هل يجوز للمحامي أن يطالب بأتعابه في قضية قد نقض الاتفاق فيها ، من ناحية المبلغ المتفق عليه ، ومن ناحية المدة المحددة لإنجاز المهمة ، ولم ينجزها ، وذلك أكثر من مرة ، وبدون جدوى ؟
هل يجوز للمحامي أن يطالب بأتعابه في قضية قد نقض الاتفاق فيها ؟
السؤال: 147668
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الاتفاق الذي تم بينكم وبين المحامي المشار إليه هو نوع من أنواع الإجارة على القيام بعمل معين ، أو وكالة بأجرة لتنفيذ مهمة يطلبها المؤجر ، أو الموكل ، وكلاهما جائز لا حرج فيه ؛ لكن لا يستحق الأجير ، أو الوكيل ، الأجرة المتفق عليها إلا بتنفيذ العمل المطلوب .
ومن حق المؤجر ، أو الموكل ، أن يطلب تنفيذ عمله في مدة يتفق عليها الطرفان ، ويكون ذلك شرطا ملزما لهما ، بحيث لا يستحق الموكل أن يطلب من الوكيل إنجاز العمل قبل ذلك ، أو يفسخ الإجارة بينهما ، قبل انتهاء موعدها .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ) رواه أبو داود (3120) وصححه الألباني .
وأما إذا انقضت المدة المتفق عليها ، من غير أن ينجز الوكيل ما طلب منه من عمل ، فللموكل ، أو المؤجر الخيار في فسخ العقد الذي بينهما نهائيا ، أو تمديد المدة على ما يتراضيان عليه ، أو الاتفاق على عقد جديد ، على ما يريان ، من غير أن يستحق عن العمل الذي عمله قبل ذلك ، أو المدة التي أمضاها فيه شيئا من الأجر .
وليعلم أن للأجل اعتبارا كبيرا في إنجاز الأعمال ، وخاصة في مثل الصورة المذكورة التي يترتب على الإخلال بالأجل فيها ضرر كبير ؛ خاصة إذا لم يتم تحديد موعد معقول بعد انقضائه ، فهذا يضيع الفائدة من هذه الوكالة ، ويعني أن يبقى الأمر معلقا ، إلى أن يمضي المحكوم عليه المدة المحددة له ، ثم يخرج بعد انتهائها ، وهذا لا يقول به عاقل .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (45/91) :
" يَسْتَحِقُّ الْوَكِيل الأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ مَا عُهِدَ إِلَيْهِ بِتَنْفِيذِهِ إِلَى الْمُوَكِّل ، إِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ ، كَثَوْبٍ يَنْسِجُهُ أَوْ يَخِيطُهُ ؛ فَمَتَى سَلَّمَهُ إِلَى الْمُوَكِّل فَلَهُ الأُجْرَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا …
وَإِنْ وَكَّل رَجُلٌ آخَرَ فِي أَنْ يَبِيعَ لَهُ سِلْعَةً أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَوْ يَحُجَّ عَنْهُ، اسْتَحَقَّ الأجْرَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا إِذَا أَتَمَّ الْعَمَل حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَقْبِضِ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ، وَلَكِنْ لَوِ اشْتَرَطَ الْمُوَكِّل عَلَى الْوَكِيل تَسْلِيمَ الثَّمَنِ حَتَّى يُعْطِيَهُ الأجْرَ، وَلَمْ يَقُمِ الْوَكِيل بِالتَّسْلِيمِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنَ الأْجرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وتستحق الأجرة … بأمور ، منها :
أولاً: بتسليم العمل الذي في الذمة ، فإذا استأجرت عاملاً على أن يحرث لك هذه الأرض، وحرثها، فإنه يستحق الأجرة الآن، بكل حال؛ لأنه أدى ما عليه فاستحق ماله، ولا يملك المطالبة بتسليمها له قبل تمام العمل؛ لأنه من الجائز أن لا يتم العقد الذي بيني وبينه " .
" الشرح الممتع " (10/86) .
والحاصل :
إن هذا المحامي لا يستحق شيئا من الأجرة ، على ما بذله من عمل ، ما دام لم يتم المهمة التي وكل فيها ، في الوقت المتفق عليه ، فإن أردتم الاتفاق معه من جديد على شيء آخر ، فذلك لكم ، وإلا لم يكن له المطالبة بشيء عما مضى .
والله الموفق .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب