تقوم النساء كما هي العادة عندنا ( وفى أماكن كثيرة أيضا كما لاحظت ) بعد الوضع بالعودة لمنزل والديها ، لكي تعتني بها والدتها لفترة بعد الولادة ، وأنا أدرك أن هذا أمر مفيد ، وخصوصا عند إنجاب الطفل الأول ، لأن الأم تكون ليست على علم بكيفية الاعتناء بالطفل حديث الولادة ، وهذا أيضا يقلل من فرصة حدوث اكتئاب ما بعد الولادة ، كما أن والدتها تتعهدها بالرعاية بعد المخاض ( في النفاس ) . فأرجو أن تلقوا بعض الضوء على رأى الإسلام على عودة المرأة لوالدتها في هذه الفترة ؟ وهل يجب أن يؤيد زوجها ذلك ؟ وجزاكم الله خيرا .
هل الأفضل بقاء المرأة في بيتها بعد الولادة في فترة النفاس أو ذهابها إلى بيت أهلها
السؤال: 146590
ملخص الجواب
الخلاصة : أن ذهاب المرأة إلى بيت أهلها : أمر لا حرج فيه ، خاصة مع وجود الحاجة إليه ، لكن يجب أن تستأذن زوجها ، فإن أذن لها : فلا تبقى بعيدة عن بيته إلا المدة التي أذن لها فيه ، مع وجوب مراعاة حقه وحاجته إليها . والله أعلم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الأصل في المرأة إذا تزوجت أن تقر في بيت زوجها ، قال الله تعالى آمرا نساء نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهن القدوة لسائر النساء في الخير : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) الأحزاب/33 .
قال القرطبي رحمه الله :
" معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت ، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى ؛ هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء ، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن ، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة ، على ما تقدم في غير موضع ." انتهى . من " تفسير القرطبي " (14/179) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" الدار تضاف إلى ساكنها ، كإفاضتها إلى مالكها ، قال الله تعالى : ( لا تخرجوهن من بيوتهن ) ؛ أراد : بيوت أزواجهن التي يَسْكُنَّها . وقال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ) " . انتهى من "المغني" (11/286) .
ثانيا :
ما جرت به العادة من ذهاب المرأة إلى بيت أهلها في أول نفاسها ، أمر لا حرج فيه شرعا ؛ ولا شك أن المرأة في فترة النفاس الأولى لا تستطيع أن تخدم نفسها ، فضلا عن أن تقوم بخدمة زوجها ، ومراعاة بيتها .
غير أن هذا الأمر ينبغي أن يكون برضا زوجها ، وإذنه لها في الخروج إلى بيت أهلها ؛ فإن لم يأذن الزوج ، أو علمت أنه يتأذى بذلك : فليس لها أن تخرج من غير إذنه ، وفي المقابل : فليس له أن يكلفها في هذه الفترة ما يشق عليها من الأعمال ، بل عليه أن يدعو أهلها إلى بيته لمراعاة ابنتهم ، إن كان ذلك متاحا ، أو يهيئ هو لها من أهله ، أو من غيرهم ، ولو بأجرة ، من يقوم بشأنها ، ويرعاها ، فإن لم يكن ذلك ممكنا ، كان عليه أن يساعدها هو ، وأن يعوضها ما فاتها من أنس أهلها ، ورعايتهم لها .
فإذا أذن الزوج لها في أن تذهب إلى بيت أهلها ، كما يفعل الأزواج عادة ، فعلى الزوجة مراعاة حق زوجها عليه : فلا تبقى في بيت أهلها من غير حاجة ، وليس لها أن تبقى مدة النفاس كاملة ، إلا إذا طابت نفس زوجها بذلك ،؛ فمن المعلوم أن كثيرا من الأزواج لا يصبرون عن زوجاتهم كل هذه المدة ، بل يحتاج إليها ، كما يحتاج الرجل إلى امرأته ، وإن كان لا يباح له جماعها في هذه الفترة ، فإن له أن يستمتع بها فيما عدا الجماع .
ومن المعلوم ـ أيضا ـ أن المرأة يمكنها أن تخدم نفسها ، وتنهض بأعبائها قبل انتهاء فترة النفاس ، وهذا يتفاوت بفتاوت حالة المرأة الصحية ، وطبيعة الولادة التي ولدتها .
والخلاصة :
أن ذهاب المرأة إلى بيت أهلها : أمر لا حرج فيه ، خاصة مع وجود الحاجة إليه ، لكن يجب أن تستأذن زوجها ، فإن أذن لها : فلا تبقى بعيدة عن بيته إلا المدة التي أذن لها فيه ، مع وجوب مراعاة حقه وحاجته إليها .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب