0 / 0
88,61418/03/2010

هل تقدم أم الأم على الأب في الحضانة؟

السؤال: 146836

توفيت أختي إثر حادث سير ، وعندها ثلاث بنات ، أكبرهن بعمر الخمس سنوات ، لمَن الحضانة لأبيهم أو جدتهم لأمهم؟ علما أن الأب يطالب بالدليل الشرعي إذا كانت الحضانة لأم الأم ، والبنات الآن مع جدتهم ، والأب يطالب بهم ، والزوج _ أبو البنات _ كان هو السائق أثناء الحادث وكان مسرعا جدا .
وهل تجب عليه دفع الدية ؟ وهل يعتبر قتلا خطأً؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :

الحضانة هي حفظ صغير ونحوه عما يضره ، وتربيته بما يصلحه .

وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن أحق الناس بالحضانة بعد الأم إذا ماتت أو لم تكن أهلا للحضانة : أمهاتها المدليات بإناث ، القربى فالقربى ، أي جدة الطفل لأمه ، وإن علت . وينظر : “المغني” (8/197) ، “الموسوعة الفقهية” (15/122) .

وذهب بعض أهل العلم إلى أن الأب مقدم على أم الأم ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله .

وقد بسط ابن القيم رحمه الله الكلام في هذه المسألة وبين سبب الخلاف فيها .

قال رحمه الله : “ولما كان النساء أعرف بالتربية ، وأقدر عليها ، وأصبر وأرأف وأفرغ لها ، لذلك قدمت الأم فيها على الأب .
ولما كان الرجال أقوم بتحصيل مصلحة الولد والاحتياط له في البضع ، قدم الأب فيها على الأم ، فتقديم الأم في الحضانة من محاسن الشريعة والاحتياط للأطفال ، والنظر لهم ، وتقديم الأب في ولاية المال والتزويج كذلك .
إذا عرف هذا ، فهل قدمت الأم لكون جهتها مقدمة على جهة الأبوة في الحضانة ، فقدمت لأجل الأمومة ، أو قدمت على الأب لكون النساء أقوم بمقاصد الحضانة والتربية من الذكور ، فيكون تقديمها لأجل الأنوثة؟

ففي هذا للناس قولان وهما في مذهب أحمد ، يظهر أثرهما في تقديم نساء العصبة على أقارب الأم أو بالعكس ، كأم الأم ، وأم الأب ، والأخت من الأب ، والأخت من الأم ، والخالة ، والعمة ، وخالة الأم ، وخالة الأب ، ومن يدلي من الخالات والعمات بأم ، ومن يدلي منهن بأب ، ففيه روايتان عن الإمام أحمد . إحداهما : تقديم أقارب الأم على أقارب الأب . والثانية وهي أصح دليلا ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية : تقديم أقارب الأب ، وهذا هو الذي ذكره الخرقي في “مختصره” فقال : “والأخت من الأب أحق من الأخت من الأم وأحق من الخالة ، وخالة الأب أحق من خالة الأم ، وعلى هذا فأم الأب مقدمة على أم الأم كما نص عليه أحمد في إحدى الروايتين” .

وقال : “والصواب : تقديم الأنثى مع التساوي ، كما قدمت الأم على الأب لما استويا ، فلا وجه لتقديم الذكر على الأنثى مع مساواتها له ، وامتيازها بقوة أسباب الحضانة والتربية فيها”.

