أسلمت صديقتها حديثاً فهل تخبرها بتحريم بقائها مع زوجها الكافر ؟
السؤال: 147026
إنني هذه الأيام أتحدث مع امرأة أمريكية أسلمت منذ وقت قصير ، وعلمت منها أنها متزوجة من رجل مسيحي ولديهم طفلان ، وهي سعيدة معه ، وعلى ما يبدو أنها لا تعلم حتى الآن حكم بقائها مع زوجها في هذه الحالة لأنها ما زالت تتعلم الإسلام ومسائله ، وأنا بدوري أحاول جاهدة مساعدتها في تعلم الإسلام بقدر ما أستطيع ، وأراني وصلت إلى نقطة محيرة ألا وهي مصارحتها بهذه المسألة ، أخشى إن أخبرتها بالحكم الشرعي أن تترك زوجها إذا أبى اعتناق الإسلام وتتمزق أسرتها ويتشرد أبناؤها ، وبالتالي ربما تُلقي باللائمة على الإسلام ، أو تترك الإسلام بالكلية ، إنها تعيش في إحدى المناطق في ” كالفورنيا ” حيث من الصعب أن تجد أحداً يتحدث معها عن الإسلام لأن معظم من حولها من الكاثوليك .
سؤالي هو : هل يتعين عليّ في الوقت الحالي أن أخبرها أن زوجها يجب عليه أن يعتنق الإسلام أو يتركها؟ إذا كان الأمر كذلك فكيف أفتح لها الموضوع وأخبرها به ؟ أم ما هو الحل الأمثل من وجهة نظركم في هذه الحالة ؟ .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
نشكر للأخت السائلة مبادرتها بالسؤال قبل التصرف بشيء ، ونشكر لها حبَّها للخير
لتلك المسلمة الجديدة .
وهذه العاطفة التي طُرح بها السؤال أمر تشكر عليه السائلة ، غير أنه يجب أن يُعلم
أن حكم الله تعالى هو الذي فيه المصلحة والخير للناس ، ولا يمكن أن يشرع الله تعالى
ما فيه ضرر للناس ومفسدة ، بل حيث خالف الناس شرع الله تعالى فثمَّ المفسدة والضرر
.
وهناك احتمال أن تؤثر هذه المرأة على زوجها وتقنعه بالإسلام ، فيكون في ذلك الخير
لهما ولأولادهما ولعائلتهما ممن سيدعوانه إلى الإسلام ، ويسلم بسببهما .
وإذا أصر زوجها على عدم الإسلام ، فالإسلام لا يبيح للمرأة المسلمة أن تبقى زوجة
لغير مسلم بأي حال من الأحوال .
قال
الله تعالى عن المؤمنات المهاجرات : (فَلَا
تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ
لَهُنَّ) الممتحنة/10، وليس في هذا ما يستغرب ولا يعاب به الإسلام ، فالمذاهب
النصرانية
لا
يزوجون بعضهم بعضاً وهم أهل ديانة واحدة ؟! فالكاثوليكي لا يستطيع أن يتزوج بامرأة
بروتستانتية ، وإن تجرأ على ذلك عوقب من قبل الكنيسة ، والعكس كذلك ، وولي العهد في
إحدى الدول الأوربية مهدد بالحرمان من العرش لأنه يريد الزواج من امرأة كاثوليكية ،
وهو بروتستانتي المذهب .
وفي
قانون الأقباط الأرثوذكس المصري الصادر عام 1938م تنص المادة السادسة على أن ”
اختلاف الدين مانع من الزواج ” .
وهذا الحكم في شرعنا المطهَّر فيه مصالح عظيمة ، وأعظمها أنه قد يكون ذلك التحريم
لاجتماع مسلمة مع زوجها الكافر سبباً في إسلامه ، فها
هي زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم تفارق زوجها لاستمراره على الكفر ، فيسلم ،
ويحسن إسلامه ، ويرجع لها ، وها هي أم سليم ترفض أبا طلحة زوجاً لكفره ، فيسلم ،
ويحسن إسلامه .
فقد
تكون صاحبتك هي السبب في دخول زوجها الإسلام ، فتكمل بذلك سعادتهما .
والذي
يختار الإسلام ديناً يجب أن يعلم أن الإسلام يعني الاستسلام لحكم الله تعالى ،
وينبغي أن يعلم أن الإسلام فيه الخير والسعادة والمصلحة في أحكامه وشرائعه ، وينبغي
أن يعلم أنه يجب عليه الدخول في الإسلام كافة ، ولا يؤمن ببعضه ويكفر ببعض ، وهذا
هو الظن في كل من يختار الإسلام ديناً .
ولا
مجاملة للناس على حساب الأحكام الشرعية ، فلا نسكت عن بيان حكم الإسلام في الزنا
والربا والقمار لمن دخل في الإسلام وهو يمارس تلك المعاصي والموبقات ، وعندما جاء
رجل يعلن إسلامه وكان متزوجاً بعشر زوجات : لم يمنع ذلك من قول النبي صلى الله عليه
وسلم : (اختر منهن أربعاً وفارق سائرهن ) رواه أبو داود (2241) وحسنه الألباني في
“إرواء الغليل” (1885) .
ثانياً :
أما
حكم المسألة نفسها : فإنه بمجرد إسلام الزوجة يحرم عليها زوجها الكافر .
روى
ابن أبي شيبة في “مصنفه” (5/90) عن داود بن كردوس قال : كان رجل من بني تغلب يقال
له : عبادة بن النعمان بن زرعة ، عنده امرأة من بني تميم ، وكان عبادة نصرانيا ،
فأسلمت امرأته وأبى أن يسلم ، ففرَّق عمر بينهما . انتهى .
والإجماع قائم على هذا الحكم ، لا فرق بين ابتداء النكاح واستدامته ، فلا يحل
اجتماع كافر مع مسلمة بعقد زواج البتة .
قال
الإمام الشافعي رحمه الله :
فحرَّم الله عز وجل على الكفار نساء المؤمنين لم يبح واحدة منهن بحال ، ولم يختلف
أهل العلم في ذلك .
“الأم” (5/153) .
فإذا أسلم الزوج الكافر بعد إسلام زوجته في وقت عدتها فهما على نكاحها ، وإن انقضت
عدتها ولم يسلم ، فأمرها بيدها إن شاءت تزوجت بغيره ، وإن شاءت انتظرته لعله يسلم
يوما من الدهر.
قال
ابن القيم رحمه الله :
“الذي دلَّ عليه حُكمُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أن النكاح موقوف ، فإن
أسلم قبلَ انقضاء عِدتها : فهي زوجتُه ، وإن انقضت عدتها : فلها أن تنكِحَ من شاءت
، وإن أحبَّت انتظرته ، فإن أسلم : كانَتْ زوجته مِن غير حاجة إلى تجديد نكاح”
انتهى .
“زاد المعاد في هدي خير العباد” (5/137) .
وانظري جوابي السؤالين (21690)
و (109194)
.
والله أعلم
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة