه يلزمه اتخاذ خادم لهما إن احتاجا إليه ، وكذا يلزم الولد نفقة خادم زوجة أبيه” انتهى .
“الفواكه الدواني” (2/69) .
غير أن ذلك لا يوجب على المرأة المتزوجة أن تترك بيتها وزوجها لتعيش مع والدتها المحتاجة إلى خدمتها ، فالزوجة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها .
وقد ذكرت أن أخاك وزوجة أخيك يسكنان مع والدتك فإن كانا يقومان بخدمتها فقد حصل المقصود .
وإن كانت خدمتهما لا تكفي ، فالواجب عليكم استئجار خادمة لتقوم على رعايتها وخدمتها، ولا يلزمك أن تقومي بذلك بنفسك ، لا سيما وقد ذكرت أنك لا تستطيعين ذلك .
وعلى كل حال .. ينبغي أن تسعي بخدمتها بنفسك بقدر الاستطاعة ، فحق الأم عظيم ، وبرها والإحسان إليها من أعظم الواجبات .
وينبغي لزوجك أن يقدر ذلك ويتغاضى عن بعض التقصير الذي سيقع منك في بيتك بسبب رعايتك لأمك ، فمثل هذه الظروف الطارئة ينبغي للجميع أن يشتركوا في تحملها ، محتسبين الأجر والثواب عند الله تعالى .
ولا يدري الإنسان ، فلعله يصل إلى مثل هذه الحال فيحتاج من يقوم على خدمته .
ونسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب