حديث اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك مكذوب لا أصل له
السؤال: 147108
قرأت أن عليا رضي الله عنه دعا بهذا الدعاء : ” اللهم أغننا عن خلقك ” فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا تقل هكذا ، فإن الخلق يحتاج بعضهم إلى بعض ، ولكن قل : اللهم أغننا عن شرار خلقك ) ، فهل هذه المعلومة صحيحة .
وأنا أدعو : ” اللهم أغنني بفضلك عن من سواك ” ، فهل صحيح هذا الدعاء ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
ورد
عن
علي رضي الله عنه أنه قال : اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك . قال : فسمعني النبي
صلى الله عليه وسلم فقال : لا تقل هكذا ، بل قل : اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك ،
الذين إذا أعطوا مَنُّوا ، وإذا منعوا عابوا .
وقد
جاء هذا الحديث من طريق أسد بن موسى ، ثنا خالد بن عبد الله القسري ، ثنا جعفر بن
محمد ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فذكر الحديث .
وخالد بن عبد الله القسري لم يوثقه أحد في الرواية ، بل قال العقيلي رحمه الله : ”
لا يتابع على حديثه ، وله أخبار شهيرة ، وأقوال فظيعة ، ذكرها ابن جرير ، وأبو
الفرج الأصبهانى ، والمبرد ، وغيرهم ” انتهى.
” تهذيب التهذيب ” (3/102)
وهذا كاف في إسقاط الحديث ورده ، فكيف إذا اجتمع إلى ذلك ضعف الأسانيد التي روي بها
عن أسد بن موسى
،
وقد روي عن أسد بن موسى من طريقين :
الطريق الأول :
يرويه أحمد بن سعيد بن فرضخ الإخميمي المصري الكذاب في كتابه : ” الاحتراف ” – كما
في ” لسان الميزان ” للحافظ ابن حجر (1/178) – قال ابن فرضخ :
حدثنا يوسف بن زيد هو القراطيسي ، ثنا أسد بن موسى ، فذكره .
وأحمد بن سعيد بن فرضخ هذا قال فيه الدارقطني رحمه الله :
روى …أحاديث في ثواب المجاهدين والمرابطين والشهداء
موضوعة كلها وكذب ، لا تحل روايتها ، والحمل فيها على ابن فرضخ ، فهو المتهم بها ،
فإنه كان يركب الأسانيد ، ويضع عليها أحاديث .
انظر: ” لسان الميزان ” (1/178)
الطريق الثاني : يرويه أبو محمد ابن حيان في ” طبقات المحدثين بأصبهان ” (3/512)،
وعنه أبو نعيم الأصبهاني في ” أخبار أصبهان ” (1/219) ـ ترقيم الشاملة ـ قال ابن
حيان : حدثنا عبد الله بن عبد السلام بن بندار ، قال ثنا بحر بن نصر ، قال ثنا أسد
بن موسى …فذكره .
وعبد الله بن عبد السلام بن بندار : لم نقف على جرح ولا تعديل فيه ، فلا تقبل منه
روايته .
والحاصل : أن هذا الحديث كذب لا أصل له ، لا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، بل يجب التحذير منه ، وبيان كذبه .
ولذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” وهو حديث لا أصل له ” انتهى.
” لسان الميزان ” (1/178)
ومثله حكم عليه الفتني في ” تذكرة الموضوعات ” (ص/58)
وقال ابن عراق رحمه الله :
”
قال السيوطي : لكن هذا الحديث أخرجه الديلمي من طريق أبي نعيم بسند ليس فيه ابن
فرضخ .
قلت
– أي ابن عراق – : المتابع لابن فرضخ عبد الله بن عبد السلام بن بندار : لم أقف له
على ترجمة ” انتهى.
”
تنزيه الشريعة ” (1/414)
وقال العجلوني رحمه الله :
”
قال ابن حجر المكي – نقلا عن الحافظ السيوطي – : إنه موضوع ” انتهى باختصار.
”
كشف الخفاء ” (1/188)
ثانيا :
ثبت
عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن حديث عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أيضا ،
أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ :
إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي .
قَالَ : أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا
أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ ؟
قَالَ : قُلْ : اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ ، وَأَغْنِنِي
بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ .
رواه الترمذي (رقم/3563) وقال : حسن غريب . وحسنه الألباني في ” السلسلة الصحيحة ”
(رقم/266) .
وهذا يدل على جواز الدعاء باللفظ الوارد في السؤال : ( وأغنني بفضلك عمن سواك )
والذي أنكرته هذه القصة المكذوبة ، وهو مما يؤكد بطلانها .
والله أعلم .
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