وقال رحمه الله : “وقد ضبط هذا الباب شيخنا شيخ الإسلام ابن تيمية بضابط آخر . فقال : أقرب ما يضبط به باب الحضانة أن يقال : لما كانت الحضانة ولاية تعتمد الشفقة والتربية والملاطفة كان أحق الناس بها أقومهم بهذه الصفات وهم أقاربه يقدم منهم أقربهم إليه وأقومهم بصفات الحضانة . فإن اجتمع منهم اثنان فصاعدا ، فإن استوت درجتهم قدم الأنثى على الذكر، فتقدم الأم على الأب ، والجدة على الجد ، والخالة على الخال ، والعمة على العم ، والأخت على الأخ . فإن كانا ذكرين أو أنثيين ، قدم أحدهما بالقرعة يعني مع استواء درجتهما ، وإن اختلفت درجتهما من الطفل ، فإن كانوا من جهة واحدة ، قدم الأقرب إليه ، فتقدم الأخت على ابنتها ، والخالة على خالة الأبوين … وإن كانوا من جهتين ، كقرابة الأم وقرابة الأب مثل العمة والخالة ، والأخت للأب ، والأخت للأم ، وأم الأب ، وأم الأم ، وخالة الأب ، وخالة الأم قدم من في جهة الأب في ذلك كله على إحدى الروايتين فيه” انتهى من “زاد المعاد” (5/ 438 – 451) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : “وهذا الترتيب الذي ذكره المؤلف ليس مبنيا على أصل من الدليل ، ولا من التعليل ، وفيه شيء من التناقض ، والنفس لا تطمئن إليه ، ولهذا اختلف العلماء في الترتيب في الحضانة على أقوال متعددة ، ولكنها كلها ليس لها أصل يعتمد عليه ، لذلك ذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى تقديم الأقرب مطلقا ، سواء كان الأب ، أو الأم ، أو من جهة الأب ، أو من جهة الأم ، فإن تساويا قدمت الأنثى ، فإن كانا ذكرين أو أنثيين فإنه يقرع بينهما في جهة واحدة ، وإلا تقدم جهة الأبوة …

هذا الضابط هو الذي رجحه ابن القيم رحمه الله ، وقال : إنه أقرب الضوابط ، فعلى هذا أم وجد تقدم الأم ؛ لأنها أقرب ، أب وجدة (أم أم) فيقدم الأب ؛ لأنه أقرب ، أم وأب تقدم الأم ؛ لأنهما تساويا في القرب فتقدم الأنثى ، جد وجدة تقدم الجدة ، الخال والخالة تقدم الخالة ، وعلى هذا فقس ، جدة من جهة الأم وجدة من جهة الأب ، فتقدم الجدة من جهة الأب على قاعدة شيخ الإسلام رحمه الله ، خلافا لما مشى عليه المؤلف ” انتهى من ” الشرح الممتع” (13/ 536).

والحاصل : أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم ، وينبغي أن يتفاهم الأب والجدة على ما فيه المصلحة والمنفعة للأطفال ، فإن اختلفوا فالفصل في ذلك لجهة القضاء الشرعي .

ثانيا :

إذا كان الزوج قد ساق السيارة بسرعة مفرطة لم يتمكن معها من تفادي الحادث الذي يمكن تفاديه بالسير بالسرعة المعقولة ، فهو متسبب في الحادث ، ويضمن ما تلف بذلك ، فتلزمه كفارة القتل الخطأ لكل من مات بالحادث ، كما تلزمه الدية لورثة الميت إن طالبوا بها ، لكن الدية على عاقلته (وهم عصبته) لأنه من القتل الخطأ ، فإن لم يتيسر دفعها من العاقلة وجبت عليه .

ويرجع إلى أهل الخبرة في الحكم بأن السرعة الزائدة هي سبب الحادث أو سبب العجز عن تلافيه .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : “من محمد بن إبراهيم إلى حضرة فضيلة رئيس محكمة عرعر المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد:
فقد وصلنا كتابك رقم 125 وتاريخ 19/2/1383هـ المتضمن الاستفتاء عن سيارة انقلبت في طريق القصيم وتوفي فيها رجل وانكسر آخر، ويقول السائق : إن السبب انفجار الكفر الأمامي ، وإلا فإنه لم يسرع أكثر من ستين كيلو ، والفرامل سليمة ، والسائق خبير .. الخ.

والجواب: الحمد لله وحده ، الأصل براءة ذمة السائق ، فإن ثبت إدانته بشيء من الأشياء التي يعتبر فيها متعدياً أو مفرطاً : كالسرعة الزائدة ، أو خلل في الفرامل ، أو ضعف في الكفر ، أو زيادة حمولة السيارة ، ونحو ذلك مما يعد به السائق مفرطاً فذاك ، وإلا فليس لهم عليه سوى اليمين” انتهى من “فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم” (11/278) .

وينظر جواب السؤال رقم : (93687) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android