0 / 0

حكم كتابة معاني غريب القرآن في المصحف الشريف

السؤال: 147968

حكم كتابة أو شرح معاني كلمات في صفحات المصحف ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين :

القول الأول : يجوز كتابة معاني القرآن الكريم وتفسيره في هامش المصحف الشريف .

قال أبو الوليد الباجي رحمه الله :

” فأرادت عائشة أن تثبتها في المصحف – يعني كلمة ” وصلاة العصر ” في قوله تعالى : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) البقرة/238 – لأنها اعتقدت جواز إثبات غير القرآن مع القرآن ، على ما روي عن أبي بن كعب وغيره من الصحابة أنهم جوزوا إثبات القنوت وبعض التفسير في المصحف ، وإن لم يعتقدوه قرآنا ” انتهى باختصار وتصرف يسير.

” المنتقى شرح الموطأ ” (1/246)

وروى أشهب عن الإمام مالك قوله :

” لا يزاد في المصاحف ، وأما مصاحف صغارٍ يَتعلم فيها الصبيان وألواحهم فلا بأس بذلك ” انتهى .

” المنتقى شرح الموطأ ” (1/344)

وقال صاحب كتاب ” الكافي ” من كتب الحنفية :

” إن كتب القرآن وتفسير كل حرف وترجمته جاز ” انتهى.

نقله في ” فتح القدير ” (1/286)، وأورده أيضا في ” رد المحتار ” (1/486) ونقل قولا آخر ظاهره يخالفه سيأتي نقله في القول الثاني .

وما زال فقهاء الشافعية وغيرهم يبينون حكم مس المُحدث ” المصحف المحشَّى ” يعني بالتفسير ، من غير نكير من أحد منهم على هذا الفعل .

انظر: ” حاشية البجيرمي ” (1/49)

القول الثاني : لا ينبغي كتابة شيء من التفسير داخل المصحف الشريف

وقد وردت آثار عن السلف يدل ظاهرها على كراهة كتابة أي شيء في المصاحف :

عن عطاء رحمه الله :

كان يكره التعشير في المصحف ، وأن يكتب فيه شيء من غيره .

والتعشير وضع حلقة في المصحف عند منتهى كل عشر آيات .

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :

أنه رأى خطا في مصحف فحَكَّه وقال : لا تخلطوا فيه غيره .

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :

جَرِّدُوا القرآن ولا تلبسوا به ما ليس منه .

وعن إبراهيم النخعي رحمه الله :

كان يقال جَرِّدُوا القرآن .

رواها ابن أبي شيبة في المصنف (2/328) بسنده .

وجاء في ” مصنف ابن أبي شيبة ” (7/180) أيضا : ” حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر عن عامر قال : كتب رجل مصحفا ، وكتب عند كل آية تفسيرها , فدعا به عمر فقرضه بالمقراضين ” .

ولكنه أثر ضعيف ، فيه جابر بن يزيد الجعفي ضعيف ، وفيه انقطاع ؛ لأن عامر بن شراحيل الشعبي لم يسمع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

وجاء في كلام بعض المتأخرين من أهل العلم :

قال أبو عبد الله الحليمي من فقهاء الشافعية رحمه الله – في وجوه تعظيم القرآن -:

” ومنها : أن لا يخلط في المصحف ما ليس من القرآن بالقرآن ، كعدد الآيات ، والسجدات ، والعشرات ، والوقوف ، واختلاف القراءات ، ومعاني الآيات ” انتهى.

نقله البيهقي في ” شعب الإيمان ” (3/330)

وقال الجرجاني رحمه الله – من علماء الشافعية – :

” من المذموم كتابة تفسير كلمات القرآن بين أسطره ” انتهى

نقلا عن “الإتقان في علوم القرآن” (2/455)

وفي “الدر المختار” (1/486) من كتب الأحناف :

” ويكره كتب تفسيره تحته ” انتهى .

علق عليه ابن عابدين رحمه الله بقوله :

” مخالف لما نقلناه عن ” الفتح ” آنفا , لكن رأيت بخط الشارح في هامش ” الخزائن ” عن حظر ” المجتبى ” : ويكره كتب التفسير بالفارسية في المصحف كما يعتاده البعض , ورخص فيه الهندواني ، والظاهر أن الفارسية غير قيد ” انتهى.

” رد المحتار ” (1/486)

ويقول علماء اللجنة الدائمة :

” الأصل الذي جرى عليه عمل الأمة : هو تجريد كتاب الله تعالى من أي إضافة إليه ، ويبقى تداول المصحف برسمه المتداول بين المسلمين ، دون إضافة أو نقص .

لهذا ننصحك بترك ما ذكر من التحشية على المصحف ، وبوسعك أن تكتب ما تحتاج إليه في أوراق خاصة تشير إلى اسم السورة ورقم الآية ، فتجمع بين المحافظة على كتاب الله تعالى ، وبين تقييد ما يفيدك ويعينك على فهمه .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد .

” فتاوى اللجنة الدائمة ” المجموعة الثانية (3/53،54)

والأظهر في ذلك ، إن شاء الله ، هو القول بالجواز ، وذلك لما يأتي :

عدم قيام الدليل الصحيح الذي ينهى عن كتابة شيء من معاني القرآن الكريم في المصحف الشريف .

فعل بعض الصحابة واشتهارهم بكتابة التفسير في مصاحفهم .

ويظهر أن علة كراهة مَن كره ذلك هي خوف التباس كلام الله تعالى بغيره من الكلام ، ودرء الخطأ بزيادة أو نقصان قد يقعان في المصاحف ، فلما حفظ الناس القرآن وانتشرت المصاحف في أيدي المسلمين ، لم تبق أي حجة للمنع .

قال يحيى بن أبي كثير :

” كان القرآن مجرّدا في المصاحف ، فأوّل ما أحدثوا فيه النّقط على الباء والتّاء والثّاء ، وقالوا : لا بأس به ، هو نور له ، ثمّ أحدثوا نقطا عند منتهى الآي ، ثمّ أحدثوا الفواتح والخواتم ” انتهى .

انظر “نقط المصاحف” لأبي عمرو الداني ( 1/2) ، “الإتقان في علوم القرآن” (2/454)

وفي ” حاشية ابن عابدين ” (6/386) :

” ما روي عن ابن مسعود : ” جرِّدوا القرآن ” : كان في زمنهم ، وكم من شيء يختلف باختلاف الزمان ، والمكان ، كما بسطه الزيلعي ، وغيره ” انتهى.

وقد نص العلماء على جواز تنقيط المصاحف وتشكيلها بالحركات ( الكسرة والضمة والفتحة ونحوها ) وكتابة أسماء السور وعدد الآيات وعلامات الوقف ونحو ذلك ، مما يعين على الفهم والقراءة ، ولم يلتبس بكلام الله تعالى ، وينبغي أن يكون كذلك الحكم أيضا في كتابة التفسير والمعاني في هامش المصاحف في عصرنا هذا ، فإن طباعة المصحف الشريف قد تطورت وتحسنت كثيرا ، بحيث يبعد أن يختلط كلام الله تعالى بغيره من كلام البشر .

كما أن هناك من المصاحف ما طبع التفسير بهامشها طباعة حديثة واضحة ، وقد تحققت بذلك فوائد عديدة , وتيسَّر العلم بالتفسير على كثير من الناس ، وخاصة في المصاحف التي ترجمت معاني الآيات فيها إلى اللغات المختلفة .

ويَقْوَى الحكم بالجواز وعدم الكراهة في حالة وجود حاجة التعلم ، فإذا كان طالب العلم يستفيد من وضعه معاني الكلمات وبعض القراءات في هامش المصحف فلا حرج عليه إن شاء الله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android