أود رجاء أن أسألكم عن السند الكامل للحديث التالي ومدى صحته ونصه الصحيح :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مع جماعة من الصحابة رضي الله عنهم بالمسجد
وقال : ( سيدخل الآن رجل من أهل الجنة ) ، ودخل صحابي ، وتكرر ذلك ثانية ثم تكرر للمرة الثالثة. ، فأراد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يعرف ما الذي يتميز به هذا الرجل ولهذا فقد طلب منه أن يقيم معه في منزله 3 أيام ، وأوجد لذلك عذرا). وسمح له الرجل بأن يقيم معه. ولاحظ عبد الله بأن الرجل لم يفعل شيئا غير اعتيادي ، فهو لم يصم طوال الوقت وكان ينام جزءا من الليل ويصلى في الجزء الآخر وهكذا. ، ولهذا فقد أخبره عبد الله بعد مرور 3 أيام بالسبب الحقيقي لطلبه بأن يقيم معه وسأله عن السبب وراء كونه من أهل الجنة. فلم يذكر الرجل رضي الله عنه شيئا ، لكن بعد وهلة قال : إني كل ليلة قبل خلودي للنوم أعفو عمن ظلمني ، وأتخلص من أية ضغينة أحملها في قلبي تجاه أي أحد”. .
الكلام على حديث عبد الله بن عمرو : ( هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ )
السؤال: 147249
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
قال الإمام أحمد رحمه الله في مسنده (12720) :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى ، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ : إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ . قَالَ نَعَمْ قَالَ أَنَسٌ : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا . فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ : ( يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ ، قَالَ : فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ ؛ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ .
وهكذا رواه عبد الرزاق في “المصنف” (20559) وابن المبارك في “الزهد” (694) والنسائي في “الكبرى” (10699) وعبد بن حميد في “مسنده” (1157) والضياء في “المختارة” (2619) والبيهقي في “الشعب” (6605) وابن السني في “عمل اليوم والليلة” (754) والسمعاني في “أدب الإملاء” (ص 122) وابن عبد البر في “التمهيد” (6/122) كلهم من طريق معمر عن الزهري عن أنس به .
وقد اختلف العلماء في هذا الحديث :
فقال الهيثمي في “المجمع” (8/79) : ” رجال أحمد رجال الصحيح ” .
وقال المنذري في “الترغيب والترهيب” (3 / 348) :
” رواه أحمد بإسناد على شرط البخاري ومسلم ” .
وقال البوصيري في “اتحاف الخيرة المهرة” (6 / 25) :
“هذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم” .
وصححه الألباني ـ أولاـ في “الضعيفة” (1/25) .
وأعله غير واحد :
فقال الدارقطني في “العلل” (12/204) :
” هذا الحديث لم يسمعه الزهري من أنس .
رواه شعيب بن أبي حمزة ، وعُقيل ، عن الزهري ، قال: حدثني من لا أتهم ، عن أنس ، وهو الصواب ” انتهى .
وقال حمزة الكناني الحافظ :
” لم يسمعه الزهريُّ من أنس ، رواه عن رجل عن أنس . كذلك رواه عقيل وإسحاق بن راشد وغير واحد عن الزهريِّ ، وهو الصواب ” .
“تحفة الأشراف” (1/394) .
وقال البيهقي :
” هكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال أخبرني أنس ، ورواه ابن المبارك عن معمر فقال عن الزهري عن أنس ، ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال : حدثني من لا أتهم عن أنس بن مالك .
وكذلك رواه عقيل بن خالد عن الزهري في الإسناد ، غير أنه قال في متنه : فطلع سعد بن أبي وقاص لم يقل رجل من الأنصار ” انتهى مختصرا .
“شعب الإيمان” (5 / 264-265)
وكذا أعله الحافظ ابن حجر في “النكت الظراف” (1 / 394).
وقد اضطرب فيه عبد الرزاق ، فكان تارة يقول عن معمر عن الزهري أخبرني أنس ، وتارة يقول عن معمر عن الزهري عن أنس ، وهي رواية ابن المبارك وغيره عن معمر ، وهو الصحيح .
ومعمر بن راشد – وإن كان من أوثق الناس في الزهري – إلا أنه كان يحدث أحيانا فيخطئ.
قال أبو حاتم : ما حدث معمر بالبصرة فيه أغاليط وهو صالح الحديث .
وقال الذهبي : له أوهام معروفة .
وقال أحمد : كان يحدثهم بخطأ بالبصرة .
وقال يعقوب بن شيبة : سماع أهل البصرة من معمر حين قدم عليهم فيه اضطراب ، لأن كتبه لم تكن معه .
وقال ابن رجب :
حديثه بالبصرة فيه اضطراب كثير ، وحديثه باليمن جيد .
وقال ابن حجر : ثقة ثبت فاضل ، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئا ، وكذا فيما حدث به بالبصرة .
“التهذيب” (10/245) – “الجرح والتعديل” (8/256) – “ميزان الاعتدال” (4 / 154)
“شرح علل الترمذي” (ص 237) – “تقريب التهذيب” (ص 961) .
وقد خالفه الجماعة : عقيل بن خالد وشعيب بن أبي حمزة وإسحاق بن راشد فرووه كلهم عن الزهري عن رجل عن أنس ، مما يدل على أن الزهري لم يسمعه من أنس ، وأن بينهما رجلا مجهولا .
فالحديث معلول بجهالة الواسطة بين الزهري وأنس رضي الله عنه .
وإلى القول بإعلال الحديث عاد الشيخ الألباني رحمه الله ، بعد ما كان يصححه أولا .
قال رحمه الله ـ تعليقا على تصحيح الحافظ المنذري لإسناده :
” هو كما قال ، لولا أنه منقطع بين الزهري وأنس ، بينهما رجل لم يسم ، كما قال الحافظ حمزة الكناني … ثم الناجي ، وقال [ أي : الناجي ] : وهذه العلة لم يتنبه لها المؤلف [يعني : الحافظ المنذري] ..” . ثم قال الشيخ الألباني رحمه الله ، بعد ما نقل إسناده عن عبد الرزاق :
” وهذا إسناد ظاهره الصحة ، وعليه جرى المؤلف والعراقي في “تخريج الإحياء” (3/187) ، وجرينا على ذلك برهة من الزمن حتى تبينت العلة ؛ فقال البيهقي عقبه (5/265) : “ورواه ابن المبارك عن معمر، فقال : عن معمر، عن الزهري، عن أنس . ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري ، قال : حدثني من لا أتهم عن أنس … ، وكذلك رواه عقيل بن خالد عن الزهري” . وانظر: أعلام النبلاء(1/109) ، ولذلك قال الحافظ عقبه في “النكت الظراف على الأطراف”: فقد ظهر أنه معلول” . انتهى .
“ضعيف الترغيب” (2/247) هامش (1) .
وللحديث شاهد رواه البيهقي في “شعب الإيمان” (6607) من طريق معاذ بن خالد أنا صالح عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ليطلعن عليكم رجل من هذا الباب من أهل الجنة … الحديث بنحوه .
وهذا إسناد ضعيف جدا :
معاذ بن خالد قال الذهبي : له مناكير ، وقد احتمل .
“ميزان الاعتدال” (4 / 132)
وصالح هو ابن بشير بن وادع المعروف بالمري متروك ، قال ابن معين وابن المديني وصالح بن محمد : ليس بشيء . وقال عمرو بن علي : ضعيف الحديث يحدث بأحاديث مناكير عن قوم ثقات . وقال الجوزجاني : كان قاصا واهي الحديث . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال ابن عدي : عامة أحاديثه منكرات تنكرها الأئمة عليه .
“تهذيب التهذيب” (16 / 4) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله عن هذا الشاهد :
“فيه صالح المري ، وهو ضعيف ، وهو مخالف للحديث قبله من وجوه ، كما هو ظاهر”اهـ “ضعيف الترغيب” (2/247) هـ(2) .
والخلاصة : أن هذا الحديث مختلف في تصحيحه بين أهل العلم ، فمن أهل العلم من يصححه ، ومنهم من يعله ، وقد رجح غير واحد من نقاد الحديث ، وعلماء العلل ضعف الحديث وانقطاعه ، ولعل القول بتضعيف الحديث أقرب وأولى بالصواب .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب